"الأرجح لن تجدي أي نفع"، بهذه العبارة يستبق المحلل المالي نوار طالب خطوة حكومة بشار الأسد المقبلة بطرح سندات خزينة، لمحاولة تحسين سعر صرف الليرة السورية التي هوت، اليوم الإثنين، إلى أدنى سعر بتاريخها، بعد أن سجلت 9100 ليرة سورية مقابل الدولار.
ويرى المحلل السوري، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن نسبة تهاوي الليرة أكبر من أي نسبة يمكن أن تمنح كسعر فائدة عن سندات الخزينة، مشيراً إلى أن "إلزام المصارف بشراء السندات" هو الحل المتوقع، بواقع إحجام الشركات ورجال الأعمال عن شراء الأوراق المالية الحكومية.
وكانت وزارة المال بحكومة بشار الأسد قد أعلنت 22 مايو/أيار الجاري موعد مزاد لبيع سندات الخزينة، وذلك بأجل 4 سنوات والنطاق المستهدف هو 200 مليار ليرة سورية، وهو المزاد الثاني الذي يتم الإعلان عنه منذ بداية العام 2023.
وأشارت الوزارة، في بيان اليوم الإثنين، إلى أن التسوية وإعلان نتائج المزاد الثاني للأوراق المالية سيكون في 28 مايو/ أيار الجاري، مشيرة إلى أنه يحق للمصارف العاملة الخاصة والعامة ولشركات الوساطة المالية المؤهلة المشاركة في المزاد بشكل مباشر، كما يحق للأفراد الطبيعيين والاعتباريين المشاركة من خلال فتح حساب لدى أي من شركات الوساطة المالية، أو لدى أي من المصارف العاملة المؤهلة للاكتتاب على هذه السندات أيضاً.
وحول إمكانية طرح سندات الخزينة ببورصة دمشق، بينت الوزارة أن تداول هذه الورقة المالية متاح في سوق دمشق الأوراق المالية، ما يعطيها ميزة السيولة، بالإضافة للاستفادة من الفوائد التي سيتم منحها نصف سنوياً بنسبة فائدة ستتحدد بناءً على العروض المقدمة والتي سيعلن عنها بعد انتهاء أعمال الاكتتاب.
ويشير المحلل طالب إلى أن حكومة الأسد تتطلع إلى طرح 4 إصدارات هذا العام بقيمة 800 مليار دولار، وإمكانية التداول بالبورصة متاحة منذ منتصف العام الماضي، لكن شراءها وتداولها "محدود جداً"، معتبراً أن "المصارف، الحكومية والخاصة، هي بالنهاية من تلزم بشراء السندات وفق التجارب السابقة، وهذا يعني بشكل أو بآخر، تجميد إيداعات الناس إن لم نقل التلاعب والمجازفة بها بتعاملات غير مضمونة الربح والنتائج".
وحول نسبة فائدة السندات السنوية بواقع تضخم كبير تشهده الليرة السورية، يشير المحلل السوري إلى أن نسبة فائدة السندات تحدد بعد فض العروض المقدمة في المزاد، وترتيبها تصاعدياً حسب سعر الفائدة المطلوب من العارضين، حيث يتم تحديد سعر فائدة الكوبونات الموزعة نصف سنوية بناءً على المبلغ المقتطع الذي تحدده وزارة المالية، ومن ثم يتم تسعير السندات آلياً ولكل عارض على حدة، بناءً على سعر الفائدة المقدم من قبله بموجب العرض الذي تقدم به أصولاً، ولكن مهما بلغت الفائدة والإغراءات "لن تزيد عن 15%، لذا لن تجذب المستثمرين".
بالمقابل، يرى الاقتصادي حسين جميل أن سندات الخزينة قد تكون فرصة وكبيرة للربح: "هي مقامرة ولكن مغرية"، لأن ما يلوح من حلول سياسية، بعد التطبيع العربي ودعوة بشار الأسد لحضور القمة بالسعودية، يمكن أن ينتج عنه، خاصة إن تلته إعادة إعمار، تحسن بالليرة السورية وتعافي الاقتصاد أو بعض قطاعاته.
غير أن جميل يلفت "العربي الجديد" إلى أن شراء السندات مخاطرة، وقليلا ما يقدم رجال الأعمال عليها، متوقعاً إلزام المصارف أو بعض المقربين من النظام شراءها "كما حصل سابقاً حيث الشراة السبعة كانوا من المصارف، والمشاركون بالمزاد الـ17 أيضاً مصارف"، والخطوة برأيه، الحل الوحيد أمام نظام الأسد لتمويل عجز الموازنة والاستمرار بدفع أجور العاملين بالدولة، "لأنه يعاني من ندرة الموارد ولم تأته، حتى الآن، كما توقع، مساعدات عربية أو دولية".
وحول سبب عدم إقبال المضاربين على شراء سندات الخزينة ببورصة دمشق، يقول الاقتصادي السوري إن بورصة دمشق "هي دكانة يؤثر النظام على بقائها مفتوحة لاعتبارات سياسية، ولو نظرنا لحجم وقيمة التداول اليومية، لعرفنا معنى ذلك، فآخر قيم تداول الأسبوع الماضي بلغت 327 مليون ليرة سورية، وحجم تداول 140,816 سهما"، وتقتصر بورصة دمشق على 26 شركة مدرجة، منها 14 مصرفا.
ويتهم اقتصاديون سوريون نظام بشار الأسد بزيادة تهاوي سعر الصرف، بعد تحوّل المصرف المركزي إلى مضارب وتخليه عن دوره بحماية العملة، ولحاقه سعر السوق السوداء وإصدار النشرة اليومية حسب تقلبات السوق الهامشية، إذ عدل المصرف المركزي سعر الدولار الجمركي وسعر دولار الحوالات المصرفية ثلاث مرات خلال العام الجاري، آخرها الأسبوع الماضي من 7500 إلى 7800 ليرة للدولار الواحد.