أكثر من 4.8 ملايين عاطل عن العمل في السعودية يأملون في اقتناص واحدة من 100 ألف فرصة عمل يوفرها برنامج شريك، الذي أطلقته المملكة في 2021، وأعلنت عن أولى حزمه التمويلية في مطلع مارس/ آذار الحالي.
البرنامج يهدف إلى تمكين الشراكة بين القطاعين العام والخاص بهدف تعزيز النمو الاقتصادي للمملكة والمساهمة في تسريع وتيرة نمو الشركات الوطنية الكبرى من خلال تقديم حزم مخصصة من الحوافز، حصل على حزمة تمويلية ضخمة من الحكومة السعودية بقيمة 51 مليار دولار.
وتتوزع قيمة حزمة التمويل الأولى على 12 مشروعاً في قطاعات حيوية، أهمها البنية التحتية والصناعات التحويلية والسياحة والترفيه، حسبما أوردت وكالة الأنباء السعودية (واس). ويستهدف البرنامج السعودي تنمية استثمارات القطاع الخاص المحلية لتصل إلى 5 تريليونات ريال (نحو 1.3 تريليون دولار) بحلول عام 2030، ويدعم شركات سعودية كبرى بقطاعات الحديد والصلب، والطيران، والخدمات المالية، وغيرها، كما يساهم في رفع حجم استثمارات هذه الشركات والتسريع من وتيرة تنفيذ مشاريعها.
ومن شأن هذا الدعم تعزيز المكون المحلي للصناعات، خاصة الصناعة التحويلية، التي تعتمد على المعادن، إضافة إلى توفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل، بحسب تصريحات صحفية لرئيس "شريك" التنفيذي، عبد العزيز العريفي. ويعني توفير فرص العمل المستهدفة تقليل نسبة المتعطلين عن العمل في المملكة، الذين بلغت نسبتهم في الربع الثالث من عام 2022 حوالي 9.9 في المائة حسب آخر إفادة للهيئة العامة للإحصاء السعودية.
ويتوزع معدل التعطل عن العمل بين معدل نسائي للسعوديات البالغات 15 عاماً فأكثر بنسبة 20.2 في المائة وبين السعوديين الذكور بنسبة 4.7 في المائة، بحسب الهيئة السعودية. ونمت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة عام 2022 لتصل إلى ما يقارب 1.2 تريليون ريال (320 مليار دولار)، بحسب إحصاءات رسمية، فيما تنص رؤية "السعودية 2030" الاستراتيجية على رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي من 40 إلى 65 في المائة.
ويلفت الخبير الاقتصادي، حسام عايش، إلى أن السعودية تتحرك على أكثر من محور لتنويع اقتصادها، وأهمها محور الأداء العام، وكفاءة الأعمال، والبنية التحتية، والذكاء الاصطناعي، والسياحة، والصناعات، سواء النفطية أو غير النفطية، مؤكداً أنّ الصناعات القائمة على المعادن سيكون لها شأن خاص بالمملكة خلال السنوات المقبلة.
ويوضح عايش، لـ "العربي الجديد"، أنّ الصناعات القائمة على المعادن يتنامى وزنها النسبي في مجمل مصادر الاقتصاد السعودي، إذ تقدر قيمة ثروات المعادن غير المستغلة حتى اليوم في المملكة بنحو 1.3 تريليون دولار، وهي ثروات متنوعة، إذ تشمل الفوسفات بقيمة حوالي 321 مليار دولار، والذهب بقيمة حوالي 330 مليار دولار، والنحاس بقيمة حوالي 225 مليار دولار، والزنك بقيمة حوالي 140 مليار دولار.
وهذه الثروات الهائلة من المعادن تشكل، في حال استغلالها وتطويرها، مصدراً هائلاً للتنويع الاقتصادي، علماً أن الموازنة السعودية تحولت من العجز على مدى 8 سنوات إلى الفائض المالي عام 2022، والذي بلغ نحو 24 مليار دولار. وبحسب عايش، فإن كل برامج التنويع الاقتصادي في المملكة تقوم حالياً على عوائد النفط بالأساس، وهي العوائد المرشحة للاستمرار على المدى المنظور، بخلاف توقعات خبراء دوليين لأسعار النفط في 2021، باعتبارها "آخر ذروة للارتفاع"، تزامناً مع الحرب في أوكرانيا.
لكنّ استمرار أمد الحرب وتداعياتها على مستوى سلاسل الإمداد ساهمت في زيادة الطلب على النفط بشكل خاص والطاقة بشكل عام، ما ساعد في أن يقترب الناتج المحلي الإجمالي بالسعودية من التريليون دولار، وأن تصل نسبة النمو الاقتصادي لعام 2022 نحو 8.7 في المائة، بحسب الخبير الاقتصادي.
وبلغت نسبة نمو أنشطة القطاع النفطي في السعودية عام 2022 نحو 15.4 في المائة مقارنة بعام 2021، بينما بلغت نسبة نمو أنشطة القطاع غير النفطي نحو 5.4 في المائة، أي أن نسبة نمو القطاع النفطي تساوي 3 أضعاف نظيرها بالقطاع غير النفطي تقريباً، ما يؤشر إلى أن تمويل برامج التنويع الاقتصادي في المملكة مرشح لزيادة كبيرة مستقبلاً، استناداً إلى عوائد النفط، حسبما يرى عايش. ويخلص الخبير الاقتصادي إلى أن استمرار "عصر النفط" بالسنوات المقبلة سيكون له بالغ الأثر الإيجابي على اقتصاد المملكة وقدرته على الارتكاز على مصادر متنوعة لاحقاً.