هل فشل سلاح الغاز الروسي ضد أوروبا؟

20 سبتمبر 2022
اجتماع طارئ لمفوضية الطاقة الأوروبية في بروكسل (getty)
+ الخط -

يبدو أن الحملة الاقتصادية التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لإجبار الحكومات الأوروبية على التخلي عن دعمها أوكرانيا من خلال كبح حاد لإمدادات الغاز الطبيعي، تتعثر مع انخفاض أسعار الغاز في دول القارة، وتدهور الموارد المالية للحكومة الروسية، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وحتى الآن، نجحت خطط القارة الأوروبية في ملء خزانات الغاز لموسم الشتاء، كما وضعت خططًا لتخفيف الضغط المالي عن الأسر والشركات. وكانت المفوضية الأوروبية قد أقرت، الأسبوع الماضي، حزمة مالية قدرها 140 مليار دولار لمساعدة الأسر على تسديد فواتير الطاقة خلال الشتاء المقبل.
وحسب "وول ستريت جورنال"، ينظر خبراء إلى نجاح أو فشل روسيا في استخدامها سلاح الغاز ضد أوروبا على أنه أمر حاسم في تقرير نتيجة الصراع في أوكرانيا.
لكن الدلائل تشير إلى أن استراتيجية بوتين الاقتصادية تواجه الفشل، ويتزامن هذا الفشل مع انتكاسات خطيرة في ساحة المعركة، حيث تستعيد القوات الأوكرانية مساحات من الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق أوكرانيا.
واضطر الرئيس الروسي إلى الاعتراف بمخاوف القادة الصينيين والهنود من عواقب غزو أوكرانيا على العالم في قمة شنغهاي للتعاون، التي عقدت الأسبوع الماضي في أوزبكستان.
وتقول الحكومات الأوروبية إن مناورة بوتين تتمثل في قطع إمدادات الغاز الطبيعي لإلحاق الأذى بالأسر والشركات الأوروبية، حتى ينقلب السكان ضد الحكومات ويعارضوا سياسات العقوبات ضد روسيا، وبالتالي التخلي عن دعم أوكرانيا بالأسلحة والمساعدات المالية.
ولكن رغم ذلك، لا توجد تأكيدات أن روسيا خسرت المعركة الاقتصادية تماماً حتى الآن، وربما يكون هذا الشتاء المقبل من العوامل الحاسمة في تقرير مصير المعركة الاقتصادية بين بوتين وأوروبا. وبمجرد انتهاء هذا الشتاء، فإن نفوذ بوتين على إمدادات الطاقة في أوروبا سوف يتلاشى، كما يرى اقتصاديون.
ولعب بوتين على أزمة الطاقة بأوروبا في أواخر أغسطس/آب الماضي، عندما أوقف شحنات الغاز الطبيعي إلى أوروبا إلى أجل غير مسمى عبر خط أنابيب" نورد ستريم 1".

وقال خبير الطاقة دانييل ييرجين، نائب رئيس وكالة " ستاندرد آند بورز غلوبال": "الشتاء هو وقت بوتين للضغط على أوروبا".
وترى "وول ستريت جورنال" أن ثروة روسيا في مجال الطاقة الناتجة عن ارتفاع الأسعار بعد حرب أوكرانيا، بدأت تتلاشى بسرعة مع انخفاض صادرات الغاز بحدة وانخفاض أسعار النفط.
وانخفض سعر خام برنت من أكثر من 120 دولارًا للبرميل في يونيو/حزيران، إلى حوالي 90 دولاراً للبرميل. ولكن خام الأورال الروسي، وبسبب العقوبات، يباع بسعر أقل من سعر السوق العالمي.
وأظهرت بيانات الحكومة الروسية الصادرة أمس الاثنين أن الميزانية الروسية تحولت من الفائض إلى عجز كبير في أغسطس/آب. وذكرت أن فائض الميزانية تقلص إلى 137 مليار روبل، أو نحو 2.3 مليار دولار، في الأشهر الثمانية الأولى من العام، وذلك من حوالي 481 مليار روبل في يوليو/تموز منذ بداية العام.

وفي المقابل، نجحت الحكومات الأوروبية في تأمين إمدادات إضافية من الغاز الطبيعي لتعويض بعض الغاز الروسي المفقود. من المرجح أيضًا أن ينخفض استخدام الغاز في ما يسميه الاقتصاديون تدمير الطلب، أو إغلاق المصانع والتخفيضات في استهلاك الأسرة بسبب ارتفاع الأسعار. وفي الأسبوع الماضي، طرح الاتحاد الأوروبي مقترحات، لم توافق عليها الحكومات بعد، لتخفيف الضغط عن المستهلكين، بما في ذلك القيود الإلزامية على استخدام الكهرباء.
إلى ذلك، كشفت المفوضية الأوروبية عن اقتراح، أمس الاثنين، من شأنه أن يسمح لدول الاتحاد الأوروبي بتأمين الإمدادات الأساسية أثناء أزمة الطاقة.
ويمكن للمفوضية، بموجب مسودة القواعد الطارئة التي تدرسها حالياً، إصدار أوامر لدول الاتحاد الأوروبي بإعادة تنظيم سلاسل التوريد وزيادة الإمدادات من السلع الرئيسية بأسرع ما يمكن، بما في ذلك توسيع أو إعادة توظيف القدرات الإنتاجية الحالية أو إنشاء قدرات جديدة وطرح تلك السلع في السوق.
وقالت نائبة رئيسة المفوضية مارغريت فيستاجر، في إفادة صحافية نقلتها "رويترز": "نحتاج إلى أدوات جديدة تسمح لنا بالتصرف بسرعة وبشكل جماعي مع المخاطر التي نواجهها".

المساهمون