تبحث موازنة ليبيا لعام 2022، التي أقرها مجلس النواب منذ أيام، عن آلية للإنفاق وسط الانقسام الحكومي الحاصل في البلاد بين حكومة عبد الحميد الدبيبة، التي لديها جميع العقود والمدفوعات وتجرى جميعها عبر المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لها مع السيطرة على حسابات الخزانة العامة، وبين حكومة فتحي باشاغا، التي أقر البرلمان موازنتها وتمتلك السيطرة الكاملة على الحقول النفطية وموانئ التصدير.
وكشفت مصادر من لجنة إدارة مصرف ليبيا المركزي، لـ"العربي الجديد"، أن المصرف سيستمر في الإنفاق على الرواتب ودعم المحروقات والأدوية ومنح الأبناء، وينأى بنفسه عن أي تجاذبات سياسية حاصلة في البلاد.
وقال مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية أحمد أبولسين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن مصرف ليبيا المركزي مجبر على صرف الميزانية التي أقرها مجلس النواب بقوة القانون، وهذا ليس خيارا شخصيا، وأضاف أن أي ترتيبات مالية بشأن الإنفاق العام تحتاج إلى إطار تشريعي.
ورأى أن ميزانية عام 2022 لا تختلف كثيراً على العام الماضي، باستثناء إلغاء باب الطوارئ وزيادة فاتورة الرواتب.
بدوره، أكد أستاذ الاقتصاد في الجامعات الليبية عصام التائب أن جل الميزانية عبارة عن إنفاق استهلاكي، ولا توجد تنمية إلا بنسب تكاد لا تذكر، وقال لـ"العربي الجديد" إن الرواتب تشكل 55 في المائة، بالإضافة إلى الدعم والنفقات الحكومية.
ولفت إلى أن الموازنة تبحث عن آلية قانونية للصرف، فالبنك المركزي أنفق 28.6 مليار دينار (الدولار يساوي 4.8 دنانير)، خلال خمسة أشهر، وتوجد حكومة لديها قانون الميزانية، وحكومة أخرى يقف معها المصرف المركزي ومؤسسة النفط، وبالتالي لا خيار حاليا إلا بإيجاد آلية صرف عائدات النفط.
يأتي ذلك مع توقف إمدادات النفط منذ منتصف شهر إبريل/ نيسان. وقال وزير النفط محمد عون إن إنتاج النفط تراجع إلى مستويات قياسية، وكانت ليبيا تنتج في مارس/ آذار الماضي 1.26مليون برميل يوميا، ويشكل النفط المورد الرئيسي للعملة الصعبة للبلاد.
وشهدت الساحة الإعلامية تراشقاً بين الحكومتين حول ميزانية 2022، إذ بعدما أقر مجلس النواب موازنة حكومة باشاغا بقيمة 89.6 مليار دينار (ما يعادل 18.6 مليار دولار)، دعا الناطق الرسمي باسم حكومة الدبيبة محمد الأسود، عبر إيجاز صحافي، إلى ألا يقوم مصرف ليبيا المركزي بالتماهي مع أمور غير قانونية وغير دستورية، وألا يعتمد الميزانية التي أقرها مجلس النواب.
ورد الناطق باسم مجلس النواب عبد الله ليحق بالقول إن "هناك إجراءات ستُتخذ خلال الأيام المقبلة لتوفير الميزانية لحكومة باشاغا".
وقال المحلل المالي إدريس الشريف لـ"العربي الجديد" إن هناك مفارقة عجيبة في القانون الخاص بموازنة حكومة باشاغا، التي تتضمن فائضاً قيمته أكثر من 47 مليار دينار وبما يزيد عن 50 في المائة من مصروفاتها المتوقعة، وفي نفس المشروع، تطلب الحكومة الاقتراض من المصرف المركزي والمصارف التجارية من خلال إصدار سندات خزانة لمواجهة أي عجز محتمل في الإيرادات.
وحكومة باشاغا لم تنل الاعتراف الدولي بعد، ولا تسيطر على المؤسسات الحيوية في البلاد.