منصوري: مصرف لبنان يعمل على تجنب الإدراج في قائمة فاتف الرمادية

22 اغسطس 2024
مؤتمر اتحاد المصارف العربية في بيروت، 22 أغسطس 2024 (الوكالة الوطنية للإعلام)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **جهود مصرف لبنان لمنع إدراج لبنان على القائمة الرمادية**: يعمل البنك المركزي بجد لمنع إدراج لبنان على "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي "فاتف"، بسبب عدم كفاية القوانين والإجراءات لملاحقة الجرائم المالية.

- **التقدم في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب**: منذ عام 2000، أحرز لبنان تقدماً ملحوظاً في تحسين سمعته المالية، بما في ذلك إقرار قوانين جديدة وإنشاء هيئات تحقيق خاصة.

- **التحديات الاقتصادية والإجراءات التصحيحية**: شهد الاقتصاد اللبناني انكماشاً حاداً، واتخذ مصرف لبنان إجراءات لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونية وتقليل الاعتماد على النقد، مع التأكيد على ضرورة المحاسبة القضائية والإصلاحات.

أكد حاكم مصرف لبنان المركزي بالإنابة وسيم منصوري، اليوم الخميس، أن البنك المركزي يعمل جاهداً لمنع إدراج لبنان على "قائمة رمادية" لدول خاضعة لتدقيق خاص من قبل مجموعة العمل المالي "فاتف" المعنية بمراقبة الجرائم المالية من منطلق غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي منتدى نظمه "تحاد المصارف العربية" في أحد فنادق بيروت، قال منصوري إن قرار المجموعة "سيُتخذ في الخريف المقبل، ونحن ما زلنا نعمل جاهدين لمنع إدراج لبنان على القائمة الرمادية". ولفت إلى أن "لبنان حصل على علامة متدنية، كشفت خصوصا عن عدم كفاية القوانين والإجراءات في ملاحقة ومصادرة المتحصلات الإجرامية والأصول ذات الصلة والادعاءات والأحكام القضائية بجرائم غسل الأموال. وبناء على ما تقدم، لبنان بحاجة إلى وضع خطة عمل تشاركية... لمعالجة الثغرات"، علماً أن الإدراج على هذه القائمة سيكون بمثابة ضربة قوية أخرى للبلد الذي يئن تحت وطأة تدهور مالي منذ 2019، إذ لا يزال هناك مودعون لا يمكنهم الوصول إلى غالبية مدخراتهم قبل الأزمة، ويتجنب الكثير من البنوك الأجنبية المراسلة النظام المالي اللبناني".

وكان منصوري يتحدث في افتتاح "الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: تداعيات الاقتصاد النقدي على النظام المصرفي"، قبل ظهر اليوم، مشيراً إلى أن "موضوع مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يشكل أولوية بالنسبة للبنان الذي قطع شوطاً طويلا في هذا المجال. وقد تخطى لبنان صعوبات جمّة، لعل أهمها إدراجه في العام 2000 من قبل مجموعة العمل المالي لمكافحة تبييض الأموال على قائمة الدول غير المتعاونة، وذلك بسبب وجود قانون السرية المصرفية الذي يعيق عمل التحقيقات الدولية وعدم وجود، آنذاك، قانون مستقل لمكافحة تبييض الأموال. وقد دأب لبنان منذ ذلك الوقت على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة، ابتداءً من إقرار قانون لمكافحة تبييض الأموال يستند إلى توصيات مجموعة العمل المالي، مرورا بوضع إطار تنظيمي متكامل، وإنشاء هيئة تحقيق خاصة تعنى بمكافحة تبييض الأموال، وصولا إلى التعاون والتنسيق لتحديد المسؤوليات وتوزيع الأدوار على مختلف الأجهزة الأمنية والقضائية المعنية، كلّ بحسب صلاحياته". 

ولفت إلى أنه "في عام 2002 تم حذف اسم لبنان من قائمة الدول غير المتعاونة، ليبدأ بحصد التنويهات في المحافل الدولية، وفي العام 2015، أقر مجلس النواب اللبناني عدداً من القوانين، منها قانون الانضمام الى اتفاقية الأمم المتحدة الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، وتعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وقانون التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود، وقانون تبادل المعلومات الضريبية، الأمر الذي كان له وقع إيجابي لدى المنظمات الدولية في ما يتعلقّ بسمعة لبنان وقطاعه المالي والمصرفي، لا سيما وضعية امتثاله بالمعايير الدولية".

وأضاف: "كذلك، صدر قانون مكافحة الفساد في القطاع العام في العام 2020، وأنُشئت بموجبه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد رسمياً. وأقر مجلس النواب في العام 2021 القانون الخاص باستعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد. ومن جهته، عمد مصرف لبنان إلى إصدار التعاميم اللازمة تباعاً لمواكبة هذه التشريعات وتحصين المصارف والمؤسسات المالية اللبنانية. لكن السنوات الماضية كانت حافلة بالصعوبات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والامنية الناتجة من الأزمة متعددة الأوجه التي ألمّت بلبنان والتأخير في تنفيذ الإصلاحات المنشودة .أضف إلى ذلك تدهور الأوضاع الجيوسياسية مؤخرا من جراء الحرب المستمرة على غزة وجنوب لبنان وتداعياتها الملموسة على الوضع الاقتصادي في البلد".

مصرف لبنان المركزي: انكماش الناتج المحلي إلى 20 ملياراً

وأوضح أنه "منذ بداية الأزمة لغاية اليوم، شهد الاقتصاد انكماشاً حاداّ حيث انخفض الناتج المحلي من حوالي 55 مليار دولار سنوياً إلى أدنى من 20 ملياراً، وفقدت الليرة اللبنانية 98% من قيمتها، فيما بلغ متوسط التضخم 221.3 عام 2023. أما الموازنة، فانخفضت من 17 مليار دولار إلى 3.2 مليارات"، مشيراً إلى أن "هذه الأزمات أحدثت حالة من عدم الثقة لدى المودعين، ما حرف النشاط الاقتصادي إلى خارج النظام المصرفي وأصبح نقدياً بمجمله cash economy".

وشرح أن "الاقتصاد النقدي المدولر يعكس تحولاً سريعاً نحو المعاملات النقدية بالعملات الصعبة، وزيادة النشاط الاقتصادي غير الرسمي، ما يشكّل خطراً كبيراً على الدولة ويهدد بعكس مسار التقدم الذي حققه لبنان في مجال مكافحة تبييض الأموال في القطاع المصرفي. ولذلك، أصدر مصرف لبنان التعميم 165 الذي أتاح فتح حسابات جديدة بالأموال النقدية بالدولار والليرة اللبنانية لاستعمالها لتسوية التحاويل المصرفية الإلكتروية الخاصة بالأموال النقدية (fresh) وتسوية مقاصة الشيكات التي يتم تداولها أيضا بالأموال النقدية، مما يحد من محاولات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ويحجم الاقتصاد النقدي. كما يعمل مصرف لبنان ومنذ فترة على تطبيق إجراءات لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونية بهدف تقليل الاعتماد على النقد في السوق اللبناني، تتماشى هذه المبادرات مع المعايير الدولية، لا سيما تلك التي تهدف إلى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".

وبعد شرح مسهب للإجراءات، خلص منصوري إلى أن لبنان بحاجة إلى وضع خطة عمل تشاركية مع كل الجهات المحلية المعنية، بدعم من السلطة التشريعية ومن صانعي السياسات لمعالجة الثغرات وتعزيز فعالية نظام مكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب اللبناني، مؤكداً الحاجة إلى "مقاربة حكومية شاملة لتنفيذ الإجراءات التصحيحية المطلوبة من الجهات الداخلية المعنية"، ولافتاً إلى أن "مصرف لبنان، ومن خلال الصلاحيات المعطاة له بموجب قانون النقد والتسليف، يعمل على إرساء حالة من الاستقرار بانتظار الحلول الكبرى التي تتطلب قرارات جريئة وواضحة من السلطات السياسية التي يعود اليها فرض حلول تتناسب مع عمق الأزمة التي تعيشها البلد".

وفي هذا الصدد، أشار إلى أنه "نتيجة السياسات الجديدة التي اعتمدها مصرف لبنان في الآونة الأخيرة، انخفضت الكتلة النقدية أكثر من 25% منذ بداية العام 2023، لتصل إلى 59 تريليون ليرة حالياً، وفقاً لأرقام منتصف أغسطس/آب 2024. أما الاحتياطات الأجنبية للمصرف المركزي، فسجّلت فائضاً فاق المليار و800 مليون دولار منذ أغسطس 2023، لتصبح 10.388 مليارات دولار، مقابل كتلة نقديةّ دون 700 مليون دولار".

وجدّد التأكيد أن "قرارات مصرف لبنان حول وقف تمويل الدولة وعدم التدخل في سوق القطع وإيقاف العمل بمنصة صيرفة، كان من نتائجها توقف النزف وتحسّن الجباية كما استقرار مالية الدولة"، مضيفاً: "لقد ساهمنا في تصحيح وتنظيم مالية الدولة بالكامل، حيث أصبح بإمكان الدولة معرفة كيفية الصرف وقدرتها على الصرف من حساباتها الموجودة لدى مصرف لبنان، وقد لمسنا للمرة الأولى قدرة الدولة على إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهها بشكل طارئ كما حصل أخيراً، من دون اللجوء إلى الاستدانة من مصرف لبنان كما كانت العادة في السابق".

وانتهى إلى التشديد على "أهمية الدعائم الأربع التي يجب الارتكاز عليها لإخراج لبنان من الأزمات العميقة التي تعصف به، وهي أولاً المحاسبة عن طريق القضاء حصراً، ثانياً وضع آلية واضحة لإعادة أموال المودعين، ثالثاً بناء الاقتصاد من خلال إعادة إطلاق عمل القطاع المصرفي، ورابعاً إعادة هيكلة الدولة وإجراء الإصلاحات التي طال انتظارها".

المساهمون