مجاملات صندوق النقد الدولي

29 أكتوبر 2015
أوكرانيا دولة صديقة للدائنين الغربيين (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

تتعثر اليونان مالياً فيهددها صندوق النقد الدولي بالويل والثبور وعظائم الأمور، مثل إعلان إفلاسها وأنها دولة عاجزة عن سداد الديون الخارجية المستحقة عليها، وعدم منحها قروضاً ومساعدات نقدية جديدة، إضافة إلى التلويح بطردها على الفور من جنة منطقة اليورو وعملتها الموحدة (اليورو)، بل وربما طردها من النظام المالي العالمي كاملاً.

وتتعثر أوكرانيا فيسارع صندوق النقد الدولي نفسه، وخلفه الدول الغربية، أمس الخميس، إلى إجراء تغييرات جذرية في قواعد الإقراض لديه بغرض منحها تسهيلات مالية وصرف الشريحة التالية لها من المساعدات النقدية البالغ قيمتها 40 مليار دولار.

بل ويتغاضى الصندوق عن سياسته الحالية التي تحظر الاستمرار في تقديم الدعم المالي لأحد أعضائه من الدول في حال تخلف هذا العضو عن سداد دين سيادي، وهو ما ينطبق على حالة أوكرانيا التي يجب عليها سداد دين سيادي قيمته 3 مليارات دولار في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، وحسب كل المعطيات القائمة فإن حكومة كييف غير قادرة على السداد لأنها تواجه أزمة اقتصادية حادة.

إنها السياسة ولعبة الدول الكبرى التي باتت تسيطر على قرارات وقروض ومنح المؤسسات المالية الدولية المعروفة وأبرزها صندوق النقد والبنك الدوليان، فاليونان بلد منبوذ وغير صديق من وجهة نظر صندوق النقد والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية، لأنه بلد تقوده حكومة يسارية لا تؤمن بمبادئ الاقتصاد الحر وسياسات السوق، وبالتالي ليست على هوى الدائنين الغربيين، ومن هنا يتم رفض جدولة ديونها أو تأجيل سداد أقساطها إلا في حال تنفيذ برنامج اقتصادي واجتماعي وتقشفي قاس.

أما أوكرانيا، فلأنها دولة صديقة للدائنين الغربيين، وحكومتها على هوى الغرب ومناوئة لروسيا العدو، فيجب مساعدتها مالياً ونقدياً، حتى ولو تطلب الأمر إدخال تعديلات على سياسات الإقراض لدى الصندوق والتغاضي عن تنفيذ قاعدته الشهيرة، وهي "تطبيق سياسة غير ودية تجاه البلد المدين".

الولايات المتحدة باتت تسيطر على صندوق النقد الدولي وتلعب الدور الأكبر في تحريك القرارات المتعلقة بالدول المدينة أو الراغبة في الاقتراض، فإذا كانت الإدارة الأميركية راضية عن نظام ما يحكم دولة ما، فإن قروض الصندوق متاحة وتحت أمر الدولة المدينة والمتعثرة.

وإذا كانت أميركا غاضبة من نظام دولة ما فمبررات رفض منحها قروضاً موجودة في أدراج الصندوق، ومنها المطالبة بإصلاحات مالية قاسية وخفض سعر العملة الوطنية وفرض مزيد من الضرائب والأعباء على المواطنين.

بالنسبة للبنك الدولي، فإن الحال لا يختلف كثيراً عن حال صندوق النقد الدولي، فالأوروبيون يسيطرون على قرارات البنك بداية من تعيين رئيسه ومديره التنفيذي ونهاية بتحديد المشروعات الممولة، وحجم القروض الممنوحة.

اقرأ أيضاً: تونس تطالب ببرنامج إنقاذ دولي بقيمة 25 مليار دولار

المساهمون