تهريب مليون لتر وقود يومياً من السعودية للأردن

31 أكتوبر 2014
محطة وقود في السعودية (فرانس برس)
+ الخط -
راجت في الأردن أخيراً، وخاصة في محافظاته الجنوبية، تجارة الوقود المهرب من السعودية، وفق ما ذكر متعاملون أردنيون لـ "العربي الجديد". إذ يجد المهربون في الفارق بين أسعار المحروقات التي تدعمها السعودية (أكبر منتج للنفط في العالم) وبين أسعارها في الأردن الذي يستورد كامل احتياجاته من النفط ولا يدعم أسعاره، مطمعاً يستحق القيام بمغامرة التهريب. 
وقال رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات ومراكز توزيع الغاز المنزلي، فهد الفايز، لـ"العربي الجديد" إن عمليات تهريب الوقود وخاصة البنزين والديزل، شهدت ارتفاعا كبيرا خلال الفترة الماضية، وخاصة مع الزيادة التي طرأت على أسعار المشتقات النفطية في الأردن، ما شكّل حافزا أمام المهربين للمتاجرة بالوقود الذي يتم تهريبه من السعودية التي تشترك مع المملكة الأردنية في الحدود الجنوبية والشرقية.
وقال الفايز، إن الوقود المهرب يشكل نسبة كبيرة من إجمالي استهلاك المحافظات الجنوبية
(الكرك ومعان والطفيلة والعقبة) وتختلف من حين لآخر وبحسب كل مشتق نفطي، مشيرا إلى أن الكميات المهربة تشكل نحو 15% إلى 20% من إجمالي استهلاك مناطق الجنوب. ويستهلك الأردن بين 120 إلى 150 ألف برميل نفط خام يوميا.
وقال مصدر مطلع، في شركة مصفاة البترول الأردنية (المصفاة الوحيدة في البلاد) لـ "العربي الجديد": إن الأردن يستهلك يوميا ما بين 7.5 إلى 8 آلاف طن من المشتقات النفطية باستثناء الغاز، منها 50% في العاصمة عمان والمناطق الوسطى من الأردن، و30% في المناطق الشمالية، و20% في الجنوب.
ووفق حسابات "العربي الجديد" فإن استهلاك الجنوب الأردني يصل إلى 30 ألف برميل يوميا، وأن متوسط ما يتم تهريبه من الوقود السعودي لهذه المناطق يصل إلى 6 آلاف برميل يوميا تعادل نحو مليون لتر يوميا.
وبين الفايز، أن تهريب الوقود، أثّر كثيرا على أوضاع محطات المحروقات في المناطق الجنوبية من البلاد، بفعل الوقود المهرب الذي يُعرض للبيع بأسعار مخفضة على جوانب الطرق بعد تعبئته في جالونات.
ويتراوح سعر لتر البنزين في الأردن 1.1 إلى 1.5 دولار، حسب تغيّر سعر النفط عالميا وصنف البنزين، في حين تُثبّت السعودية سعر ليتر البنزين عند 0.08 دولار (8 سنتات). وتبيع الأردن الديزل بأسعار تتراوح بين 0.85 إلى دولار واحد، تبيعه السعودية بنحو 0.06 سنت.
وأوضح الفايز: أن تهريب الوقود من السعودية يتم من خلال سائقي الشاحنات، وما يعرف بالبحارة عبر خليج العقبة. مؤكدا تورط أشخاص سعوديين في عمليات التهريب.
وقال: "يبيعون المحروقات المهربة بأسعار تقل عن السوق المحلية بحدود 15 إلى 25%. هذا الفارق يُغري الناس ويشجعهم على التعامل مع المهربين".
ورفع الأردن، الدعم عن أسعار المشتقات النفطية في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2012، بعد توصيات صندوق النقد الدولي بذلك، ما ضاعف أسعارها عما كانت عليه. وتقوم الحكومة بنشر تسعيرة شهرية للمحروقات وفقاً لتطور الأسعار في السوق العالمية للنفط.
وامتهن سعوديون، وخاصة في المناطق القريبة من الحدود الأردنية تهريب الوقود والتنقل مرات عدة بين البلدين لغايات المتاجرة بالمشتقات النفطية، وأكثر من يقوم بهذه التجارة طلاب سعوديون يدرسون في الجامعات والمعاهد الأردنية، حسب الفايز.
وأشار الفايز، إلى أن الوقود المهرب من السعودية يتمتع بمواصفات جودة عالية، ولكن عمليات نقله وتخزينه قد تؤدي إلى تغير مواصفاته، وبالتالي التأثير على المركبات.

وقلل من أهمية الرقابة التي تقوم بها بعض الجهات على عمليات التهريب كونها من وجهة نظره غير فاعلة ولم تسهم في الحد من هذه المشكلة.
وقال المواطن موسى خليفات، من منطقة معان (جنوب الأردن والمحاذية للحدود السعودية) إن بيع البنزين المهرب من السعودية يجري على جنبات الطرق، وأن كثيرا من المواطنين يلجؤون إلى شرائه لفارق الأسعار مقارنة بالمحلي.
ويقطع مواطنون، مسافات طويلة للحصول على الوقود المهرب بأسعار منخفضة، وخاصة في الشتاء؛ لتحقيق وفر مالي في ظل تردي الأوضاع المعيشية في المناطق الجنوبية من البلاد، والتي تشير الدراسات إلى أنها أكثر مناطق الأردن فقرا.
وقال وكيل وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، غالب معابرة، في تصريح خاص لـ "العربي الجديد" إن ثمة عمليات تهريب تتم فعلا للمحروقات من السعودية للأردن، ولكن ليس بالنسب التي يجري الحديث عنها.
وأضاف أن الجهات المختصة، لا سيما دائرة الجمارك العامة، تراقب عن كثب عمليات التهريب المختلفة بما فيها تهريب الوقود.
وأضاف: "أغلب عمليات التهريب تحدث عبر نقل كميات من الوقود في الخزانات الإضافية بالسيارات والشاحنات الكبيرة ومن ثم إعادة بيعها داخل الأردن. هذه الطريقة لا تتيح تهريب كميات كبيرة".
وقال معابرة، إن الكميات المهربة من الوقود لا يتوقع أن يكون لها أثر تجاري، في إشارة منه إلى الأضرار التي تلحق بمحطات المحروقات في مناطق الجنوب.
وقال أحد السكان القريبين من مدينة العقبة البحرية (جنوب): إن تهريب الوقود من السعودية يتم عبر مسارين، الأول من خلال العقبة المحاذية للأراضي السعودية حيث يقوم سائقو السيارات بالتزود بالوقود من محافظة حقل السعودية التي تبعد عن الأراضي الأردنية 10كم فقط، وذلك بتعبئة خزان المركبة الأساسي وخزان إضافي وبعض العبوات الصغيرة، والثاني، من خلال المنطقة الحدودية ما بين مدينة معان القريبة من تبوك السعودية.
وقال مواطن - طلب عدم نشر اسمه - إن هناك ما يزيد على 100 نقطة لبيع البنزين السعودي المهرب في منطقة العقبة لوحدها حيث توجد أماكن مخصصة تسمى بـ" الحوش"، أي المكان الذي تفرغ فيه السيارات حمولاتها من البنزين وبيعها لتجار أردنيين.
المساهمون