في نتيجة "غير مسبوقة" تم انتزاعها بعد خمسة أيام من المفاوضات المكثفة، توصلت الدول الأعضاء في "منظمة التجارة العالمية"، البالغ عددها 164 بلدا، إلى اتفاقات تاريخية تتعلق برزمة تدابير تراوح بين إلغاء الدعم عن صيد السمك ورفع براءات الاختراع لقاحات كورونا، مرورا بانعدام الأمن الغذائي.
المديرة العامّة للمنظمة نغوزي أوكونجو-إيويلا قالت أمام رؤساء وفود هذه الدول، إن هذه "مجموعة غير مسبوقة من النتائج. لقد مضى وقت طويل منذ أن حقّقت منظّمة التجارة العالميّة مثل هذا العدد الكبير من النتائج المتعدّدة الأطراف. النتائج تُبيّن أنّ منظّمة التجارة العالميّة قادرة على الاستجابة للحالات العاجلة في عصرنا".
وكان المؤتمر يهدف إلى تناول انعدام الأمن الغذائي الناجم عن غزو روسيا لأوكرانيا فضلا عن إلغاء الدعم الذي يسهل الصيد المفرط ويفرغ المحيطات ورفع البراءات التي تحمي لقاحات كورونا موقتا، وإصلاح المنظمة نفسها.
وأعلن رئيس المؤتمر الوزاري تيمور سليمانوف، مساعد رئيس مدير مكتب رئيس كازاخستان، التوصل إلى اتفاق بين المفاوضين على كل هذه المواضيع بعد مداولات مكثفة استمرت أياما عدة خيم عليها خصوصا موقف الهند المتشدد. لكن المنظمة لم تنشر على الفور النصوص النهائية، كما أوردت فرانس برس.
وحين بدأ الاجتماع الأحد، كان الأمل في التوصل إلى نتيجة بشأن كل هذه المواضيع ضئيلا جدا، وحددت أوكونجو-إيويلا نفسها عتبة النجاح عند إقرار نصّ أو نصّين. واستمر الاجتماع الوزاري أكثر مما كان متوقعا بحوالى 36 ساعة، وقرابة الساعة 3 بتوقيت غرينتش، أعلنت المديرة العامة خلال الاجتماع إقرار النصوص رسميا.
انعدام الأمن الغذائي
وكان النص حول انعدام الأمن الغذائي يثير ترقبا كبيرا رغم أنه مجرد إعلان وزاري، بعدما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حرمان العالم من الحبوب والأسمدة ما تسبب بارتفاع حاد في الأسعار وبات يهدد ملايين الناس عبر العالم بالجوع.
وتشير الوثيقة التي أقرت إلى أهمية "عدم فرض حظر أو قيود على الصادرات" تكون مخالفة لقواعد منظمة التجارة العالمية، وتطالب بأن تكون كل التدابير الطارئة المتخذة استجابة للمخاوف على صعيد الأمن الغذائي مثل تجميد الصادرات، "موقتة وهادفة وشفافة" وأن يتم إبلاغ المنظمة بها. كذلك، يحمي نص ثان مشتريات المواد الغذائية لحساب برنامج الأغذية العالمي من القيود التي قد تفرضها بعض البلدان.
الصيد الجائر
واستمرت الشكوك حتى اللحظة الأخيرة بشأن التوصل إلى اتفاق حول صيد الأسماك، وحتى إن كان النص مخفف عن الطموحات الأساسية، فإن أوكونجو-إيويلا اعتبرت ذلك نجاحا. وكان هذا من المواضيع الرئيسية المطروحة على الاجتماع وبدأت المفاوضات حوله قبل أكثر من عشرين عاما وهي تندرج في سياق أهداف التنمية المستدامة التي تعتمدها الأمم المتحدة.
والهدف هو منع بعض أشكال المساعدات التي قد تشجع الصيد الجائر والصيد غير القانوني. وسعيا لمساعدة الدول النامية، تعتزم منظمة التجارة العالمية إنشاء صندوق يسمح بتقديم مساعدة فنية وتعزيز قدرات البلدان حتى تتمكن من تطبيق الاتفاق ومساعدة صياديها على اعتماد صيد أكثر استدامة.
الملكية الفكرية
وبعد عامين ونصف العام من مكافحة وباء كورونا، توصلت دول المنظمة الجمعة إلى اتفاق من أجل تيسير تجارة المواد الطبية الضرورية لمكافحة الأوبئة.
وأقر رفع براءات الاختراع موقتا عن اللقاحات الموجهة إلى الدول النامية بهدف تسهيل إنتاج اللقاحات، وذلك بعد معارك ضارية بين لوبي الأدوية من جهة، وعدد من الدول النامية والمنظمات غير الحكومية من جهة أخرى.
إرضاء الهند
وأبدت الهند على مدى 5 أيام من المفاوضات تصلبا في الكثير من الملفات، بما فيها المساعدات التي تشجع الصيد الجائر. وأكد وزير تجارتها بيوش غويال الذي اتهمه عدد من الوفود بالعرقلة، أن بلاده "لا تقف حاجزا أمام أي شيء" بل هي "بانية إجماع".
ونقلت "فرانس برس" عن هارش ف. بانت، الأستاذ في معهد كينغز كولدج في لندن، إن "الهند لطالما كانت شريكا تجاريا متمنعا. الهند معروفة بتمنعها عن توقيع اتفاقات تبادل حر".