هل ألقت هجمات الحوثي بظلالها على الاقتصاد الإسرائيلي؟

13 يناير 2024
سفينة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر (Getty)
+ الخط -

ما زالت توترات البحر الأحمر تؤرق مسؤولي التجارة والاقتصاد في مختلف البلدان، بعد أن استهدف الحوثيون سفن الشحن المتعاونة مع إسرائيل، وردت أميركا وحلفاؤها بقصف عدة مناطق في اليمن، الأمر الذي قيّد حركة الملاحة، وتسبب في ارتفاع تكاليف الشحن، وتنامي المخاوف من حدوث أزمة في الإمدادات، ولم يكن الاقتصاد الإسرائيلي بالتأكيد بمعزل عن هذه الأحداث.

وانخفضت حركة المرور عبر البحر الأحمر بنسبة تزيد عن 40%، ما أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية. وأعاد بعض أكبر مشغلي الشحن البحري في العالم توجيه سفنهم حول رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي من أفريقيا، مما أدى إلى تأخير مواعيد التسليم، بعد إضافة ما بين 3000 إلى 3500 ميل بحري (6000 كيلومتر) إلى مسارهم.

واعتبارًا من منتصف ديسمبر/ كانون الأول، أعلن ميناء إسرائيل الوحيد على البحر الأحمر، في إيلات، عن انخفاض في النشاط بنسبة 85% منذ بدء الهجمات. وفي حين أن الجزء الأكبر من حركة المرور البحرية الإسرائيلية يأتي عبر موانئ حيفا وأشدود على البحر الأبيض المتوسط، فإن صادرات البحر الميت، وكذلك واردات السيارات الصينية، التي تشكل 70% من مبيعات السيارات الكهربائية في إسرائيل، تعتمد على إيلات.

واعتبر العديد من شركات النقل أن المخاطر التي تتعرض لها السفن وطواقمها كبيرة، الأمر الذي أجبرهم على الابتعاد عن البحر الأحمر. وهذا الأسبوع، انضمت شركة الشحن الصينية المملوكة للدولة "كوسكو" إلى شركتها التابعة OOCL في تعليق الشحن إلى إسرائيل.

وحذر براد مارتن، الكابتن السابق في البحرية الأميركية ومدير معهد أمن سلاسل التوريد في مؤسسة راند، من المبالغة في تقدير التحدي الذي يواجهه الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أنه لم يقلل أبداً من تأثير انقطاع الشحن في البحر الأحمر، ورفض بعض شركات الشحن للشحنات الإسرائيلية.

وقال مارتن في تصريحات إعلامية: "من المرجح أن يستمر التدفق عبر البحر الأبيض المتوسط دون عوائق، لكن توقف وصول السفن إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر بصورة تامة سيكون ضاراً جداً لها من الناحية الاقتصادية"، مشيراً إلى ارتفاع احتمالية حدوثه مع التطورات الأخيرة.

وفي حين اتفق المحللون على أن التأثير المباشر لهجمات الحوثيين على الاقتصاد الإسرائيلي كان محدوداً، لم يختلف أحد على أن استمرار الاضطرابات لفترات أطول سيؤدي بالتأكد لزيادة التداعيات.

ومثلت التطورات الأخيرة في البحر الأحمر تحدياً كبيراً لطموحات دولة الاحتلال بترسيخ نفسها كمصدر للغاز الطبيعي المسال، الذي تمتلك فيه حصة صغيرة، ولكنها متزايدة، في واحدة من أهم أسواق العالم حيوية.

وقالت غابرييل ريد، المدير المساعد في شركة S-RM لاستشارات المخاطر: "قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت إسرائيل في طريقها لأن تصبح مُصدِّراً موثوقاً للغاز".

وأضافت: "لكن العنف في المنطقة أدى إلى تفاقم المخاطر السياسية لممارسة الأعمال التجارية في إسرائيل وزاد من مخاطر الاعتماد عليها كلاعب مهم محتمل في أسواق الغاز الطبيعي العالمية".

ووفقاً لشركة كلاركسون للخدمات البحثية، انخفضت حركة المرور عبر البحر الأحمر حالياً بنسبة 44% عن تلك المسجلة خلال النصف الأول من ديسمبر/ كانون الأول، حيث تسلك أعداد متزايدة من السفن الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح، للوصول إلى الميناء المستقبل.

وبالإضافة إلى التكاليف الواضحة لزيادة الاحتياج للوقود وللقوى العاملة، فإن هذا يؤدي إلى زيادة تكاليف التأمين، ويمكن أن يؤدي إلى تأخيرات، حيث يؤدي الازدحام في الموانئ إلى خسائر فادحة.

وفقاً لمؤشر Drewry World Container Index، الذي يتتبع الشحن على طول ثمانية طرق رئيسية بين الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، من المتوقع أن ترتفع تكلفة نقل حاوية بطول 40 قدماً (12 متراً) من الصين إلى أوروبا بنسبة 248% من 1148 دولاراً في نوفمبر/ تشرين الثاني، حين بدأت الهجمات.

وسيكون التأخير أيضاً عاملاً مهماً، إذ إن الكثير من الشركات في الاقتصادات المتقدمة تتبع مبدأ "في الوقت المناسب Just in time" في طلبات الاستيراد، حيث يتم تسليم البضائع قبل لحظات من الحاجة إليها، وهو ما يضعها في موقف صعب للتكيف مع تأخير وانقطاع الإمدادات.

وفي حين أن الطلب الحالي على السلع المصنعة من دول مثل الصين والهند لا يزال أقل مما كان عليه خلال ذروة الوباء، فإن أي تغيير في التكلفة، أو اضطراب في جداول الشحن، يمكن أن يحمل الكثير من العواقب السيئة للاقتصاد الإسرائيلي.

ومع ذلك، وفي حين أن الزيادات في تكاليف النقل يمكن أن تؤدي إلى التضخم، قدر صندوق النقد الدولي أن اضطرابات طرق الشحن أثناء الوباء أدت إلى زيادة بنسبة 1% فقط في التضخم العالمي، وهو ما لم يحدث حتى الآن بسبب الأزمة الحالية، وفقاً لما ذكره العديد من الاقتصاديين المتحدثين لوسائل الإعلام العبرية.

المساهمون