تاجر "الروبابيكيا"..ربح يسير ومطاردات من الشرطة المصرية

01 اغسطس 2015
الأحياء الراقية الأكثر ربحاً لتاجر السلع القديمة (getty)
+ الخط -
رغم مطاردات الشرطة والمحليات في مصر، يواصل تاجر الروبابيكيا (السلع المستعملة)، عمله الدؤوب يومياً بحثا عن مكسب وفير من هذه النوعية من التجارة، التي تعتمد في الغالب على اقتناص البضائع الجيدة على حد سواء من الزبائن الراغبين في تحديث أثاث منازلهم من أصحاب الدخول المرتفعة، أو ممن يضطرون إلى بيع أجزاء من مقتنياتهم في ظل ضيق العيش.
"روبابيكيا .. أي حاجة قديمة للبيع، نشتري كل شيء يا بيكيا".. بهذه النداءات يبدأ أشرف الجلداوي، البالغ من العمر ٣٧ عاماً يوم عمله، حيث يجوب الشوارع والأزقة مناديا على من يرغب في بيع مقتنياته، مستخدماً عربة يجرها حمار ومكبر صوت "ميكروفون".
يوضح أن مهنة "الروبابيكيا" متعبة وشاقة جداً وليس لها دخل محدد، حيث كثيرا ما يكون تاجر الروبابيكيا مطارداً من الشرطة ومسؤولي الجهات المحلية، ويضطر إلى دفع مبالغ مالية تصل إلى ألفي جنيه للإفراج عن الدراجة الهوائية ذات الثلاث عجلات أو العربة التي يجرها حمار، وغالباً ما يخسر بضاعته التي يتم مصادرتها، واتهامه أحيانا بسرقتها.
ويشير إلي أن مهنته ليس لها تراخيص رسمية، وتندرج تحت الاقتصاد غير الرسمي، لافتا إلى أن بعض الناس ينظرون إلى تاجر الروبابيكيا على أنه مليونير، وذلك لتأثرهم بمسلسل "لن أعيش في جلباب أبي"، الذي قدمه للدراما المصرية الفنان نور الشريف، والذي استطاع فيه التحول من تاجر صغير إلى مليونير في نهاية المسلسل.
يحكي أشرف، الحاصل على دبلوم زراعة، أنه انتقل من محل مولده بقرية دلجا بمحافظة المنيا، ليعمل في هذه المهنة منذ 8 سنوات، نظراً لعدم توافر فرص العمل، موضحا أن عددا من شباب قريته يعمل في هذه المهنة منذ سنوات.
ويقول "هي مهنة غير منتظمة في العائد المادي، نخرج كل صباح ننادي لنكسب رزقنا، ولا نعرف كم ستكون حصيلة اليوم".
ويوضح أشرف الذي يعول أسرة مكونة من زوجة وثلاثة أولاد، أن تجارة الروبابيكيا تعتمد على تقدير التاجر للسلع والبضائع التي يشتريها حتي لا يتعرض للخسارة.

ويشير إلى أنه يشتري أي شيء قديم أو مستعمل من المواطنين، ليبيعه في نهاية اليوم إلي تاجر الجملة، وذلك بعد فرز البضائع وجمع كل صنف على حدة، قائلاً "أقوم بتجميع البلاستيك على حدة والحديد على حدة وكذا باقي الأصناف مثل الألومنيوم والنحاس والورق، لتباع بالكيلو لتجار الجملة".

اقرأ أيضا: سائق التوك توك..مهنة خريجي الجامعات والأطفال في مصر

ويؤكد أن أغلى سعر للنحاس الأحمر، الذي يباع بما يتراوح بين 35 و40 جنيها للكيلوغرام (4.5 و5.1 دولارات)، والألومنيوم يباع بين 4 و12 جنيها للكيلوغرام، والحديد يباع بما بين 2.5 و8 جنيهات، وذلك حسب النوع.
ويوضح أن مكسب البائع يتمثل في الأشياء المستعملة، والتي تكون بحالة جيدة، مثل الأدوات والأجهزة المنزلية والأثاث، فهي تحقق هامش ربح كبيرا للتاجر.
ويلفت إلى أن التاجر قد يتعرض للخسارة في حالة عدم تقديره الجيد للبضاعة المشتراة، لأن تاجر الجملة يشتري الأشياء غير الصالحة للاستعمال بالكيلو غرام وليس له علاقة بالسعر الذي يشتري به التاجر الصغير.
ويعد العمل في الأحياء الراقية بالعاصمة القاهرة، مثل المهندسين والزمالك وجاردن سيتي، أكثر ربحاً لتاجر الروبابيكيا، نظراً لأن معظم سكان هذه المناطق من أصحاب الدخول المرتفعة ويكون هدفهم الأساسي التخلص من الأجهزة القديمة واستبدالها بأخرى جديدة، وأحيانا يعطونها للتاجر دون أن يطلبوا منه مقابلاً مالياً.
لكن أشرف يؤكد أن العمل في المناطق الراقية أكثر صعوبة، حيث قد يتعرض لمضايقات الشرطة في مثل هذه الأماكن. وفي المقابل، يكون مجال العمل أوسع في المناطق الشعبية، حيث تقل المطاردات الأمنية من قبل الشرطة والمرافق، لكن الأهالي فيها يبيعون بأسعار أعلى.
ويشير إلى أن تجار الروبابيكيا الصغار مقسمون إلى قسمين، فمنهم من يعمل بماله، ومنهم من يعمل لحساب تاجر كبير، موضحاً أن أقل رأسمال للعمل هو 3 آلاف جنيه (383 دولارا)، أما الذي يعمل لحساب التاجر فيحصل على العربة والحمار بالإضافة إلى ما يصل إلى ألف جنيه (128 دولارا)، مقابل توقيعه على إيصال أمانة لصالح التاجر الكبير كضمانة لأمواله.
ويقول إن العامين الأخيرين شهدا ركوداً كبيراً، موضحا أن نقص السيولة والتضخم الذي تشهده مصر، دفع المصريين، خصوصا في المناطق الشعبية، إلى عدم بيع السلع، إلا بعد استهلاكها بشكل كامل والتأكد من عدم جدواها، ما أدى إلى تراجع ربح التجار، نتيجة لوضع الاقتصاد المتردي.
ويضيف أنه بعد انتشار وسائل الاتصال الإلكترونية، قام البعض بنشر إعلانات لشراء وبيع الأشياء المستعملة، من خلال الاتصال بأرقام الهواتف الموجودة بالإعلانات، الأمر الذي زاد من معاناة التاجر الصغير.

اقرأ أيضا: بائعة البخور..تركت التعليم بسبب فقر أسرتها
المساهمون