تخريب الاقتصاد اليمني هدية الحوثي في الذكرى الرابعة للثورة

11 فبراير 2015
اليمنيون يأملون في تحقيق أهداف الثورة رغم الفوضى (الاناضول)
+ الخط -
تحل اليوم الذكرى الرابعة لثورة الشباب اليمنية، التي أطاحت نظام علي عبدالله صالح، وبدلاً من الاحتفال بتحقيق أهدافها أو بعضها، تمر ذكراها ومعظم اليمن تحت سيطرة جماعة أنصار الله "الحوثيون" التي ضاعفت من جراح اليمنيين، فدمرت اقتصاد بلادهم، وضاعفت من أزماتهم المعيشية.
ومنذ 21 سبتمبر/أيلول 2014 تسيطر جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء وتتولى مهمة الأمن في المدينة من خلال اللجان الشعبية التابعة لها، والتي حلت بديلاً من أفراد الأمن اليمني في النقاط الأمنية في الشوارع وحماية المؤسسات الحكومية، كما امتدت سيطرتهم إلى محافظات ومناطق استراتيجية عدة، منها مضيق باب المندب. وفاقمت سيطرة الحوثيين من أزمات الاقتصاد اليمني الذي يتعرض لضربات متتالية.

تفاقم البطالة والفقر

وحسب محللين يمنيين لـ"العربي الجديد"، وجهت فوضى الحوثيين المسلحة ضربة قاصمة للدولة اليمنية، أدت إلى زيادة الانفلات الأمني وتصاعد الفقر والبطالة، ووفقاً للتقارير الرسمية فإن جميع المؤشرات الاجتماعية في تدهور مستمر، حيث أظهرت زيادة مستوى الفقر من 35% في عام 2006 إلى 54.4% في عام 2014، وكذا ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والمرأة إلى نسبة تتعدى 50%..
وقال هؤلاء المحللين، إن الصراع المسلح يجعل البيئة الاقتصادية مضطربة وغير آمنة، وهذا يمثل خسائر فادحة للدولة والاقتصاد من خلال الأموال التي تنفق على مكافحة الإرهاب، وكان يمكن استغلالها في مشاريع خدمية.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، الدكتور علي سيف كليب، لـ"العربي الجديد"، "لا يمكن أن نتحدث عن أي نشاط اقتصادي أو فرص لتعافي الاقتصاد في ظل الصراعات المسلحة واستمرار التفجيرات التي تؤدي الى مزيد من تدهور الاقتصاد، سواء في قطاعات الإنتاج الخدمية أو السلعية والى انهيار كلي للدولة".
وأوضح كليب، أن الصراع المسلح والتدهور الأمني تنعكس نتائجهما، سلباً، على بيئة الاستثمار وفي تراجع مصادر الدخل الداخلي والخارجي للبلد، مشيراً الى أن قطاع السياحة هو القطاع الأكثر تضرراً من الأعمال الإرهابية، حيث تكبد خسائر بالمليارات خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى تسريح أكثر من 500 ألف شخص كانوا يعملون في هذا القطاع.
ويزداد الوضع المالي في اليمن صعوبة وتعقيداً نظراً إلى ارتفاع عجز الموازنة العامة البالغ 900 مليار ريال (ما يعادل 4 مليارات دولار) وصعوبة تمويله من مصادر حقيقية، في ظل تراجع أداء معظم القطاعات الاقتصادية.

خسائر السياحة والنفط

وأوضح وكيل وزارة المالية الأسبق وأستاذ الاقتصاد المالي في جامعة تعز، الدكتور عبدالله المخلافي، أن خسائر اليمن خلال العقدين الماضيين تتراوح بين 40 و50 مليار دولار.
وقال المخلافي لـ"العربي الجديد"، إن الصراع المسلح يجعل البيئة الاقتصادية غير آمنة، وهذا يمثل خسائر فادحة للدولة والاقتصاد من خلال الأموال التي تنفق على مكافحة الإرهاب، وكان يمكن استغلالها في مشاريع خدمية".
وأشار الى أن الإرهاب لا يقتصر فقط على التفجيرات الإرهابية بل يشمل عمليات تفجير أنابيب النفط وخطوط نقل الكهرباء وتدمير منشآت الدولة.
وأوضح أن الأعمال التخريبية وعدم الاستقرار أثر، سلباً، على الإدارة الاقتصادية للدولة نتيجة إهدار موارد مادية سلعية وخدمية، كان يمكن أن تحقق أقصى إشباع لمعظم أفراد المجتمع، مؤكداً، أن آثار التخريب على الجوانب المالية ربما تفوق الأرقام التي تضمنتها موازنة عامي 2013 و2014.
وتكبد الاقتصاد خسائر تقارب 1.482 تريليون ريـال (6.9 مليارات دولار) جراء التخريب المتكرر لخطوط نقل النفط والغاز وشبكات الكهرباء بين 2012 و2014، وفقاً لتقديرات رسمية.
وفاقمت الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتدهورة من المعاناة المعيشية لليمنيين، حيث تنقطع الكهرباء لفترات طويلة وبشكل مستمر نتيجة الاعتداءات على محطة الكهرباء وخطوط نقل الطاقة.


سلاح تردي المعيشة

وكان الحوثيون قد استغلوا سلاح تردي الأوضاع الاقتصادية اليمنية للسيطرة على البلاد وتحقيق أهدافهم في إحكام القبضة الأمنية والاقتصادية على البلاد، وتحديداً قضية رفع أسعار الوقود، حيث نجحت في إجبار الحكومة على التراجع عن القرار ثم أسقطت حكومة محمد سالم باسندوة وأخيراً هاجمت قصر الرئاسة اليمنية.
ويؤكد الخبير الاقتصادي، مصطفى نصر، لـ"العربي الجديد" أن الحوثي استغل قرارات عشوائية أصدرتها الحكومة السابقة فيما يتعلق برفع الدعم عن المشتقات النفطية.
وقال تقرير حديث، صدر نهاية يناير/كانون الثاني الماضي عن مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، إن من أهم الأسباب التي سرعت بسيطرة المليشيات المسلحة على الدولة هو الفشل الاقتصادي في تحقيق أدنى متطلبات الحياة للمواطنين، وتراجعت خدمات الكهرباء والماء والصحة والتعليم، وضعفت المنظومة الأمنية والعسكرية أمام توسع الصراعات وانتشار الفوضى.
وقال التقرير، إنه حين كان اليمنيون يعانون من ظروف اقتصادية سيئة، وتنعدم المشتقات النفطية من الأسواق لأشهر، دون اتخاذ إجراءات، ثم يتبعها ذلك بقرارات حكومية برفع الدعم عنها نهائيّاً، ما ساعد الحوثيين الذين كانوا يحاصرون صنعاء على عقد تحالفات قبلية لإسقاط الدولة.
ويؤكد المحلل الاقتصادي، ياسين التميمي، لـ"العربي الجديد" أن الحوثي وحلفاءه كانوا يبحثون عن ورقة شعبية لاستكمال ثورتهم المضادة، وقد عملوا خلال الأعوام، من 2011 وحتى 2014 بطريقة منهجية على ضرب الاقتصاد من خلال تخريب الكهرباء وأنابيب النفط.
وقال التميمي، قد لوحظ أن الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع رتبوا للاحتجاجات بعد انقضاء إجازة عيد الأضحى الماضي في توظيف سياسي انقلابي مدروس، كانت الورقة الاقتصادية والضيق المعيشي أهم سببين في نجاح الانقلاب الحوثي.
وبعد خوض الحوثيين حرباً للسيطرة على دار الرئاسة، وعقب محاصرة مقر إقامة الرئيس، عبد ربه منصور هادي، الذي قدم استقالته يوم 22 يناير/كانون الثاني الماضي، احتلوا مناصب مهمة في الدولة على رأسها منصب رئيس الجمهورية.
ويسعى الحوثيون، دائماً، إلى السيطرة على الجهات الإيرادية، ومنها الشركات النفطية ومؤسسة الاتصالات وشركتا يمن موبايل للهاتف النقال والخطوط الجوية اليمنية وهيئة الطيران المدني والأرصاد وهيئة النفط.
وفي الوقت الذي يلهث الحوثيون وراء المناصب والأموال كان اقتصاد البلاد يمضي نحو الهاوية.
المساهمون