قال وزير الكهرباء اليمني، أنور كلشات، إن الحكومة خاطبت السعودية من أجل تجديد منحة الوقود التي تنتهي في نهاية إبريل/نيسان القادم، لافتاً في حوار مع "العربي الجديد"، إلى أن عدم تجديد المنحة يعني مواجهة اليمنيين صيفاً بلا كهرباء في ظل عدم قدرة الحكومة على شراء الوقود من السوق الدولية لعدم توفر العملة الصعبة اللازمة لذلك.
وأشار كلشات إلى أن الحكومة اليمنية تحتاج إلى قرابة ملياري دولار، لإصلاح قطاع الكهرباء المتهالك جراء الحرب التي دخلت عامها الثامن. وفيما يلي نص الحوار:
- كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على قطاع الكهرباء في اليمن؟
الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية وارتداداتها على الاقتصاد وصلت إلى كل بلدان العالم، واليمن لا شك تأثر بهذه الأزمة بشكل كبير، خصوصاً وأن أسعار النفط شهدت ارتفاعاً كبيراً، فسعر البرميل تجاوز المائة دولار.
نحن في قطاع الكهرباء تساعدنا المنحة السعودية كثيراً في تخطي هذه الأزمة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وبالتالي ارتفاع أسعار الديزل والمازوت في توليد الطاقة، ولولا منحة الوقود التي تقدمها السعودية لكنا نعاني كثيراً، وربما وصلنا إلى مرحلة قد لا نستطيع فيها تسديد قيمة الشحنات التي تتطلبها محطات الكهرباء لاستمرار تشغيل التيار الكهربائي في البلد.
الحكومة اليمنية تساهم بشكل بسيط في دفع جزء من قيمة الوقود، لكن هذا الأمر لا يعد شيئاً لو قمنا بشراء المازوت من السوق الدولية في ظل الارتفاعات الكبيرة التي يشهدها العالم حالياً، إضافة إلى خسائر كبيرة ستتكبدها الحكومة وأثرها سيكون بالغاً على الاقتصاد وعلى العملة المحلية، وبالتالي على معيشة المواطن بشكل عام.
- تعتمدون بشكل شبه كلي على المنحة السعودية في توليد الكهرباء والتي ستنتهي بعد شهر، هل هناك وعود سعودية بتجديد هذه المنحة؟
المنحة لها مديان زمني وكمي ولها سقف مالي محدد، والسقف الزمني سينتهي في شهر إبريل/نيسان 2022، وبالنسبة إلى سقفها المالي والكميات المقدمة لا يزال هناك مبلغ وكميات لم تستغل حتى الآن من المنحة.
إجمالي المنحة يقدر بـ422 مليون دولار، وما استنفد حتى الآن يزيد عن 70% من المبلغ، أما الكميات المقدمة فقد استهلكنا أكثر من 60% منها والتي تقدر بـ1.2 مليون طن من الديزل والمازوت.
وقد خاطبنا الأشقاء في البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن كونهم المشرفين على المنحة وإدارتها، وطالبناهم بتمديد المنحة كون الفترة أوشكت على الانتهاء.
ولكن حتى الآن لم نستفد من كل كميات المنحة ولا يزال لدينا شهر، وأملنا كبير بالأشقاء في السعودية بالموافقة على تمديد الفترة الزمنية للمنحة كونها مهمة لاستقرار توليد الكهرباء في اليمن. ولا شك في أن هذه المنحة تخفف على الحكومة الكثير من الأعباء وعلى السلطات المحلية في البلد.
- إذا هناك اشتراطات أو إصلاحات تطالب بها السعودية لتمديد المنحة؟
المنحة عبارة عن منظومة متكاملة من الإجراءات والإصلاحات وكلها تصبّ في مصلحة المؤسسة العامة للكهرباء في اليمن وتعزز العمل المؤسسي وتساهم في عودة مؤسسات الدولة. وقد نفذنا جزءاً من هذه الإصلاحات، والجزء الآخر لم نتمكن من تنفيذه بسبب الظروف الحالية في البلد والحرب، لأننا نتحدث عن إصلاحات هدفها في النهاية انتشال قطاع الكهرباء من الوضع الذي يعيشه ودعم عودة مؤسسات الدولة.
- ما هي أبرز الإصلاحات التي تطلبها السعودية؟
من أبرز الإصلاحات المطلوبة رفع نسبة التحصيل وزيادة المبيعات وتخفيف نسبة الفاقد، ومكافحة العشوائية، وتطبيق الحوكمة والرقابة.
ونحن في وزارة الكهرباء نجحنا في تنفيذ كثير من هذه الإصلاحات؛ في عدن مثلاً قللنا نسبة الفاقد بنسبة 38% وارتفعت نسبة التحصيل بشكل كبير وتمكنا من ربط المناطق إدارياً بمؤسسة الكهرباء.
وفي النهاية، هذه الإصلاحات التي تطلب منا تساعدنا على أن نستعيد دور المؤسسة العامة للكهرباء في المحافظات المحررة، لأن هذه المؤسسة تفككت خلال السنوات الماضية من الحرب، فكانت هذه فرصة لنا حتى نستعيد العمل المؤسسي عبر هذه المنحة.
- نرجو إلقاء الضوء على مسارات هذه المنحة.
المنحة لها ثلاثة مسارات، الأول يتعلق بالشق الإداري والمالي ونقوم بسداد قيمة الشحنات المطلوبة أولاً بأول ولا مشاكل فيه.
أما المسار الثاني فيتعلق بالإصلاحات المطلوبة وهنا نخفق في نقطة وننجح في أخرى ولدينا مشاكل في هذا الإطار بسبب الحرب. والثالث هو الاعتماد على الذات والانتقال للعمل على محطات أقل كلفة من المحطات التي تعمل بالديزل.
نحن في الحكومة اتخذنا قراراً بأنه من الآن فصاعداً يمنع منعاً باتاً شراء أو إجراء أي عقود طاقة مشتراة بالديزل، كونه وقوداً من أغلى ما يمكن أن تشغل به محطات الكهرباء والذي يرفع كلفة التوليد. ونتجه إلى الوقود الأقل كلفة مثل المازوت وإنشاء محطات بالغاز. ونعمل الآن على إعداد عقود لإنشاء محطات طاقة شمسية في ثلاث محافظات (أبين والمهرة والمكلا) وهي بمثابة فتح باب للطاقة المتجددة ونحاول قدر الإمكان أن نغير شيئاً من الواقع الموجود ونحدث نوعاً من التقدم.
- ماذا عن قدرتكم على الوصول إلى مرحلة الاعتماد على الذات في حال لم تجدد المنحة السعودية؟
لنكن واقعيين، الحكومة اليمنية تعمل حالياً بنسبة 20% من الإيرادات التي كانت قبل الحرب، الموارد ضئيلة والعملة المحلية منهارة، والوضع الاقتصادي بشكل عام في المنطقة صعب للغاية، وهناك أزمات اقتصادية، وإنتاجنا من النفط أيضاً ضئيل جداً. ومن الصعب جداً أن نعتمد على أنفسنا في هذه المرحلة.
- الحرب هي التي تمنع الوصول إلى هذه المرحلة، أم أن هناك أسباباً أخرى؟
لا شك في أن الحرب هي التي تعيق عمل أي شيء، وهي حرب فرضت علينا من قبل المليشيات الانقلابية وتسببت في هذه الكارثة التي حلت على اليمن والتي تدمر فيها الكثير من منظومات الدولة وتسببت في تدهور الخدمات وعلى رأسها خدمة الكهرباء. ومع انتهاء الحرب سنكون قادرين على رفع نسبة إنتاج الغاز وصادرات النفط، وقبل هذه الحرب وصل إنتاج النفط إلى 500 ألف برميل في اليوم، لكن هذه الأيام ننتج ما بين 60 و70 ألف برميل في اليوم.
- ما الذي تحتاجون إليه من إمكانيات للوصول إلى هذه المرحلة؟
نحتاج إلى الكثير من العوامل والإمكانيات التي لو توفرت يمكننا أن ننتقل إلى هذه المرحلة بالذات كدولة تنتج الغاز، لكن ينقصنا التمويل لو توفر لدينا يمكن أن نقوم بإنشاء محطات كثيرة تعمل بالغاز وهو وقود نظيف ونملكه ولن نتجه لشرائه من السوق الدولية وبالتالي توفير مبالغ كبيرة لموازنة الدولة.
وكذا إنشاء محطات كبيرة في أماكن توفر الغاز ثم مد خطوط النقل إلى المناطق المجاورة لهذه المحطات، ولا شك في أننا سنصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي خصوصاً وأن كلفة الإنتاج ستقلّ من 240 ريالاً (أقل من دولار) للكيلو واط ساعة إلى ما يقارب العشرين ريالاً، وهذا فارق كبير جداً سيجعل من المؤسسة العامة للكهرباء تعمل على تغطية تكاليف الإنتاج إلى حد ما، وسيبعد عن كاهل الحكومة هذا الهمّ الكبير المتمثل في توفير وقود محطات الكهرباء والذي يشكل ما يقارب 90% من كلفة الإنتاج في وقتنا الحالي.
- هل لديكم اتصالات مع شركاء إقليميين أو دوليين لدعم الكهرباء والمساعدة في إصلاح هذا القطاع؟
لا شك في أننا ننقل معاناتنا في هذا الملف لكل الأشقاء والأصدقاء، وتحدثنا عن ذلك مع الكثير من الدول، وحتى الآن لم نتلق أي استجابة من أي طرف، لكن حالياً الأشقاء في قطر سيقومون بصيانة المحطة القطرية في عدن 60 ميغاواطاً والتي مولتها ودعمتها قطر كمنحة.
- كم هي القدرة التي تعملون بها في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة في هذه المرحلة؟
القدرة الإنتاجية تختلف من محافظة إلى أخرى، على سبيل المثال في عدن ما يتوفر لدينا من توليد حالياً، حكومي وطاقة مشتراة، قد يصل في أفضل الحالات إلى 300 ميغاواط، بينما في الصيف ترتفع الأحمال إلى 600 ميغاواط. وفي الصيف يصبح العجز كبيرا، ويكون انقطاع التيار الكهربائي متواصلا، بسبب عدم توفر التوليد، والمشكلة الأخرى التي تواجهنا في الصيف أيضاً هي توفير الوقود.
وللقضاء على هذا العجز في كل المحافظات نحتاج إلى قرابة 1600 ميغاواط. وإذا لم يتم تمديد المنحة السعودية مع اقتراب فصل الصيف، فسنواجه مشكلة حقيقية وربما صيفاً بلا كهرباء، وعلينا أن نستعد وأن نعمل على توفير الوقود للصيف.
القدرة الإنتاجية تختلف من محافظة إلى أخرى، على سبيل المثال في عدن ما يتوفر لدينا من توليد حالياً، حكومي وطاقة مشتراة، قد يصل في أفضل الحالات إلى 300 ميغاواط
- ألا تمتلكون أي بدائل في حال عدم تمديد المنحة السعودية؟
البديل هو شراء الوقود وتوفير العملة الصعبة من أجل ذلك لتوليد الطاقة في محطات الكهرباء، وهذا الأمر صعب، حيث نحتاج لشراء شحنة وقود من السوق الدولية إلى 64 مليون دولار لمدة شهر، المنحة وفرت لنا شراء هذه الشحنة بما يقارب 11 مليون دولار، وهذا فارق كبير جداً توفره الحكومة بفضل هذه المنحة. كحكومة نحن حريصون على الاستفادة من هذه المنحة ومواصلة تمديدها.
- هل تخططون لزيادة تعرفة الكهرباء على المواطنين؟
في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطن اليمني، وانهيار العملة الوطنية، والتضخم الحاصل في الأسعار وضعف القيمة الشرائية للمواطن، نواجه صعوبة كبيرة في رفع تسعيرة الكهرباء لهذه الأسباب. لكن بالرغم من هذا، فقد أقدمنا على خطوة من خلال تحريك التعرفة التجارية إلى 100 ريال من 70 ريالاً، وفي المستقبل ستكون هناك خطوات على شكل برنامج من الإجراءات عندما تتحسن الظروف.
- ما هي أولوياتكم لإصلاح قطاع الكهرباء في المرحلة المقبلة؟
مشاكل قطاع الكهرباء ألخصها في ثلاثة محاور: المحور الأول يتمثل في عجز التوليد، ونحن الآن نعد رؤية للوزارة للمستقبل، تقوم على بناء محطات جديدة لتلبية الاحتياجات والطلب المتزايد على التيار الكهربائي لكن من خلال محطات تنتج الكهرباء بأقل كلفة ممكنة وهناك فرص ممكنة، وتوجد محطة الرئيس هادي التي تنتج 264 ميغاواطاً، ومن المقرر أن تدخل الخدمة في الصيف القادم. والمحور الآخر هو خطوط النقل، وللأسف شبكات النقل في البلد ليست مترابطة ولا توجد شبكة وطنية تربط المحافظات.
وهذا لا شك سيكون من أهداف الوزارة في المستقبل، وهي إنشاء محطات كبيرة ومد خطوط نقل ذات قدرة عالية.
والمحور الثالث، هو شبكات التوزيع، وللأسف الشبكات الحالية متهالكة وبعضها قديم جداً وأعمال الصيانة فيها لم تتم، وهذا أدى إلى ارتفاع نسبة الفاقد في الشبكات بعضها وصل إلى 50% وبعضها إلى 60% وهذا الفاقد يعني طاقة كهربائية ومبالغ مهدَرة.
بديل المنحة هو شراء الوقود وتوفير العملة الصعبة من أجل ذلك لتوليد الطاقة في محطات الكهرباء، وهذا الأمر صعب، حيث نحتاج لشراء شحنة وقود من السوق الدولية إلى 64 مليون دولار لمدة شهر
إذا عملنا على هذه المحاور الثلاثة في المستقبل وأوجدنا لها الحلول، لا شك في أننا سنكون قد قمنا بإصلاح هذا القطاع الذي يعاني منذ سنوات طويلة وقمنا بتطويره.
- كم عدد المحطات التي تعمل حالياً في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة؟
هناك الكثير من المحطات الصغيرة التي تنتج كميات بسيطة من الكهرباء، لكن لا توجد لدينا محطات كبيرة سوى محطة مأرب الغازية التي تنتج 340 ميغاواطاً وتحتاج إلى صيانة، والأشقاء في دولة الكويت اعتمدوا خطة لصيانة محطة مأرب بمبلغ 40 مليون دولار، ولدينا محطة الرئيس هادي والتي تنتج 264 ميغاواطاً ومحطة في حضرموت الوادي تنتج 75 ميغاواطاً. لكن باقي المحطات أغلبها صغيرة، وإجمالاً المحطات الموجودة حالياً قد تصل إلى قرابة 70 محطة كهرباء صغيرة وثلاث محطات كبيرة.
- ما حجم الأموال التي تحتاجها الحكومة اليمنية لإصلاح قطاع الكهرباء بشكل جذري؟
التغلب على العجز في قطاع الكهرباء يحتاج إلى استثمار مبالغ كبيرة، نحن نتحدث عن قرابة 1.5 مليار إلى ملياري دولار، من أجل إنشاء محطات كبيرة توفر الطاقة الكهربائية وتواكب حجم الطلب الموجود، وأكبر مشكلة نواجهها حالياً هي توفير التمويل في ظل الحرب الدائرة منذ سنوات.