نقص السيارات الجديدة يقفز بأسعار "المستعمل" في تونس

20 يناير 2022
القدرات الشرائية عامل حاسم في الإقبال على السيارات المستعملة (Getty)
+ الخط -

تتسارع وتيرة ارتفاع أسعار السيارات المستعملة في تونس مع تزايد الإقبال عليها بسبب نقص المعروض من المركبات الجديدة، على خلفية تأثرها بسلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن تراجع القدرات الشرائية للكثير من المواطنين، الذين تغيرت أنماط شرائهم بفعل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد وتداعيات جائحة فيروس كورونا.

وتعاني سوق السيارات في تونس من تداعيات أزمة الرقائق الإلكترونية عالمياً (أشباه الموصلات)، والتي تسببت بتراجع تسليمات شركات السيارات في أنحاء العالم وعدم قدرة وكلاء البيع على تلبية طلبات التجار في السوق المحلية، ما جعل "أسواق المستعمل" بديلاً للكثيرين.

لكنّ أسعار العربات المستعملة تصدم المقدمين على الشراء، الذين يشكون من زيادات قياسية، فضلاً عن نقص في المعروض أيضا، خصوصاً العربات صغيرة الحجم التي يقبل عليها التونسيون بشكل كبير.

وتخلق السيارات المستعملة سوقاً تجارية نشيطة لمن يتكسّبون من العمل في مجالات البيع والأنشطة التجارية المرتبطة بها، مثل تجارة قطع غيار المركبات ومستلزماتها المختلفة.

يقول حبيب الرزقي، الذي يعمل وسيطاً في مجال السيارات المستعملة، إنّ الكثير من المواطنين أضحوا يفضلون الاحتفاظ بسياراتهم، ولم تعد لديهم حماسة لتغييرها بمركبات جديدة لأسباب متعددة، وأهمها ارتفاع أسعار السيارات المستعملة.

ارتفاع قياسي للأسعار

يؤكد الرزقي، لـ"العربي الجديد"، أنّ عمله في الوساطة كان يدرّ عليه دخلاً جيداً، لكنّ الفترة الأخيرة شهدت تراجعاً ملحوظاً، إذ تشهد السوق نقصاً كبيراً في المعروض، فضلاً عن ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية.

ويشير إلى أنّ زيادة الأسعار لا تقل عن 20% خلال عام، مقتفية أثر أسعار السيارات الجديدة التي تشهد ارتفاعات أيضاً، متوقعاً أن تواصل أسعار السيارات المستعملة ارتفاعها خلال الأشهر المقبلة، خصوصاً بعدما كشف قانون الموازنة أنّه لا نية لمراجعة أسعار العربات الجديدة عبر خفض ضرائبها.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ووفق الرزقي، فإنّ الطلب زاد على السيارات الصغيرة والعائلية التي تتماشى مع الإمكانيات المالية للأسر.

وتشهد السوق التونسية توريد ما بين 60 ألفاً و70 ألف سيارة جديدة سنوياً من قبل وكلاء البيع، بالإضافة إلى بيع نحو 20 ألف سيارة في سوق المستعمل، وفق تقديرات تجار.

وتجارة السيارات المستعملة نشاط اقتصادي يوفر الرزق لآلاف التونسيين ممن يشتغلون في الأسواق المتخصصة التي تديرها البلديات أو في صالونات عرض العربات المستعملة، فضلاً عن الوسطاء الذين يعملون عبر صفحات متخصصة يديرونها على شبكات التواصل.

وسوق المروج بالعاصمة تونس وسوق مدنين، جنوب البلاد، من أكبر أسواق المركبات المستعملة، وتمثل هذه الأسواق بورصة لقياس الأسعار، كما يعد الإقبال عليها مقياساً لمدى ازدهار الحركة التجارية في هذا القطاع.

وفي نهاية العام الماضي، 2021، طلبت غرفة وكلاء بيع السيارات من الحكومة خفض الضرائب على السيارات من أجل الحد من تصاعد أسعار المركبات الجديدة، غير أنّ قانون الموازنة لم يحمل أيّ إجراء في هذا الاتجاه.

نقص المعروض العالمي

ويرجح إبراهيم دباش، رئيس الغرفة الوطنية لوكلاء ومصنعي السيارات، أن تسجل المركبات الجديدة زيادة في الأسعار تراوح ما بين 3% و5% خلال العام الحالي، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ هذه الزيادة ناتجة عن نقص المعروض العالمي.

وتتسبب أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي تضررت منها بشدة الشركات الأميركية والأوروبية على وجه الخصوص، في تغيير وجهة السوق التونسية نحو العربات الآسيوية التي توسعت حصتها من حجم المبيعات إلى أكثر من 50%، لتتصدر العلامات الصينية والكورية الجنوبية المراتب الخمسة الأولى في تصنيف المبيعات حتى نهاية أغسطس/ آب الماضي، وفق الغرفة الوطنية لوكلاء ومصنعي السيارات، لتتقدم بذلك على الشركات الأوروبية التي استأثرت لعقود طويلة بالحصة الكبرى من السوق التونسية.

وبخلاف نقص المعروض من السيارات الجديدة الذي تسبب في زيادة أسعار المركبات المستعملة، كان لعامل القدرات الشرائية للمواطنين دور حاسم في الإقبال على سوق المستعمل.

ويؤكد الخبير الاقتصادي خالد النوري أنّ الفوارق بين القدرة الشرائية للمواطنين والأسعار تتسع بشكل لافت، مشيراً إلى أنّ السعر الأدنى للعربات العائلية الجديدة لا يقل عن 50 ألف دينار (17.36 ألف دولار)، في حين لا يتجاوز معدل أجور الموظفين 1500 دينار شهرياً، ما يدفع الكثيرين للاقتراض من أجل شراء سيارة.

ويلفت النوري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ القيمة المعلنة لقروض شراء السيارات بلغت حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 نحو ملياري دينار، بما يعادل 8% من مجموع القروض التي منحها القطاع المصرفي للتونسيين.

المساهمون