كشفت مجموعة "سيتي بنك" الأميركية قبل أيام، نتائج دراسة سلطت الضوء فيها على الخسائر الهائلة التي تتسبّب بها سياسات التمييز العنصري المجتمعي والتي ناهزت كلفتها 16 تريليون دولار على مدى 20 عاماً. فماذا في التفاصيل؟
يؤكد اقتصاديّو "سيتي غروب" في التقرير أنّ الخسائر تنطلق أساساً من الفرص الضائعة، خاصة ما يتعلق بعدم المساواة في الأجور، علماً أنّ دراسة أُخرى كانت نشرتها شركة الاستشارات "ماكينزي" عام 2013 خلصت إلى أنّ "الأميركي من أصل أفريقي يكسب مليون دولار أقل من المواطن الأبيض على مدار حياته".
ويرصد التقرير أنّ الفروق في الأجور "لم تضق منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي"، ليستنتج أنّ فشل السياسات في مكافحة التمييز في أماكن العمل، منذ 20 عاماً، ضيّع 2700 مليار دولار كان يمكن إضافتها إلى إجمالي الدخل القومي لو لم تكن فروق الرواتب موجودة، في حين أنها مبالغ كان يمكن أن ترفد الاستهلاك والاستثمار في التجارة والعقارات".
كما يحذر التقرير من أنّ الاقتصاد الأميركي يفقد زيادة نمو نسبتها 0.2% بسبب التمييز في توزيع المداخيل. ومع ذلك، فإنّ المشكلة تتخطى الأجور، باعتبار أنّ صافي الثروة (الأصول بدون الديون) للأسرة الأميركية من أصل أفريقي، في المتوسط، هو أقل 8 مرات من صافي ثروة الأسرة البيضاء.
وبما أن أحد المكونات الرئيسية للثروة مصدره قيمة المنازل، فإنّ التمييز صارخ للغاية على هذا الصعيد، إذ يبيّن التقرير أنّ "الفجوة بين نسبة الأميركيين السود والبيض الذين لديهم ممتلكات ازدادت منذ الستينيات، في حين أنّ ما يزيد من اتساع اللامساواة العرقية هو أن هذه الأقليات عندما تتمكن من تملك عقار، فإنه غالباً ما يكون في الأحياء الرخيصة، ما يعني أن قيمة ممتلكاتهم تتزايد ببطء شديد".
ومن أشكال التمييز الأخرى تردّد المصارف في منح القروض العقارية وتمويل المشاريع التجارية وإنشاء الشركات للأقليات العرقية، ما يعتبره التقرير "فرصة كبيرة ضائعة" بسبب العنصرية.
كما يرى خبراء "سيتي" أنه لو لم تكن المؤسسات المالية قد تعاملت بإجحاف مع روّاد الأعمال الأميركيين من أصل أفريقي ممن طلبوا تمويلاً لإطلاق أعمالهم التجارية، كان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى توليد 13 تريليون دولار كإيرادات إضافية للاقتصاد الأميركي، واستحداث نحو 6 ملايين فرصة عمل على مدى العقدين الماضيين.
من هنا، دعا التقرير إلى زيادة عدد أبناء الأقليات في عالم المال والأعمال، من منطلق أن التنوع الواسع النطاق من شأنه توفير فهم أفضل لدوافع الاحتياجات الاقتصادية التي تنفذها هذه الأقليات من حين لآخر، بما سيعود بالنفع على الاقتصاد كله.
في المقابل، وبسبب التمثيل المُفرط للبيض في مجتمع الأعمال، غالباً ما تُنفق الأموال في غير محلها الصحيح، ما يحرم الأقليات من الحصول على الخدمات والمنتجات الملائمة، فيما هناك فرص عمل بمئات ملايين الدولارات يُغض النظر عنها بسبب نقص المعرفة بآليات السوق.
في المحصّلة، يعتقد خبراء مجموعة "سيتي" أن إنهاء التفاوت العرقي يمكن أن يولّد أكثر من 5 تريليونات دولار كثروة اقتصادية إضافية خلال 5 سنوات.