التخبّط يعصف بالبورصة المصرية ويعكّر مزاج المستثمرين

19 اغسطس 2015
بورصة مصر تراجعت بأكثر من 8% خلال هذا الأسبوع(أرشيف/Getty)
+ الخط -
"مع تهاوي مستويات الدعم في بورصة مصر، بدأ المستثمرون في التخلّص من الأسهم بأي سعر". هكذا يصف أحد المتعاملين حال البورصة المصرية في الآونة الأخيرة وسط حالة من تضارب القرارات والمواقف الحكومية تجاه المستثمرين والقوانين المتعلقة بهم وتأجيلها.

وواصلت البورصة المصرية، اليوم الأربعاء، تراجعها للجلسة السادسة على التوالي، وهبط مؤشرها الرئيسي 2.13%، ليصل إلى 7240.77 نقطة، تحت وطأة مبيعات العرب والأجانب، لتسجل أدنى مستوى لها منذ 19 شهراً.

وخسرت الأسهم المصرية نحو 8.5 مليارات جنيه من قيمتها السوقية اليوم.

وهوى المؤشر الرئيسي لبورصة مصر بأكثر من 8% منذ بداية تعاملات هذا الأسبوع، وفقدت أسهمه نحو 37.3 مليار جنيه من قيمتها السوقية.

وامتنع عدد من كبار العاملين في بنوك الاستثمار في مصر عن التعليق على موجة الهبوط في السوق.

لكن عيسى فتحي، من القاهرة لتداول الأوراق المالية، قال إن "المستثمرين بدأوا في التخلص من الأسهم بأي سعر. لا توجد إدارة اقتصادية في مصر تحمي المتعاملين وتوضح لهم الآثار المحتملة على الاقتصاد الوطني مع أي متغيّرات داخلية أو خارجية".

وسيطرت عمليات البيع على تعاملات العرب والأجانب منذ مطلع الأسبوع الحالي مقابل مشتريات من قبل المؤسسات المحلية. وتتجه تعاملات الأجانب، منذ بداية يوليو/ تموز الماضي، إلى الشراء، بينما تتجه المؤسسات المحلية والعرب إلى البيع.

ولم تدخل الحكومة المصرية حتى الساعة تعديلات على ضريبة الدخل لتكون بحد أقصى 22.5% بدلاً من 25% و30% حالياً، كما أن تأخر صدور قانون ينص على تجميد العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية في السوق لمدة عامين يثير جوّاً من الضبابية ويرخي بظلاله على مناخ الاستثمار في البلاد.

وقال هاني حلمي، من الشروق للسمسرة في الأوراق المالية: "ما يحدث في البورصة دليل على ما يحدث في مصر من إحباط للمواطن والمستثمرين بسبب تخبّط القرارات. المزاج العام للمتعاملين في السوق سيئ. حتى الآن، لا يوجد عندك مجلس نواب في مصر".

وأضاف حلمي: "هناك لخبطة سياسية واقتصادية الآن في مصر"، على حد قوله.

ومن القرارات التي تعكس تخبط الحكومة المصرية تراجعها عن قانون يحظر استيراد القمح بعد أسبوع واحد فقط من إقراره، بالإضافة إلى تحديد أكثر من توقيت لبدء استخدام البطاقات الذكية في توزيع المواد البترولية قبل أن يتم التراجع عن تنفيذه قبيل حلول الموعد المحدد.

اقرأ أيضاً: تصريحات السيسي تثير تضارباً حول تكلفة وإيرادات قناة السويس

لكن كريم عبد العزيز، الرئيس التنفيذي لصناديق الأسهم في الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار التابعة للبنك الأهلي المصري، أكبر بنك حكومي في البلاد، يرى بعض الضوء في الصورة الاقتصادية.

وقال عبد العزيز إن "الوضع الاقتصادي في مصر جيد، بدليل الطرق الجديدة وافتتاح قناة السويس الجديدة بجانب الاستقرار السياسي والأمني".

وفي المقابل، اعترف عبد العزيز بأن "المشكلة التي تؤثر على سوق المال والمناخ الاستثماري بشكل عام هي خروج بعض القوانين في 24 ساعة وقوانين أخرى خلال 3 سنوات. نحتاج للتريّث وعدم السرعة أو التأخير الكبير في القوانين".

ويرى محمد ماهر، من برايم للأوراق المالية، أن ما يصفه "بالارتباك في السياسة المالية والنقدية" هو السبب الرئيسي في ما يحدث في السوق.

وألقى ماهر باللوم على "ارتباك السياسة المالية في ما يخص قوانين ضريبة البورصة وضريبة الدخل سواء للأفراد أو الشركات.. والسياسة النقدية من حيث عدم توفر العملة الصعبة للشركات والمتعاملين الأجانب".

وقال أيمن حامد، العضو المنتدب لقطاع السمسرة بشركة النعيم لتداول الأوراق المالية، إن هناك مجموعة من العوامل الاقتصادية في الداخل والخارج سيطرت على تعاملات البورصة المصرية ودفعتها للنزول بقوة.

وأضاف أن الاقتصاد المصري في وضع حرج ودقيق، وأن الحكومة عليها أن تعمل على حل المشكلات التي تواجه الاستثمار في مصر لجذب المستثمرين العرب والأجانب وتهيئة المناخ، لتوفير العملة الصعبة وتقليل الضغوط على الجنيه المصري.

ومن أبرز العوامل الداخلية التي تؤثر على أداء البورصة المصرية الاعتراضات الشديدة على قانون الإرهاب الجديد الذي وُوجه بانتقادات من منظمات حقوقية مصرية وعالمية، وتوسع السلطات المصرية في التحفظ على أموال معارضين سياسيين لها ومصادرة أموال 14 شركة صرافة بزعم انتماء أصحابها لجماعة الإخوان وإحالة أكبر شركة مصرية لإنتاج السجاد في منطقة الشرق الأوسط للنيابة بتهمة الاحتكار.

وقام هشام رامز، محافظ البنك المركزي، في فبراير/ شباط الماضي، بفرض حد أقصى على الإيداع النقدي بالدولار في البنوك عند 10 آلاف دولار يومياً للأفراد والشركات وبإجمالي 50 ألف دولار شهرياً، وهو ما نجح في القضاء إلى حد كبير على السوق الموازية للعملة، لكنه أثار مصاعب للشركات في الحصول على العملة الصعبة واستيراد احتياجاتها من الخارج.

كما خفض رامز أيضاً قيمة العملة المحلية أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، إلا أن المستثمرين ينتظرون تخفيضاً أكبر للجنيه.

وكان قرار تجميد أموال رجل الأعمال المصري صفوان ثابت، رئيس شركة "جهينة"، دليلاً آخر على تخبط المواقف الحكومية. فقرار تجميد الأموال صدر بعد أسبوع من قرار رفع اسم ثابت من الممنوعين من السفر للخارج وبعد شهر من تشجيع ومدح ثلاثة وزراء من الحكومة الحالية للشركة ورئيسها خلال التوقيع على اتفاقية مشروع جديد مع آرلا الدنمركية.

وبعد أن أصدر جهاز حماية المنافسة، أمس، بياناً يعلن فيه إحالة شركة "النساجون الشرقيون"، التي يملكها رجل الأعمال محمد فريد خميس، للنيابة العامة بتهمة القيام "بممارسات احتكارية"، نفت الشركة، اليوم، تلقيها من الجهاز ما يفيد بإحالتها للنيابة، كما نفت ارتكاب أي مخالفات.

وقال فتحي "لا نحتاج في البورصة من يأتي لقرع جرس التداول، بل نحتاج من يساعدنا بعدم تأخير القوانين والعمل على تحفيز المستثمرين والاقتصاد".

اقرأ أيضاً: التحفظ على أموال صاحب "جهينة" يهبط ببورصة مصر

المساهمون