قررت عائلة غليزر الأميركية التخلي عن ملكية "مانشستر يونايتد" تحت ضغط شديد من مشجعي النادي الإنكليزي، بعدما تربّحت على حساب ديونه منذ عام 2005، وبعد 17 عاماً من ملكيتها للنادي المنافس ببطولة الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم. وتقدر قيمة الصفقة في حال إتمامها بنحو 5 مليارات جنيه إسترليني، أي ما يعادل 6 مليارات دولار.
وذكرت شبكة "سكاي نيوز" الإخبارية أن الملاك الأميركيين، الذين تعرضوا لانتقادات عنيفة من جماهير النادي خلال فترة عملهم، من المقرر أن يعلنوا نيتهم دراسة المصادر المحتملة للاستثمار الخارجي والتي ربما تؤدي في النهاية لتخليهم عن السيطرة عن النادي الإنكليزي العريق.
وكشف التقرير أن المصرفيين الاستثماريين تلقوا تعليمات لتقديم المشورة بشأن العملية، والتي من المحتمل أن تشمل البيع الكامل أو الجزئي، أو عقد شراكة استراتيجية مع أطراف ثالثة، وفقاً لوكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا).
فما تفاصيل القصة، ومن هي هذه العائلة أصلاً واستثماراً؟
قصة عائلة غليزر مع "مانشستر يونايتد" باختصار
لم تحظ عائلة غليزر الأميركية بشعبية في القاعدة الجماهيرية منذ اليوم الذي تولى فيه مالكولم غليزر مسؤولية نادي "مانشستر يونايتد" الإنكليزي عام 2005 باستحواذ بلغت قيمته 790 مليون جنيه إسترليني (934 مليون دولار) أدى إلى ديون ضخمة مستحقة على النادي.
والآن، تأتي الأنباء عن أن العائلة تفكر في بيع النادي العريق الذي أُسّس عام 1878، لتشيع ارتياحاً في أوساط الملايين من مشجعيه الغاضبين من تراجع أدائه في عهد سيطرة رأس المال الأميركي عليه.
وقطع "مانشستر يونايتد" العلاقات مع النجم كريستيانو رونالدو "بالتراضي" يوم الثلاثاء، بعد أن وبّخ إدارة الفريق في مقابلة مع بيرس مورغان الأسبوع الماضي، زاعماً أن المالكين "لا يهتمون بالنادي".
وقال يونايتد في بيان يوم الثلاثاء: "سينظر المجلس في جميع البدائل الاستراتيجية، بما في ذلك الاستثمار الجديد في النادي، أو البيع، أو الصفقات الأخرى التي تشمل الشركة".
وتابع النادي أن ذلك "سيشمل تقييم العديد من المبادرات لتحسين النادي، بما في ذلك إعادة تطوير الاستاد والبنية التحتية، وتوسيع العمليات التجارية للنادي على نطاق عالمي، وذلك من أجل تعزيز النجاح طويل الأمد لفرق الرجال والسيدات والأكاديمية، وتحقيق الفوائد للجماهير وأصحاب المصالح الآخرين".
وذكرت شبكة "سكاي نيوز" أن الأسرة اتصلت بمصرفيين استثماريين لاستكشاف صفقة محتملة قد تكون بيعاً جزئيا أو "تتضمن مزاداً كاملاً" للنادي.
حتى إن أليكس فيرغسون قاد النادي خلال أكثر الأوقات تحدياً من الناحية المالية، حيث كانت القوة الشرائية للنادي محدودة بسبب سداد الديون ذات الفائدة المرتفعة مقابل الأرباح المنتظمة التي كانت تجنيها عائلة "غليزر".
لكن منذ تقاعد فيرغسون عام 2013، انهار النادي الذي لم يفز بالدوري الإنكليزي الممتاز منذ 9 سنوات، وللمرة الرابعة في 10 مواسم فشل حتى في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا رغم تجميع أغلى فريق على الإطلاق في رسوم الانتقالات ودفع أعلى الأجور في الدوري الإنكليزي الممتاز.
وبدلاً من الشعور بنبض قاعدة المعجبين التي تجاهلوها لفترة طويلة، فإن التغيير في المناخ الاقتصادي هو الآن على الأرجح وراء قرار عائلة غليزر ببيع حصة أو التخلي عن السيطرة على النادي.
لكن من هي عائلة غليزر؟ كيف بنت ثروتها؟ وماذا عن أرقامها؟
تمتلك عائلة غليزر نحو 97% من قوة التصويت في النادي رغم أن حصة صغيرة من أسهم النادي يتم تداولها علناً في بورصة نيويورك، فيما ارتفع سهمه بأكثر من 14.6% على خلفية الأخبار المستجدة ليغلق عند 14.94 دولاراً بعد ظهر الثلاثاء.
وتشير تقديراتها إلى أن ثروة عائلة غليزر تبلغ 4.7 مليارات دولار، ونظراً لأنها ظلت إلى حد كبير في الولايات المتحدة وبعيدة عن دائرة الضوء، فقد اجتازت موجات احتجاج عديدة من المشجعين.
وتقدّر "فوربس" أن قيمة "مانشستر يونايتد" تبلغ 4.6 مليارات دولار، مما يجعله ثالث نادي كرة قدم في العالم من حيث القيمة.
وقد أظهر البيع القياسي لنادي "تشيلسي" مقابل 2.5 مليار جنيه إسترليني (3 مليارات دولار) إضافة إلى استثمار آخر وعد به كونسورتيوم "تود بوهلي" بقيمة 1.75 مليار جنيه إسترليني، قيمة امتلاك أحد الأندية الكبرى في أوروبا.
لكن تاريخ "يونايتد" وحجم قاعدة مشجعيه يفوقان بكثير تاريخ "تشيلسي" ومن المتوقع أن يفرضا سعراً أكبر بكثير.
وبعد وفاة مالكولم غليزر في مايو/ أيار 2014، تُركت العائلة بدون زعيم، لكنها لا تزال تسيطر بقوة على إمبراطورية عقارية ورياضية عالمية.
وقد بنت العائلة ثروة عقارية تجارية من خلال شركة "فيرست ألايد كوربوريشن" First Allied Corporation التي كانت حتى مطلع 2015 تمتلك أكثر من 6.7 ملايين قدم مربع من مراكز التسوق المتميزة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ما جعلها عائلة أكثر شهرة، إضافة إلى ملكيتها فرقاً رياضية.
ففي عام 1995، اشترى مالكولم فريق "تامبا باي بوكانيرز" Tampa Bay Buccaneers الأميركي مقابل 192 مليون دولار، وكانت قيمة الفريق بعد 20 عاماً قد تجاوزت 1.2 مليار دولار.
وفي عام 2005، اشترت العائلة فريق "مانشستر يونايتد" من خلال شركة "ريد فوتبول" الاستثمارية في صفقة كانت ولا تزال مثيرة للجدل. ومع تضخم تقييمات فرق كرة القدم، باعت عائلة غليزر أسهماً في الفريق التاريخي بقيمة 3.1 مليارات دولار حتى عام 2015. وتتقاسم الثروة ليندا، أرملة مالكولم، وأطفال الزوجين الستة: أفرام، جويل، كيفين، برايان، دارسي وإدوارد.
عملياً، جويل وأفرام هما المسؤولان عن الأعمال اليومية للنادي منذ إصابة والدهما في إبريل/ نيسان بجلطة دماغية 2006، ويشاركهما في الرئاسة إخوتهم الأربعة.
لكن كيف راكم غليزر الأب ثروته؟
ولد مالكوم لأبوين ليتوانيين في نيويورك عام 1928، وكان خامساً بين 7 أطفال. وبعد وفاة والده ساعد مالكوم المراهق الأسرة عبر بيع الساعات من الباب إلى الباب، وفي النهاية اشترى امتياز إصلاح الساعات في قاعدة سامبسون الجوية بالقرب من نيويورك، مما حوّلها إلى عمل ناجح وانتقل في النهاية إلى مجال العقارات.
امتلك في البداية منازل صغيرة في روتشستر، ووسّع محفظته لتشمل المصارف ومرافق الرعاية الصحية ومحطات التلفزيون وغير ذلك.
كانت الخطوة الأولى التي اتخذها غليزر الأب رياضياً عندما اشترى فريق "تامبا باي" عقب وفاة مالكه هيو كولفيرهاوس عام 1995 مقابل 192 مليون دولار، وكان يديره أبناؤه جوي وبراين وإدوارد.