تواصلت الاحتجاجات، اليوم الثلاثاء، في مدينة القامشلي بريف الحسكة الشمالي، شمال شرقي سورية، لليوم الثاني على التوالي رفضاً لقرار "الإدارة الذاتية" رفع أسعار المحروقات والوقود.
وشارك في الاحتجاجات نشطاء وسياسيون ومثقفون وأهالٍ في القامشلي، مطالبين "الإدارة الذاتية" في شمال وشرق سورية بإلغاء قرار رفع سعر المحروقات والوقود. وتجمع المشاركون في الاحتجاج أمام بلدية الشعب، في القامشلي، ثم ساروا في مركز المدينة وصولاً إلى دوار سوني.
وكانت احتجاجات قد بدأت، يوم أمس الاثنين، وشملت مدن القامشلي وديريك بريف محافظة الحسكة، وعين العرب (كوباني) ومدينة منبج بريف حلب الشرقي، شمالي البلاد.
وقال معصوم محمد، وهو مواطن ينحدر من مدينة عامودا وشارك في حراك القامشلي اليوم، في حديث لـ "العربي الجديد": "(ويلاااااو) قلتها من الصدمة عندما لا تكون هناك كلمة تعبّر عن الموقف، وعندما كتبتها على اليافطة رأيتها أكثر تعبيراً عن الحدث. فنحن ندعو الله أن لا تكون هناك حرب في مناطقنا، وأن يستقر الوضع الاقتصادي، فإذا بهم يخرجون لنا بهذا القرار المجحف".
وأضاف: "شاركت في التظاهر لأمثل نفسي وأولادي لأننا تضررنا من هذا القرار. أبسط مثال، الشتاء على الأبواب، والإدارة الذاتية تخصص فقط ثلاثمائة ليتر من المازوت المدعوم للتدفئة، ما اضطرني لشراء سبعمائة ليتر بالسعر الحر، يعني ما يقارب ثلاثة ملايين ومائة وخمسين ألف ليرة سورية، ومنذ الآن أحمل هم توفير هذا المبلغ. عدا عن أن أسعار المواد مباشرة ارتفعت من خبز وخضار وفواكه بسبب ارتفاع سعر الشحن ولا ننسى الإيجار".
وبيّن محمد: "هم يقولون إنهم رفعوا سعر المازوت الحر، ولكنهم لا يوفرون لنا المازوت المدعوم، ما يضطرنا إلى شراء المازوت الحر، ودخل الفرد لا يكفي كل هذه المصاريف، ما يضطرنا إلى أن نعمل ثلاثة أشغال لتغطية مصاريفنا ونبقى في وطننا، ولكن هذا القرار يدفعنا إلى أن نفكر بجدية بالخروج والهجرة من الوطن".
وأردف: "آمل أن تتراجع الإدارة الذاتية عن هذا القرار وأن نبقى في وطننا، ولأجل ذلك خرجنا للتظاهر، ولم نخرج ضد الإدارة الذاتية"، مضيفاً: "نحن ضد هذا القرار لأنه من شأنه أن يفرغ المنطقة من سكانها، حيث إن الدخل الفردي لم يعد يكفي".
وأشار محمد إلى أن هذا القرار "عكّر حياتنا، فلم نعد نعرف بماذا نفكر، بربطة الخبز أم بالمواصلات التي ارتفعت تعرفتها لطلاب المدارس والجامعات، أم بالمواد الغذائية. ليس بوسعنا إلا أن نقول (ويلاااااو)".
بدورها، ترى زاريا عليان، من سكان مدينة القامشلي والمشاركة في الحراك لـ"العربي الجديد"، أن "اتخاذ أي قرار يجب أن يأخذ مصلحة الشعب بعين الاعتبار، فالشعب مسبقاً يعاني من سوء الوضع المعيشي والاقتصادي والآن صدور هذا القرار يدفع بالناس إلى الهلاك، ويسبب لهم الكثير من الصعوبات المعيشية".
وأوضحت عليان، أن "من تبقى من الشعب بات يفكر بالهجرة والهروب من هذا الواقع. الناس قاوموا لعشرات السنين. هم لا يرغبون أن يتركوا وطنهم، ولكن هكذا قرارات تضيِّق عليهم، ونتيجة ذلك تغيير ديمغرافية منطقتنا، فيوماً بعد يوم سكان المنطقة يتركونها ويهاجرون إلى الخارج، ويوماً بعد يوم نسبة الأكراد في المنطقة تقل".
وأضافت: "دعونا من الشعارات الرنانة ولنتكلم حقيقة، الواقع أنّ الناس لم يعد بمقدورهم أن يتحملوا"، مشيرةً إلى أن "الأشخاص الذين اتخذوا هذا القرار لم يراعوا مصلحة الشعب، بل بالعكس سببوا له الكثير من الصعوبات.. نأمل منهم أن يتراجعوا عن هذا القرار".
من جانبه، اعتبر رامان سيدو، وهو من سكان مدينة عامودا وأحد المشاركين في الحراك لـ "العربي الجديد"، أن "هذا القرار لا يُنقص من فرص تهريب المازوت، بل إن وجود المازوت الحر هو سبب التهريب، لذلك يجب إلغاء القرار، مع منع وجود المازوت الحر".
وبين سيدو، أنه "للتقليل من تلوث السيارات الحديثة، علينا إجبار المالكين على تركيب أجهزة الأدخنة السامة للبيئة، ومعالجة مشكلة الكهرباء، وليس زيادة سعر المحروقات، ولتعويض ميزانية الإدارة الذاتية، عليها دعم المشاريع الخاصة، والمشاريع الزراعية على وجه الخصوص، مع تقليل تدخل الإدارة في وسائل الإنتاج، وليس رفع سعر المحروقات".
ولفت سيدو، إلى أنه "ليست لدى الإدارة الذاتية مصافٍ، لذلك ليست هناك تكاليف الجودة والتصفية، كما صرح أحد المسؤولين. كما أن الإصلاحات والمشاريع الخدمية لا تبدأ برفع أسعار المحروقات، والتراجع عن القرار لا يكسر هيبة الإدارة الذاتية، ولا ينقص من قيمة مؤسساتها، وعلى العكس تماماً سيمنحها مزيداً من الاحترام والتقدير والشعور بالأمان معها". ولفت إلى أنه "يجب على الإدارة الذاتية الديمقراطية الاستماع لمطالب الشعب وجعلها فعلا تجربة ديمقراطية يساهم فيها الجميع".
إلى ذلك، قال رمضان علي، وهو من سكان مدينة القامشلي وأحد المشاركين في الاحتجاجات، لـ "العربي الجديد": "خرجنا البارحة واليوم وسنخرج بشكل يومي، إلى أن يتراجعوا عن هذا القرار. هذا القرار مجحف بحق الشعب، ويجب أن يوفروا الخدمات، وخاصة الوقود والمحروقات للشعب، لأن جميع نواحي الحياة تتأثر بالمحروقات من خبز وخضار والمواد الغذائية ونقل ومواصلات، لذلك يجب أن يكون سعر المحروقات مناسباً لدخل الفرد، ويجعله يعيش حياة كريمة، وعليهم ألا يضغطوا على الشعب فيفكر بالهجرة إلى الخارج بل يتمسك بوطنه. يجب ألا نفرط بباقي الشعب، ونأمل منكم أن توصلوا صوتنا إلى الجهات المعنية لتتراجع عن هذا القرار المجحف".
وكانت إدارة المحروقات التابعة لـ "الإدارة الذاتية" قد رفعت سعر المازوت بشكل غير معلن، لكنها أصدرت، بعد ظهر يوم الأحد الفائت، قراراً رسمياً، تضمن رفعاً لأسعار المازوت يتراوح بين 250% و440%.