الأسد يغرق سورية في الديون بزعم إعادة الإعمار

17 مارس 2015
300 مليار خسائر الاقتصاد السوري (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -
لم يسقط بشار الأسد من بوابة الاقتصاد، وبقي يصارع للبقاء على الكرسي المتوارث، وإن على حساب دم أكثر من 200 ألف شهيد وتهجير نحو 11 مليون سوري، بين نازح ومهاجر إلى خارج الحدود، وخسائر زادت عن 200 مليار دولار، بل يواصل، بعد تبديد احتياطي سورية النقدي الأجنبي الذي كان يفوق 18 مليار دولار واستدانة 11 مليار دولار، تدمير الاقتصاد السوري.

ورأى أسامة القاضي، رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، أن الاقتصاد لا يمكن أن يُسقِط بمفرده نظاماً بوحشية النظام السوري، لأن العامل الاقتصادي، وإن كان شرطاً لازماً، فإنه غير كاف لإسقاط أنظمة شمولية عسكرية، فالعقوبات والضغوط الدولية الاقتصادية التي تؤثر في مستوى معيشة الشعوب وتقصد معاقبة النظام السياسي تكون عادة مؤثرةً في زعزعة الأنظمة السياسية المدنية، التي تستمع للشارع وتحتاج إلى أصواته الانتخابية.

ومجموعة عمل اقتصاد سورية مجموعة اقتصادية استشارية مستقلة لا تتبع لأي كيان سياسي اعتمدتها مجموعة "أصدقاء الشعب السوري" المعنية بإعادة إعمار سورية بقيادة الإمارات وألمانيا، كشريك اقتصادي أساسي ممثّلٍ للجانب السوري في التخطيط لمستقبل الاقتصاد السوري بعد الثورة.

وتسعى المجموعة، وفق موقعها على شبكة الانترنت، إلى "كتابة الخارطة الاقتصادية لسورية الجديدة في أكثر من خمسة عشر قطاعاً حيوياً، لتكون بمثابة المشروع الوطني الذي يقدم هدية لرؤساء الحكومات السورية بعد انتهاء الأزمة، لتبيان إمكانيات والطاقات الكامنة للاقتصاد السوري".

وأضاف أن نظاماً دموياً مثل النظام السوري "لن يستطيع أي حصار اقتصادي بمفرده أن يقتلعه، ولكنه قد يفقده ما تبقى من حاضنته الشعبية، ويؤثر في ثروات داعميه، لأنه ببساطة لا يعبأ بتلك المعاناة، وهو غير معني أصلا بها لا سابقا ولا لاحقاً، وإلا لما وصلنا لما وصلنا إليه".

دعاية سياسية

واعتبر القاضي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مسألة "التعافي الاقتصادي" التي يشيعها إعلام النظام غير مقبولة منطقياً وعلمياً وواقعاً، لأن تعافي الاقتصاد السوري المسكين "يحتاج إلى إدارة مركزية، والنظام ليس لديه سوى الحد الأدنى من الفاعلية الإدارية في سورية بعد خروج أكثر من نصف مساحة البلاد عن سيطرة الأسد بما في ذلك المعابر الحدودية".

كما أن التعافي يحتاج إلى مناخ آمن يتمكن فيه التجار من نقل البضائع من محافظة إلى أخرى من دون خوف، ووجود شعب مستهلك للخدمات المقدمة بدخل ومستوى معيشة معقولين.

كما يعني التعافي الاقتصادي، وفق القاضي، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الاقتصاد السوري و إعادة بث الروح في القطاعات الاقتصادية كلها، مشيراً إلى أن انعدام هذه الشروط يعني أن الحديث عن تعافي الاقتصاد شائعة هدفها تثبيت الحكم وإطالة عمر الأسد.

وقال القاضي: "أعتقد أن دول العالم لأسباب واقعية وأمنية وسياسية، قد تخفف من قبضتها على النظام السوري كتكتيكات يقصد منها تليين موقف النظام السوري من الحلول السياسية، وهي بمثابة سياسة العصا والجزرة، وقد يتقدم في منطقة معينة بسبب ضعف الإمدادات عن الأطراف الأخرى، أو يتلقى بعض الدعم المالي لإبقاء النظام على قيد الحياة في "غرفة الإنعاش الاقتصادية والسياسية".

وشدد على أن "أي حديث عن تعافي الاقتصاد هو نوع من الحملة الإعلامية المضللة "البروباغاندا" للنظام، والتي تتلقفها بعض وسائل الإعلام عن قصد أو غير قصد، مما يساهم في الحرب النفسية ضد الشعب السوري المسكين".

إحراق الليرة

نبّه أسامة القاضي أيضاً إلى أن "النظام السوري يدرك تماماً أن تعويم العملة السورية وتركها لآليات العرض والطلب لمدة أقل من أسبوع كاف لتتهاوى بسهولة إلى أكثر من 1000 ليرة للدولار الواحد.

وأوضح أن قيمة العملة ترتهن بكمية السلع والخدمات التي تنتجها الدولة، بينما الانخفاض في الناتج القومي انخفض للربع تقريباً، كما أن احتياطيات النقد الأجنبي انعدمت تقريباً بعد أربعة أعوام من الأزمة.

اقرأ أيضاً:
الأسد يغسل جرائمه بملف إعادة إعمار سورية

وأكد أن تداول الدولار صار من صميم الحياة اليومية للسوريين رغم فرض عقوبات قاسية على المتعاملين بالعملات الأجنبية تصل للسجن، لأن التاجر يضطر إلى أن يسعّر منتجاته على أسعار المواد الأولية التي يشتريها بشكل دوري من أجل عملية الإنتاج، وبناء على أسعار يمكن أن يبيع بها المنتِج بضاعته خارج سورية، محاولاً بذلك تعويض أي خسارة متوقعة في التعامل مع السوق السورية باللجوء إلى تثبيت السعر على عملة أكثر استقراراً.

وحذّر من أن " طبع 3 تريليونات ليرة سورية سيساهم في رفع التضخم بالبلاد".

خسائر فادحة

قال رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، إن "أي مسح اقتصادي لا يمكن أن يتم بنفس سرعة الآلة الجهنمية للتدمير التي يستخدمها النظام، الذي رمى مدينة حلب، على سبيل المثال، بآلاف البراميل المتفجرة، فضلاً عن

الصواريخ والقصف الهمجي والأسلحة الكيماوية لدرجة أن على الباحث أن يفترض أنه بعد انقضاء الأزمة ستصبح محافظات عدة شبه خالية من السكان، حيث كان يسكن في المناطق "شبه المحررة" سابقاً أكثر من مليوني نسمة لم يتبق منهم حالياً سوى نصف مليون نسمة على أفضل تقدير.

وأضاف: "أعتقد، بكل حزن وأسف، أن الخسائر الاقتصادية والعمرانية وخسارة الكوادر البشرية وتدمير وانقطاع الموارد النفطية وتدمير الزراعة والتجارة والصناعة، والبنية التحتية وتهجير ملايين النازحين واللاجئين عوامل تجعل إجمالي الخسائر يزيد، بكل سهولة، عن حجم 300 مليار دولار بسهولة.

مؤامرة إعادة الإعمار

لفت أسامة القاضي إلى أن "مؤتمرات إعادة الإعمار الحقيقية لا تبدأ إلا بعد انتهاء الأزمة، وما عدا ذلك يندرج تحت إطار حملة الحرب النفسية لتثبيط همة الثوار من أجل الكرامة ومن جهة أخرى طمأنة أو التغرير ببعض من تبقى حاضنة شعبية خاصة من رجال الأعمال، لأنه لا يعقل أن تدخل أي شركة خاصة لتستثمر في بلد لا تعرف من يديره ولا فكيف يبدأ، وطائرات مقاتلة من خمسين دولة تحلّق في أجوائه دون رقيب أو حسيب".

وشبه وعود الأسد بإعادة الإعمار بادعاء أن "هتلر وقع عقود إعادة إعمار ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية"، مشيراً إلى أن "حجم الدمار يعادل تقريباً الدمار، الذي حصل في ألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية".

الثورة النفطية

أكد القاضي أن قضية استغلال الثروات النفطية "باتت بالغة التعقيد بعد دخول تنظيم الدولة وغيرها من التنظيمات، وكذلك وجود طيران التحالف في الأجواء السورية، حيث بات الأمر شبه مستحيل الآن".

ودعا إلى "إعادة النظر في مفهوم المناطق المحررة التي لم يتبق إلا القليل منها، إذ ليس هناك الكثير من الأراضي المتبقية تحت سيطرة المعارضة السورية أو ما تبقى من الجيش الحر بعد ظهور الكثير من الفصائل غير المنضوية تحت الائتلاف والأركان والجيش الحر، ليس فقط في دير الزور والرقة والمناطق الشرقية، ولكن حتى في ريف حلب وإدلب أيضاً".

وخلص إلى أنه "إذا لم يكن هناك قوى عسكرية وطنية مقبولة على الأرض وبعيدة عن الصراعات والاستقطابات تؤمن الحماية الكافية لهذه الثروات، فإنه لا يمكن استخراجها واستثمارها".

المساهمون