تحالف الساسة والتجار يبدد ثروات العرب

04 ديسمبر 2014
مسؤولون بمنظمة الشفافية الدولية أثناء عرض تقرير مدركات الفساد(الأناضول)
+ الخط -
فيما يفترس الجوع والأمراض والحروب والنزاعات القبلية المواطن العربي في العديد من دول الشرق الأوسط، أشارت منظمة الشفافية الدولية أمس إلى أن تحالف المسؤولين الحكوميين بالدول العربية مع الشركات والتجار، يأتي على ما تبقى من الثروات العربية، مستغلين في ذلك شركات واجهة وحسابات سرية في مصارف الأفشور. وقالت المنظمة في تقريرها السنوي أمس إن هنالك بعض الخطوات الإيجابية تجاه الشفافية والمحاسبة في المنطقة العربية، ولكن لا تزال المنطقة ترزح في مؤخرة دول العالم.
وحسب منظمة الشفافية الدولية، لا تزال الدول العربية تحتل مقدمة الدول الأكثر فساداً في العالم بقائمة الفساد السنوية التي أصدرتها المنظمة الدولية لعام 2014.
ورصد التقرير ثلاث دول عربية ضمن أسوأ عشر دول الأكثر فساداً في قائمة منظمة الشفافية الدولية التي تضم 175 دولة. وهذه الدول هي العراق وليبيا والصومال التي احتلت ذيل القائمة. وتضع قائمة الشفافية الدولية درجات تتراوح بين صفر ومائة درجة، وكلما تدنت درجات الدولة سقطت في قاع الفساد، وكلما ارتفعت الدرجات دلت على نظافة الدولة.
ورغم الأعذار التي يطلقها البعض والخاصة بأن، كل من العراق وليبيا يعيشان ظروفاً استثنائية، المآسي بهذه الدول تتزايد مع تواصل الفساد السياسي، وانتشار عمليات الرشى والواسطة والمحسوبية التي حجبت ثقة المواطن العادي في العملية السياسية وبالتالي في الدولة المنتخبة.
وقال التقرير رغم المآسي التي يعيشها الشعب العراقي، يزيد المسؤولون الحكوميون والزعامات السياسية من معاناته عبر سرقة أمواله، وتبديد ثرواته عبر شركات الواجهة والرشاوى.
وفي ليبيا، لا يختلف الحال، حيث باتت العصابات تسيطر على المال العام وتسطو على البنوك.
وقال تقرير الشفافية الدولية الصادر أمس، إن تردي الأوضاع الأمنية والنزاعات المسلحة، ساهم في تهريب المال العام ونشر ثقافة الفساد في العديد من الدول العربية.
وأشارت المنظمة الدولية في هذا الصدد، إلى إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي كشف فيه أن حكومة نوري المالكي كانت تدفع مرتبات لنحو 50 ألف جندي وهمي، أي غير موجودين حقيقة، وإنما هي أسماء مسجلة. وقالت المنظمة، أن هذا الحجم من الفساد، كان السبب الحقيقي في عجز الجيش العراقي عن الدفاع عن المدن والحدود العراقية التي سلمها دون قتال لتنظيم الدول الإسلامية.
وذكر التقرير أن الحكومة الأميركية منحت الجيش العراقي نحو 25 مليار دولار للتدريب والتمويل، ولكن يبدو أن الفساد حجب هذه الأموال عن الجيش العراقي وذهبت إلى جيوب المسؤولين الفاسدين، ضمن مرتبات الجيش الوهمي في العراق.
وعلى صعيد الفساد السياسي، قال تقرير الشفافية الدولية إن التحديات الرئيسية في المنطقة العربية، تمثلت في الفساد السياسي. مشيرة في هذا الصدد إلى أن الطبقة السياسية وأعوانها يسيطران في المنطقة العربية على القرار السياسي والاقتصادي وتحتكر بذلك الثروة والسلطة.
وأشارت الشفافية الدولية في تقريرها إلى أن إصلاح المؤسسات في دول الربيع العربي، لم يحدث كما كان متوقعاً بعد الثورات في عام 2011.
وقالت "كان يفترض أن يؤكد الإصلاح السياسي على الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية واستقلالية القضاء في دول الربيع العربي، حتى يتم الانتقال الديمقراطي بشكل حقيقي". مشيرة في هذا الصدد إلى أن تونس بحاجة إلى مزيد من الإصلاح في النظام القضائي.
وقال التقرير إن العديد من البلدان العربية اتخذت خلال العام الماضي خطوات إيجابية نحو الإصلاح الهيكلي، وأحدثت تقدماً في التشريعات الخاصة بتطبيق مبادئ الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. ولكنها قالت، رغم ذلك فإن الدول العربية لا تزال متأخرة عن باقي دول العالم في تبني القوانين ذات التأثير الحقيقي في تحسين مستويات الشفافية والمساءلة القانونية ومحاسبة المسؤولين.
وأشارت في هذا الصعيد إلى الخطوات الإيجابية التي اتخذتها سلطنة عمان في العام الجاري، لمحاكمة 20 مسؤولاً حكومياً رفيعاً بجرائم قبول رشى لمنح عقودات حكومية للشركات.
وقالت إن خطوة سلطنة عمان تدل أن الدولة دعمت مؤسسات مكافحة الفساد للتعامل بشكل كاف مع المسؤولين الفاسدين. ودعت المنظمة الدول العربية إلى إنشاء هيئات مستقلة وتمنحها صلاحيات قانونية كافية لمعاقبة الفاسدين. وأضافت أن الثغرات القانونية وثغرات فصل السلطات هي التي أتاحت لأنظمة مثل نظام الرئيس المخلوع زين الدين بن علي وبطانته من السيطرة على 21% من القطاع الخاص في تونس.
ولاحظ التقرير أن الدنمارك التي تصدرت المؤشر تمتع سيادة القانون فيها بالقوة، وتدعم المجتمع المدني وتُعمِل بقواعد نظيفة حاكمة لسلوك من يشغلون المناصب العامة.
وقدمت الدنمارك مثالاً يُحتذى أيضاً في نوفمبر/تشرين الثاني، عندما أعلنت عن خطط لإنشاء سجل عام يحتوي على معلومات عن الملاك الفعليين من جميع الشركات المسجلة في الدنمارك. وهو إجراء مهم يجعل من الصعب على الفاسدين الاختباء وراء الشركات المسجلة تحت أسماء أشخاص آخرين.
تدير الشفافية الدولية حالياً حملة للكشف عن الفاسدين، وتدعو الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول مجموعة العشرين إلى اتباع النموذج الدنماركي وأن تعدّ سجلات عامة توضح من لهم السيطرة الفعلية على الشركات، ومن هم ملاكها المستفيدون منها.
وقال المدير الإداري للشفافية الدولية كوبوس دي سفاردت: "لا يسافر أي منّا على متن طائرات لا تسجّل الركاب، لكن في الوقت نفسه نسمح للشركات السرية بإخفاء الأنشطة غير المشروعة. وإن السجلات العامة التي توضح الملاك الفعليين للشركات تجعل من الصعب على الفاسدين الإفلات بمكاسب إساءة استخدامهم للسلطة". ويذكر أن العديد من المسؤولين السابقين بدول ثورات الربيع العربي، كشفت التحقيقات أن لديهم أموالا وحسابات وشركات تحت مسميات وشركات واجهة.
المساهمون