⁨أعلى مستوى للتضخم بالسعودية في 6 أشهر.. فتش عن الإيجارات⁩

22 مارس 2024
التضخم يرتفع في السعودية (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاقتصاد السعودي يشهد تبايناً في المؤشرات مع أداء إيجابي للأنشطة غير النفطية وارتفاع التضخم لـ 1.8% في فبراير/شباط 2024، مما يعزز تباين التوقعات الاقتصادية.
- الإيجارات، خاصة للفلل، تساهم بشكل كبير في زيادة التضخم، لكن الخبراء يرون أن هذا الارتفاع لن يكون طويل الأمد مع توقعات بوصول التضخم إلى 2% سنوياً.
- الحكومة السعودية تخطط لتبني سياسات مالية لمواجهة التضخم المرتقب، مع الإشارة إلى أن التضخم دون 2% سنوياً يعكس نشاطاً تجارياً صحياً ويؤكد على أهمية النشاط غير النفطي في الاقتصاد.

رغم عديد المؤشرات الاقتصادية الإيجابية بالمملكة العربية السعودية، وعلى رأسها أداء الأنشطة غير النفطية، إلا أن مؤشرات أخرى قدمت مردودا سلبيا، كان في مقدمتها التضخم الذي كشفت هيئة الإحصاء بالمملكة بلوغه، في فبراير/شباط الماضي، أعلى مستوى له منذ 6 أشهر، ما عزز من تباين التوقعات بشأن المردود الاقتصادي المتوقع حتى نهاية العام الجاري.

وبلغ المؤشر القياسي لأسعار المستهلكين (معدل التضخم) في السعودية 1.8% خلال فبراير/شباط 2024، مقارنة بالشهر المماثل من عام 2023، ليواصل التضخم ارتفاعه بالمملكة للشهر الثاني على التوالي، بعد تسجيل معدل 1.6% في يناير/كانون الثاني الماضي، وفق بيانات هيئة الإحصاء.

ومع ذلك، لا يزال التضخم منخفضا نسبيا في السعودية مقارنة بالمستويات العالمية، إذ تحد السياسات الحكومية من تأثير زيادات الأسعار العالمية، كما ظل تأثير الاضطرابات في حركة الشحن بالبحر الأحمر محدودا حتى الآن، حسبما أورد تقرير البنك المركزي السعودي بشأن التضخم في نهاية عام 2023.

ووفق وكالة "بلومبيرغ"، فإن ارتفاع التضخم السعودي لا يؤشر إلى مسار طويل الأمد، إذ إن معدل التضخم في المملكة ما يزال عند أدنى مستوياته منذ 2020 عندما بدأ التضخم في الارتفاع بقوة، ووصل إلى ذروته في يونيو/حزيران 2021 عند 6.16%.

وتعد أسعار الإيجارات المؤثر الأكبر في زيادة التضخم بالسعودية في فبراير/شباط الماضي. وساهمت في ارتفاعها الزيادة بأسعار إيجارات الفلل بنسبة 9.1%، بحسب الوكالة الأميركية.

وفي هذا الإطار، يتوقع الخبير الاقتصادي، أندرو هاموند، مواصلة معدل التضخم لارتفاعه في السعودية ليصل إلى 2% على أساس سنوي خلال الأشهر المقبلة، حسبما أورد تقرير نشره موقع "أرابيان غلف بيزنس إنسايت" في 14 مارس/آذار الجاري.

لكن هذا التوقع يظل منخفضًا مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، بحسب هاموند، الذي يتوقع أيضا أن يتراجع التضخم في السعودية لاحقا ليستقر عند حوالي 1-1.5% على أساس سنوي.

زيادة التكلفة

ويشير الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن التضخم هو زيادة التكلفة أو زيادة الأسعار، خاصة تلك المتعلقة بالسلع الاستهلاكية، وقد ارتفع في المملكة العربية السعودية مؤخرا لعدة أسباب، يعود السبب الرئيسي منها إلى الزيادة في "الإيجارات".

 ويوضح درويش أن الإيجارات تمثل "تكلفة ثابته" سواء كانت على مستوى الوحدات السكنية أو على مستوى المؤسسات التجارية، وبالتالي فإن الشركات التي ارتفعت قيمة إيجارات مقراتها ستزيد أسعارها لمواكبة ارتفاع التكلفة عليها.

ويضيف أن عدة مؤشرات أشارت إلى زيادة في التكلفة على مستوى السلع الاستهلاكية بالسعودية، ما يعود إلى زيادة التكلفة العالمية أحيانا، وفي أحيان أخرى إلى زيادة أسعار النفط أو ازدياد تكلفة اليد العاملة على المستوى العالمي، وخاصة البلدان المنتجة للسلع المستهلكة في المملكة العربية السعودية.

وينوه درويش، في الوقت ذاته، إلى أن الزيادة التضخمية على مستوى الأسعار في السعودية لاتزال دون المعدل العالمي، معتبرا ذلك مؤشرا إيجابيا على مستوى الاستهلاك الداخلي في المملكة.

وعن كيفية مواجهة الحكومة السعودية للزيادة المرشحة لمعدل التضخم هذا العام، يتوقع درويش تبني سياسات مالية داخلية تدعم بعض السلع المستهلكة، وبالتالي تحد من ارتفاع الأسعار أو تغطي هذا الارتفاع على مستوى السياسة المالية.

وضرب درويش مثالا باستهلاك الوقود، إذ يسفر ارتفاع السعر العالمي للنفط عن زيادة أسعار الوقود، ما يمكن للدولة السعودية أن تغطيه بمعدل محدد؛ بحيث تتحمل أي زيادة عن هذا المعدل بدلا من المستهلك.

تضخم تجاري

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن التضخم في المملكة العربية السعودية يؤشر إلى "نشاط تجاري" وليس إلى "خلل" في آليات عمل الأسواق بالمملكة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويوضح عجاقة أن التضخم ارتفع بأعلى وتيرة منذ 6 أشهر، لكن العامل الأبرز في هذا الارتفاع هو زيادة إيجارات المساكن، باعتبار أن التضخم يعني ارتفاعا مزمنا في الأسعار.

 وينوه عجاقة إلى أن ارتفاع إيجارات المساكن في السعودية واكبه ارتفاع بأسعار الأغذية والمشروبات والخضروات وكل ما له علاقة بالترفيه والثقافة والتعليم، ما يعني أن التضخم في السعودية عائد إلى نشاط تجاري بالدرجة الأولى، وأن النشاط غير النفطي بدأ يحتل نسبة مهمة من الاقتصاد السعودي.

 وعلى الرغم من رداءة التضخم بالمطلق للاقتصادات؛ لأنه يأكل الناتج المحلي الإجمالي ويضعف القدرة الشرائية للمواطنين، إلا أن معدله يظل آمنا طالما لم يتخط نسبة الـ 2% سنويا، وهو ما تمثله الحالة السعودية، بحسب عجاقة.

ولذا يعتقد عجاقة أنه يجب عدمالمبالغة في تقدير سلبية التضخم بالسعودية، خاصة أنه لا يزال بعيدا عن المستويات العالمية، ويتوقع أن تشهد الأشهر القادمة، في حال استمرار ارتفاع التضخم، خروج السياسة النقدية للسعودية إلى العلن، ما يراه تطورا إيجابيا للاقتصاد السعودي وحوكمته.

المساهمون