تراجعت اليابان إلى رابع أكبر اقتصاد في العالم، بعد أن أظهرت بيانات حكومية أنها أصبحت أقلّ من حجم ألمانيا في عام 2023. ويقول المحللون إنّ هذه الأرقام تسلط الضوء على كيفية فقدان الاقتصاد الياباني تدريجياً قدرته التنافسية وإنتاجيته، بينما يتقلص عدد السكان مع تقدم اليابانيين في العمر وانخفاض عدد الأطفال، بحسب صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية.
كانت اليابان توصف تاريخياً بأنها "معجزة اقتصادية"، حيث نهضت من رماد الحرب العالمية الثانية لتصبح ثاني أكبر اقتصاد، بعد الولايات المتحدة فقط، وواصلت ذلك خلال السبعينيات والثمانينيات حتى عام 2010.
وتنظر المقارنات بين اقتصادات الدول إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، الذي لا يعكس بعض الظروف الوطنية المختلفة، وهو بالقيمة الدولارية. وبلغ إجمالي الناتج المحلي الاسمي لليابان 4.2 تريليونات دولار في العام الماضي. أما ألمانيا، التي أُعلن عنها الشهر الماضي، فقد بلغت 4.4 تريليونات دولار.
وفي الربع الأخير من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/ كانون الأول، انكمش الاقتصاد الياباني بمعدل سنوي قدره 0.4%، وناقص 0.1% عن الربع السابق، وفقاً لبيانات مكتب مجلس الوزراء الياباني حول الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. والناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقياس لقيمة منتجات الدولة وخدماتها.
بنى كل من اليابان وألمانيا اقتصاديهما من خلال شركات قوية صغيرة ومتوسطة الحجم تتمتع بإنتاجية قوية. وعلى النقيض من اليابان، أظهرت ألمانيا أساساً اقتصادياً متيناً بفضل قوة اليورو والتضخم. ويعمل الين الضعيف أيضاً بمثابة دفع إلى الخلف بالنسبة إلى اليابان.
وقال تيتسوجي أوكازاكي، أستاذ الاقتصاد في جامعة طوكيو لـ "ذي إندبندنت"، إن أحدث البيانات تعكس حقائق ضعف اليابان، ومن المرجح أن تؤدي إلى تقليص حضور اليابان في العالم. ويضيف: "قبل عدة سنوات، كانت اليابان تتباهى بوجود قطاع سيارات قوي، على سبيل المثال. ولكن مع ظهور السيارات الكهربائية، حتى هذه الميزة تراجعت".
وتابع أوكازاكي: "الفجوة بين الدول المتقدمة والدول الناشئة آخذة في التقلص، ومن المؤكد أن الهند ستتفوق على اليابان في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في غضون سنوات قليلة".
اكتسبت شركة "صنع في اليابان" سمعة باعتبارها رخيصة الثمن، ولكنها تقدم الجودة، وأصبحت بعض المنتجات مرغوبة في جميع أنحاء العالم. قد تكون تلك الآن الأيام الخوالي. وقال أوكازاكي إن عوامل كثيرة لم تتكشف بعد. وأضاف: "لكن عندما نتطلع إلى العقدين المقبلين، فإن التوقعات بالنسبة إلى اليابان تبدو قاتمة".
وقال هيديو كومانو، الاقتصادي التنفيذي في معهد داي إيتشي لأبحاث الحياة لوكالة "بلومبيرغ"، إن العامل الرئيسي وراء انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في اليابان هو تحركات العملة. وقال: "اليابان الرخيصة تجعل الاقتصاد الياباني أصغر حجماً".
وتظهر أرقام صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الياباني انكمش من حيث القيمة الدولارية إلى حوالى 4.2 تريليونات دولار في عام 2023 من 6.3 تريليونات دولار في عام 2012، ولكن هذا يرجع إلى حد كبير إلى انخفاض العملة اليابانية من أقل من 80 ين للدولار إلى حوالى 141 ين العام الماضي. وبالقيمة الاسمية للين، من المرجح أن يكون الاقتصاد قد نما بأكثر من 12% خلال تلك الفترة.