هكذا قتلت حكومات الأسد صناعات الغزل والنسيج السورية

22 نوفمبر 2023
تراجعت المساحات المزروعة بالقطن في سورية (الأناضول)
+ الخط -

ساهمت سياسات الحكومات المتعاقبة في نظام بشار الأسد في الإجهاز على زراعة القطن وصناعات الغزل والنسيج المرتبطة بها، مما أدى إلى تراجع سورية في هذا القطاع الصناعي وتسريح عدد كبير من العمال.

يصف مدير معمل غزل إدلب السابق، عدنان تامر تهديم صناعة الغزل والنسيج بسورية، بعد الإجهاز على زراعة القطن وتهديم المنشآت الصناعية وتهجير الصناعيين بـ"الكارثة".

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن صناعة النسيج التي يصفها بأمّ وأقدم الصناعات السورية، كانت تشغل أكثر من 20% من اليد العاملة بسورية وتحمل اسم البلاد عبر تصدير الغزول والنسيج والألبسة إلى أكثر من 30 دولة.

ويذكر تامر أن إنتاج القطن ببلاده تعدى 1.3 مليون طن في تسعينيات القرن الماضي "أيام النهضة الزراعية بحكم رئيس الوزراء محمود الزعبي" وكيف وصلت عام 2004 شكايات من مصر وبعض الأسواق الأوروبية بسبب إغراق الغزول السورية أسواقها ومنافستها لتلك الدول بعقر دارها.

من التصدير إلى الاستيراد 

وأكد مدير أكبر منشأة غزل في سورية سابقاً، أن بلاده باتت تستورد الغزول من الخارج لتبقى المنشآت والورش على قيد الإنتاج، بعد تراجع زراعة القطن وخروج منشآت الغزل والنسيج الكبرى، والحكومية والخاصة، عن العمل.

وكانت حكومة نظام بشار الأسد وبناء على توصية اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء، قد وافقت الأسبوع الجاري على تمديد العمل لمدة 6 أشهر إضافية بتعليمات السماح للمنشآت الصناعية المرخصة أصولاً والعاملة بإنتاج الغزول القطنية التي تستخدم القطن المحلوج مادة أولية، بالاستيراد من الخارج وفق طاقتها الإنتاجية الفعلية.

وأبدى تامر حزنه لما آل إليه حال "المؤسسة العامة للصناعات النسيجية"، وعدم قدرتها على تأمين الغزول للمنشآت.

وتوقع أن "إنتاج هذا العام لا يزيد عن 120 ألف طن بعموم سورية، تقتصر حصة مناطق النظام على نحو 50 ألف طن قطن فقط".

وتساءل بالوقت نفسه عن قدرة المنتج السوري النهائي على المنافسة، فيما لو تم استيراد الغزول من الخارج بالدولار ودفع رسوم جمركية وإتاوات للجمارك.

من جهته، يقول الصناعي محمود الزين المختص بصناعة الألبسة والأقمشة، إن قرار تمديد السماح باستيراد القطن المحلوج لا بد منه في ظل انخفاض إنتاج سورية من مادة القطن خلال الموسم الحالي. 

وأضاف خلال تصريح نقلته صحيفة "الوطن" القريبة من نظام الأسد أول من أمس، أنه يفترض ألا تحدد الحكومة مدة معينة لاستيراد المادة ويجب أن يكون السماح بالاستيراد مفتوحاً من دون تحديد مدة معينة، مطالباً بضرورة العمل على تخفيض الرسوم الجمركية عند استيراد المادة الأولية.

وكانت حكومة بشار الأسد قد سمحت العام الماضي، ولأول مرة، باستيراد مادة القطن المحلوج للقطاع العام والصناعيين فقط وفق طاقتهم الإنتاجية الفعلية لمدة ستة أشهر فقط، بعد أن تراجع إنتاج سورية حينذاك إلى نحو 120 ألف طن قطن.

قرار ملتبس 

ويكشف مدير عام المؤسسة العامة للصناعات النسيجية السابق، سمير رمان لـ"العربي الجديد" أن تمديد قرار السماح باستيراد الخيوط "قرار ملتبس" نظراً للكمية الإجمالية القليلة المسموح بها "نحو 5 آلاف طن".

وأضاف رمان أن القرار يأتي في وقت يسعى نظام الأسد للحفاظ على القطع الأجنبي وتوقف دعم الصناعيين بالدولار، هذا إن لم نتكلم عن أثر الاستيراد على ما تبقى من زراعة القطن بسورية، بعد إحجام المزارعين عن هذه الزراعة الشرهة للمياه والتكاليف التي يتكبدونها جراء ارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة والعمالة.

وأشار رمان لـ"العربي الجديد" إلى أن سورية كانت تنتج خيوطاً محلوجة بأكثر من 250 ألف طن "من القطاعين العام والخاص" حصة المنشآت الحكومية التابعة لمؤسسته (27 منشأة) أكثر من 180 ألف طن، ولكن اليوم، لا تزيد كمية الخيوط المنتجة من الأقطان المحلية عن 15 ألف طن، ما يعني ضرورة البحث عن مصادر لما تبقى من معامل النسيج والألبسة داخل سورية.

وتكشف مصادر خاصة من دمشق لـ"العربي الجديد" أن معظم مزارعي القطن أحجموا عن تسليم محاصيلهم للمؤسسة العامة لحلج الأقطان، بسبب تدني السعر الرسمي المحدد بـ4500 ليرة للكيلو، ما ألزم حكومة الأسد برفع السعر إلى 10 آلاف ليرة.

في حين حددت "الإدارة الذاتية" التابعة لما يسمى قوات سورية الديمقراطية "قسد"، في شمال وشرق سورية "أكبر منطقة لإنتاج القطن بسورية، تسعيرة شراء مادة القطن المحبوب بـ 800 دولار للطن الواحد، وسمحت في الوقت نفسه بتصدير مادة القطن المحلوج والمحبوب لعام 2023 إلى خارج مناطق سيطرة الإدارة الذاتية.

وتشهد سورية تراجعاً حاداً بالإنتاج، بعد تراجع المساحات المزروعة بمحصول القطن لهذا الموسم إلى 25805 هكتارات منها 7168 هكتارًا في مناطق سيطرة النظام، وفق تصريح سابق لأحمد العلي مدير "مكتب القطن" في وزارة الزراعة التابعة لنظام الأسد.

وشهدت زراعة القطن في سورية قبل 2011 ازدهاراً كبيراً، بعد وصول المساحات المزروعة بالقطن إلى نحو 275 ألف هكتار ما رفع كمية الإنتاج إلى أكثر من مليون طن.

لكن حرب نظام الأسد على الثورة، وهدم المنشآت وارتفاع تكاليف الإنتاج أدت إلى تراجع الزراعة والإنتاج.

المساهمون