وهل تبكي أميركا التي تلقي بفائض قمحها في البحر على الجوعى؟

24 يوليو 2023
زيادة سعر القمح يزيد عدد الجوعى حول العالم/ فرانس برس
+ الخط -

أسعار الحبوب تشهد قفزات، وفي المقدمة القمح والذرة والأرز وغيرها، والعالم لا يزال يبحث عن بديل للقمح الأوكراني الذي توقف تصديره بعد أن هددت روسيا بمعاملة السفن المتجهة إلى الموانئ الأوكرانية كأهداف عسكرية محتملة.

ولا تزال الضغوط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متعثرة حتى من قبل حليف مهم كالصين وتركيا وغيرهما والذين فشلوا في تليين الموقف الروسي المتشدد.

ولا تزال بدائل البحر الأسود لتصدير القمح الأوكراني صعبة، بما فيها استعمال نهر الدانوب الذي يمر عبر رومانيا، أو ميناء كونستانتسا الروماني أيضا، وهو أقرب ميناء للمياه الأوكرانية، ومنه تنطلق السفن مرة أخرى نحو تركيا.

لا تزال الضغوط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتجديد اتفاقية الحبوب متعثرة حتى من قبل حليف مهم كالصين وتركيا

كل الخيارات لإعادة تصدير القمح الأوكراني وشحنات الحبوب لأسواق العالم باتت معقدة وصعبة ومكلفة وتحتاج إلى تأمين من قذائف القوات الروسية.

ومع خلط الأوراق تلك وعدم وجود ضوء في ذلك النفق المظلم، تظل الدول التي تعتمد على الخارج في إطعام مواطنيها وتموين أسواقها المحلية من السلع الغذائية والاستراتيجية هي الأكثر تضررا بما يحدث حاليا في أسواق الحبوب العالمية، والأكثر تأثرا بإلغاء روسيا اتفاقية تصدير الحبوب، وبعده حظر الهند تصدير الأرز الأبيض.

وتزداد خسائرها مع توجه دول رئيسية كبرى منتجة للغذاء نحو وقف تصدير الحبوب للمحافظة على استقرار الأسعار في الأسواق المحلية.

وتظل الدول العربية الأكثر تضررا من الزيادات المتوقعة في أسعار سلع غذائية حيوية منها القمح والأرز والذرة والزيوت النباتية.

والمتأمل لما يحدث في أسواق الحبوب الدولية يجد أن الأسعار تسجل ارتفاعات يوما بعد يوم في ظل ضبابية المشهد في سوق الحبوب العالمية، وزيادة المخاطر الجيوسياسية حول العالم، وزيادة التوتر داخل أوكرانيا، وأزمة الجفاف والطقس الحار.

فقد ارتفعت أسعار الحبوب خلال تعاملات اليوم الاثنين ليقفز سعر القمح إلى أعلى مستوياته في خمسة أشهر تقريبًا. كما قفز سعر الأرز بنسبة تزيد عن 15% خلال العام الجاري.

 وهذه القفزة تشكل إرهاقا شديدا لمالية الدول التي تعتمد على الخارج في سد احتياجات أسواقها من الأغذية.

مصر وتونس ولبنان وسورية والمغرب والأردن واليمن والسودان والعراق والجزائر أبرز المتضررين من قفزات الأسعار

نذكر هنا مصر وتونس ولبنان وسورية والمغرب والأردن واليمن والسودان والعراق والجزائر وغيرها من الدول التي تعتمد على القمح الروسي والأوكراني، أو حتى تلك المعتمدة على القمح الأسترالي والفرنسي والأميركي والذي من المتوقع أن تشهد أسعاره ارتفاعا في الفترة المقبلة.

روسيا لا تزال مصرة على موقفها من عدم تجديد اتفاقية الحبوب لأسباب ترى أنها منطقية وتدافع عنها بقوة في مواجهة ضغوط غربية، وهو ما يهدد برفع أسعار المواد الغذائية على المستهلكين في جميع أنحاء العالم، ويدفع ملايين الناس نحو الجوع، ويرفع احتمالية مواجهة العديد من الدول انعدام الأمن الغذائي، وفي المقدمة معظم الدول العربية التي تصنف أنها من أكبر مشتري القمح حول العالم.

موقف
التحديثات الحية

ويبدو أن الولايات المتحدة لن تستجيب لشروط موسكو، ولا يهمها كثيرا موت مئات الآلاف من الجوعى حول العالم، كل ما يعنيها هو إزالة روسيا من خريطة العالم، وقبلها عدم الاستجابة لضغوط موسكو كشرط لتجديد اتفاقية الحبوب وتجفيف منابع تمويل الحرب على أوكرانيا.

فالولايات المتحدة التي كانت تلقي بفائض قمحها وحبوبها في البحار والمحيطات، حتى لا تنخفض الأسعار في الأسواق العالمية، لن تذرف دمعة على الفقراء والجوعى.

وفي ظل تلك الأجواء الملبدة فإن العالم قد يخسر معركته ضد القضاء على الجوع بحلول العام 2030، خاصة وأن كورونا والتضخم والركود والحرب الروسية الأوكرانية أضافوا الملايين لقائمة الجوعى حول العالم، وأن ما يقرب من 600 مليون شخص سيظلون جوعى في عام 2030، وأن الرقم مرشح للزيادة.

المساهمون