هل انتهت معاناة الاقتصاد الأميركي؟ ... إليك التوقعات

02 اغسطس 2022
متعاملون في سوق وول ستريت (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أدائها القوي في الأسبوع الماضي، وتجاوزها قرار رفع بنك الاحتياط الفيدرالي للفائدة، وانكماش الاقتصاد للربع الثاني على التوالي، لا يزال بعض محللي الأسهم الأميركية يشككون في أن الأسوأ قد مضى، سواء فيما يخص توقعات أداء الشركات ومن ثم أسعار أسهمها، أو ما يخص التضخم ومخاوف الوقوع في ركود، خلال الفترة القادمة.

ويوم الأربعاء، وبعد رفع البنك الفيدرالي معدل الفائدة 0.75% أساس للمرة الثانية على التوالي، كانتا الأعلى منذ عام 1994، استبشر المستثمرون خيراً لأن الرفع لم يكن 1%، وأيضاً للغة رئيس البنك جيروم باول خلال المؤتمر الصحافي، التي خلت من تمهيدٍ لرفع كبير في الاجتماعات المقبلة.
انتعشت أسواق الأسهم خلال الساعة ونصف الأخيرة من تعاملات الأربعاء، وخلال ساعات التعامل يوم الخميس، قبل أن تأتي بيانات مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة، والتي أظهرت يوم الجمعة الماضي انكماش الاقتصاد الأميركي خلال الربع الثاني من العام بنسبة 0.9%، لتدعم توقعات المستثمرين باقتراب دورة تشديد السياسة النقدية، التي بدأها البنك اعتباراً من الربع الأول من العام الحالي، من الانتهاء، وتدفع مؤشرات الأسهم إلى مزيد من الارتفاع.
وبعد نصف عامٍ أول كان الأسوأ لمؤشرات الأسهم الأميركية فيما يقرب من نصف قرن، انتهى شهر يوليو/تموز على مكاسب قوية، بلغت 6.7% لمؤشر داو جونز الصناعي، و9.1% لمؤشر إس آند بي 500، بينما كانت 12.4% لمؤشر ناسداك.
وعلى الرغم من ارتفاعات الشهر، التي كانت الأعلى منذ عام 2020، لم يخْف كثير من الاقتصاديين ومسؤولي الشركات مخاوفهم من ركودٍ بدأت علاماته تظهر في معدلات نمو مبيعات الشركات الأميركية الكبرى، بعدما استحوذت فواتير الغاز والكهرباء ومحطات الوقود على نسبةٍ لا يستهان بها من دخولهم.
وشهد الأسبوع الماضي إعلان أكبر خمس شركات أميركية لناحية القيمة السوقية، آبل ومايكروسوفت وألفابيت (غوغل) وأمازون وفيسبوك، نتائج أعمالها خلال الربع الثاني من العام، وجاءت في أغلبها أفضل من التوقعات، الأمر الذي تسبب في ارتفاع أسهمها ومن ثم قيادة المؤشرات الرئيسية للارتفاع، إلا أن تصريحات المسؤولين فيها، كما في بعض الشركات الأخرى، أثارت القلق لدى الكثير من المستثمرين.
وبعد إعلانها توظيف مئات الآلاف خلال عام الوباء في وقتٍ كانت أغلب الشركات الأميركية تسرح أعداداً كبيرة من موظفيها، أظهرت بيانات عملاق تجارة التجزئة "أمازون" انخفاض عدد العاملين فيها بنحو 99 ألف عامل عند نهاية الربع الثاني، مقارنة بما كان عليه مع نهاية الربع الأول من العام، وهو أكبر انخفاض ربعي في تاريخ الشركة.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وأكد المدير المالي في الشركة، بريان أولسافسكي، أن شركته تخطط لأن تكون أكثر حذراً في تعييناتها خلال الفترة القادمة، مضيفاً "أعتقد أنه يتعين على الشركات أن تتساءل إذا ما كان عليها أن تعيد التفكير في خطط التعيينات لديها، نحن أيضاً نفعل ذلك، ولا أعتقد أن تعييناتنا ستكون كما كانت عليه العام الماضي". أولسافسكي قال أيضاً "نحن نرى نمواً قوياً بالفعل، إلا أننا ندرك أن هذه الأمور قد تتغير سريعاً".
وكان المسؤولون الأميركيون، بمن فيهم الرئيس جو بايدن، ورئيس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) جيروم باول، ووزيرة الخزانة (المالية) جانيت يالين، قد أكدوا مراراً أن الاقتصاد الأميركي لم يدخل مرحلة الركود، رغم تراجع الناتج المحلي الإجمالي في أول ربعين من العام، مشيرين إلى العديد من المؤشرات الاقتصادية الجيدة الموجودة حالياً، وفي مقدمتها سوق العمل القوية التي أبقت معدل البطالة بالقرب من أدنى مستوياته فيما يقرب من نصف قرن.
وعلى نفس الدرب، سارت كوري باري، الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر بست باي Best Buy المتخصصة في منتجات التكنولوجيا، التي قالت في أعقاب الإعلان عن نتائج أعمال شركتها في الربع الثاني "مع استمرار التضخم المرتفع وتدهور معنويات المستهلك، انخفض طلب العملاء في صناعة الإلكترونيات الاستهلاكية بشكل أكبر من توقعاتنا، مما أدى إلى نتائج مالية للربع الثاني أقل من التوقعات التي أعلنا عنها في مايو/أيار الماضي".
وعلى الرغم من إعلانها يوم الخميس الماضي تحقيق نتائج أعمال ربعية أفضل من التوقعات، لم تعلن شركة آبل، مُصَنع الحواسب الآلية ماك والهواتف الذكية آيفون، توقعات للربع الحالي، إلا أنها أشارت إلى استمرار اضطرابات سلاسل الإمداد.
وحذرت الشركة الأكبر في العالم في القيمة السوقية من تسبب مشاكل سلاسل الإمداد في تراجع إيراداتها خلال الربع بقيمة تتراوح بين أربعة وثمانية مليارات دولار.
وعلى نحو متصل، لم تخلُ تعليقات مسؤولي شركة وولمارت عن توقعات نتائج الربع الحالي من اتهام التضخم المرتفع بالتأثير على مبيعاتها وأرباحها، كما حدث خلال الربع المنتهي، والذي تسببت نتائج أعماله في فقدان الشركة ما يقرب من 35 مليار دولار من قيمتها السوقية، بعد إعلانها مطلع الأسبوع الماضي.

وتوقع الرئيس التنفيذي للشركة دوغ ماكميلون "تعرّض مبيعات الشركة لمزيد من الضغوط" بسبب تأثير أسعار الغذاء والوقود المرتفعة، وما تسببت فيه من تراجع قدرة المواطنين على شراء الملابس والمنتجات الأخرى التي تبيعها شركته التي تعد أكبر مُوظِّف من القطاع الخاص في أميركا بعدد موظفين يتجاوز 2.3 مليون موظف.

ولم يقتصر الأمر على توقعات مسؤولي الشركات بتراجع نتائج الأعمال خلال الربع الحالي، حيث عبر بعض مراكز الأبحاث عن مخاوف المستهلكين من دخول الاقتصاد في ركود يأتي على الأخضر واليابس ويتسبب في معاناة الملايين، على النحو الذي شهدناه خلال الأزمة المالية العالمية في 2008 - 2009.

وقبل يومين، نشر مركز أبحاث سفنز ريبورت تقريراً عن نتائج أعمال شركات التكنولوجيا، أكد فيه أنه "من الواضح أن المستهلكين قلقون من وجود نوع من القنابل الكامنة التي لم تظهر حتى الآن". وقال رئيس المركز توم إيساي: "في الوقت الحالي، تمكننا من تفادي رصاصة".
بدوره، رأى محلل أسواق الأسهم إريك سافيتز، أن نتائج أعمال الشركات التي أعلنت الأسبوع الماضي تظهر بوضوح حجم الخسائر التي تسبب فيها، وما زال، تباطؤ الاقتصاد العالمي، وارتفاع معدلات الفائدة وأسعار الطاقة، وكذلك الغزو الروسي لأوكرانيا، وارتفاع سعر الدولار مقابل العملات الأخرى.

لكنّ سافيتز أكد، في الوقت نفسه، أنّ "كلّ عنصر في تلك القائمة المألوفة من المشاكل الاقتصادية سيتراجع في النهاية، تاركاً وراءه قصصاً فردية للشركات، بعضها أقوى من البعض الآخر".

المساهمون