لبنان والأردن يحاربان "داعش" بجيوب مثقوبة

20 سبتمبر 2014
توقعات بأن تكون الحرب ضد داعش مرتفعة التكاليف(أرشيف/Getty)
+ الخط -

بعد توغل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" داخل الأراضي العراقية، وبسط سيطرته على أراضٍ واسعة في الداخل السوري، وخاصة في المناطق الحدودية، بات هذا التنظيم مسيطراً على أكثر من 40 ألف كيلو متر مربع، بين سورية والعراق. 
وقد دفع انتشار الجرائم التي قام بها "داعش" بحق المواطنين وتهديد المصالح النفطية والخوف من التمدد الإقليمي، 10 دول عربية (مصر، العراق، الأردن، لبنان، البحرين، الكويت، سلطنة عمان، قطر، السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة)، نحو دخول التحالف الدولي الذي أعلن الحرب ضد "داعش"، وذلك خلال اجتماع إقليمي عُقد في جدة، بحضور وزير الخارجية الأميركي جون كيري، منذ أكثر من أسبوع.
الحرب ضد تنظيم عابر للحدود، يتطلب - وبحسب الخبراء الاستراتيجيين - إمكانيات هائلة، وتنسيقاً على مستوى عالٍ، ونفقات كبيرة جداً.
وإذا كانت الدول النفطية قادرة على تمويل الحرب أو المشاركة فيها، فهل لدى الدول العربية الصغيرة والضعيفة اقتصادياً، مثل لبنان، والتي أعلنت دخولها التحالف، القدرة على المساهمة في التمويل؟ وماذا عن التأثيرات التي يمكن أن تتركها حرب إضافية على الاقتصاد العراقي المأزوم؟
وقال الخبير الاستراتيجي اللبناني، هشام جابر، إن المجتمع الدولي قرر ضرب "داعش"، لكنه لم يضع بعد النقط الرئيسية لهذه الضربات، ولم يحدد دور الدول.
وأشار، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحرب ضد "داعش" لن تكون نزهة، بل ستكون حرباً مرتفعة التكاليف، مما يتوجب على الدول تقديم كافة الإمكانيات والأموال اللازمة لشن الهجمات.
ونوه إلى أنه "لا يوجد حتى اليوم أي رقم يحدد تكلفة الحرب ضد "داعش"، خاصة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد أعلن أن الحرب ضد "داعش" ربما تتجاوز الثلاث سنوات، مما يعني أننا حتماً أمام تكلفة خيالية، تفوق عشرات المليارات من الدولارات، مما يعني أننا أمام فاتورة مرتفعة جداً".
وتابع جابر قائلا: "الحرب ضد تنظيم كـ"داعش" تتطلب، عسكرياً، تنسيقاً قوياً بين الدول العربية، كما تتطلب دفع مبالغ هائلة لتسليح الجيوش.
بالإضافة إلى ذلك، فإن نوعية الهجوم ضد "داعش" تلعب دوراً في تحديد التكلفة، وحتى الآن لا توجد خريطة واضحة للهجوم".
وفي معرض حديثه عن الدول العربية التي ستشارك في التحالف الدولي، قال الخبير الاستراتيجي، إن الدول العربية بأكملها ستشارك في الحرب ضد "داعش"، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الإمارات، والكويت، وقطر، والعراق، كون مصالح هذه الدول تتعرض للخطر، في ظل وجود تنظيم كـ"داعش" على مقربة من حدودها.
وعن مشاركة لبنان في هذه الحرب، قال العميد المتقاعد إن لبنان لا يمكنه دفع أي تكاليف مادية، كونه لا يملك الأموال التي تساعده على دخول هكذا حروب. فالدول العربية هي التي ستعمد إلى تمويل الحروب، خاصة الدول النفطية، أما لبنان، وفق جابر، "فستكون مشاركته الأرجح عن طريق السماح للطائرات بالمرور في مجاله الجوي، وتوجيه ضربات ضد "داعش"، وبالتالي فإن دور لبنان لن يكون خارج هذا الإطار".
بدوره، أكد العاهل الأردني، عبدالله الثاني، منذ أيام أن "المملكة تدعم الائتلاف الدولي، الذي يضم الدول الساعية للقضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية"، وذلك بعد تصريح سابق لرئيس الحكومة الأردنية بنفي الدخول في أي تحالف.
وبطبيعة الحال، لن يتمكن الأردن من تقديم أي دعم مالي في الحرب ضد "داعش".
وقد أشارت تقارير إلى أن الأردن سيلعب دوره في الدعم اللوجستي وفتح المجال الجوي أمام الطائرات الحربية التي ستقوم بعمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية. إضافة إلى ذلك، يقول محللون إن الدور الأردني سيمتد إلى الدعم الاستخباراتي والأمني.
فيما أشار بعض المحللين في الصحف الأردنية إلى أن الأردن من الممكن أن يشارك في الحرب ضد "داعش" عسكرياً "إن اقتضت الضرورة". من جهة أخرى، ومنذ نحو شهرين تقريباً، بدأ تنظيم "داعش" ببسط سيطرته على أراضٍ واسعة في العراق، واستطاع خلال أيام السيطرة على مدن شمالي العاصمة بغداد، وبدأت عندها تدور معارك بين الجيش العراقي وتنظيم "داعش"، مما يعني أن العراق بدأ بمحاربة "داعش" ومن ميزانيته الخاصة.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي العراقي، حسين علاوي، إن الاقتصاد العراقي تكبد حتى الآن خسائر اقتصادية كبيرة، بعد سيطرة "داعش" على الموصل ومناطق أخرى، مشيراً إلى أن الخسائر لا تتعلق فقط بالمبالغ التي تطال الأمن والدفاع، بل تصل إلى حجم المساعدات التي تُقدم للنازحين، بالإضافة إلى خسارة الاقتصاد بشكل عام بعد توقف العديد من النشاطات.
ولفت علاوي إلى أن الحكومة العراقية، وفي سعيها لصد توسع تنظيم "داعش"، تكبدت خسائر اقتصادية ومادية ضخمة جداً، بحيث وصلت إلى أكثر من 50 مليون دولار يومياً، مما يعني أن العراق بات يدفع شهرياً ما يقارب ملياراً ونصف المليار دولار، نتيجة الاشتباكات وتمدد "داعش" في المناطق العراقية، وهي أرقام كبيرة، لا يمكن لأي بلد تحملها".
المساهمون