أقدم بعض أثرياء النرويج على الانتقال إلى سويسرا بعد قرار الدولة الواقعة في شمال أوروبا زيادة الضرائب على الثروة العام الماضي.
ورفعت الحكومة النرويجية الضريبة من 0.85% إلى 1.1% في نوفمبر/تشرين الثاني، ما دفع العشرات من أكبر أثرياء إلى الانتقال إلى أماكن أخرى.
ويتعين على الأفراد الذين لديهم ثروة صافية تزيد عن 1.7 مليون كرونة (158 ألف دولار) أو الأزواج الذين لديهم ثروة صافية تزيد عن 3.4 ملايين (317 ألف دولار) دفع ضريبة بنسبة 1.1%، وفقًا لبيانات من شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز".
وعلاوة على ذلك، ارتفع معدل الضريبة الفعلية على أرباح الأسهم إلى 37.8% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بزيادة ست نقاط مئوية عما كان عليه قبل عامين.
ويأمل أثرياء النرويج في حدوث انتكاسة انتخابية للحكومة اليوم الاثنين، في ظل غضبهم من النظام المالي الذي دفع العشرات منهم إلى المنفى في سويسرا.
وأصبحت سويسرا الوجهة المفضلة، لأن ضريبة الثروة لديها توفر ثغرة للهروب من النظام النرويجي بموجب معاهدة الازدواج الضريبي، والتي تسمح للمنفيين بتسليم مبلغ مقطوع إلى السلطات السويسرية.
وهرب المليارديرات من الضربة المزدوجة التي تتمثل في ارتفاع الضرائب على الثروة وعلى أرباح الأسهم منذ تولي حكومة الأقلية لرئيس الوزراء جوناس جار ستور قبل أقل من عامين. وتشمل التدابير، الرامية إلى تشديد الخناق على الأثرياء بشكل أكبر، فرض رسوم خروج أكثر صرامة، وخطط لضمان قدرة السلطات المالية أيضًا على مراقبة استخدام نفقات الاستهلاك الشخصي عند تسجيل التكاليف على الشركات.
وقال تورد كولستاد، رجل الأعمال المدرج ضمن أغني 400 شخص في النرويج وأحد المغتربين الغاضبين من حملة القمع، في حوار عبر الهاتف نقلته بلومبيرغ من لوسيرن بوسط سويسرا، إنه "لا يزال هناك أشخاص يأتون من النرويج كل أسبوع، ويفعل ذلك الكثيرون لأنهم يشعرون أنهم مجبرون على ذلك بسبب النظام الضريبي".
وأدت حملة ستور لفرض الضرائب على الأغنياء إلى وضع مفاهيم الشمال التقليدية، والخاصة بالمساواة والعدالة الاجتماعية، في مواجهة الادعاءات بأن تلك القوانين تعاقب النجاح وتضر بالاقتصاد. ووصف رئيس الوزراء البالغ من العمر 63 عاما هجرة الأثرياء بأنها "انتهاك للعقد الاجتماعي".
وستور هو نفسه رجل ثري، ورث المال من بيع جده لإحدى الشركات، وحصل على مليوني كرونة (187 ألف دولار) من الأرباح العام الماضي، "ربما لتغطية ضريبة الثروة"، حسب ما ذكرت صحيفة "فينانسافيسن" للأعمال في يونيو/حزيران.
وعلى النقيض من ذلك، يتمتع كولستاد بثروة صنعها بنفسه، حيث بدأ بالاستثمار في العقارات عندما كان يبلغ من العمر 19 عامًا، في مسقط رأسه بودو في شمال النرويج، ويمتلك الآن 230 ألف متر مربع من العقارات التجارية و240 شقة، وفقًا لمجلة "كابيتال" التجارية. وارتفع صافي ثروته بنسبة 38% إلى 2 مليار كرونة العام الماضي، وفقًا لحسابات المجلة.
وقال كولستاد إن قيمته ليست في امتلاك المال، بل ف يما يملكه من مصانع ومنازل ومبان، والتي قال إنه يتعين عليه أن يدفع 2% أو 3% من قيمتها سنوياً للحكومة لمجرد امتلاكها. وأضاف أن هذه الضرائب هي السبب في أنه سيكون هناك عدد أقل من الوظائف، واستثمارات أقل، ومن ثم رفاهية أقل.
وكولستاد ليس وحده في ذلك، حيث انتقل نحو 65 نرويجيا ثريا تتجاوز ثرواتهم الصافية مجتمعة 47 مليار كرونة إلى سويسرا في غضون عام واحد، وفقا لصحيفة الأعمال المحلية داجينز نارينغسليف.
ومن بين النازحين كان ملياردير النفط ورئيس شركة أكر آي إس إيه كجيل إنجي روكي، سابع أغنى شخص في البلاد، وفقًا لـ"كابيتال"، وكريستوفر ريتان، وريث قطب مبيعات التجزئة أود ريتان، ومؤخرًا ألفي هالاند، والد نجم كرة القدم الشهير إيرلينغ هالاند.
كما هاجر بيورن دالي، البطل الأولمبي في التزلج الريفي على الثلج، ويورغن دال، قطب أمن المنازل، وكذلك أغنى امرأة في النرويج نينجا توليفسين.
وعلى عكس ذلك، بقي غوستاف ماجنار ويتسوي، الشاب البالغ من العمر 30 عامًا ووريث إمبراطورية زراعة سمك السلمون وأغنى شخص في النرويج في عام 2021، الذي ألغى عملية نقل مخطط لها حتى لا يترك عائلته وأصدقاءه وراءه، حسب ما صرح لإذاعة NRK العامة في يوليو/تموز.
وأخبر الملياردير كجيل إنجي روكي، وهو المساهم الرئيسي ورئيس مجلس إدارة شركة الاستثمار الصناعي "Aker ASA"، مجلس الإدارة في رسالة مفتوحة في سبتمبر/أيلول أنه اتخذ "الخيار الصعب" للانتقال من النرويج إلى سويسرا، وفقًا لصحيفة تليغراف.
وبحسب ما ورد، كان روكي، الذي تقدر ثروته الصافية بـ4.9 مليارات دولار، أكبر دافعي الضرائب في البلاد.
وتعتبر سويسرا منذ مدة طويلة ملاذا ضريبيا جاذبا للأثرياء الذين يتطلعون إلى الاستفادة من الضرائب المنخفضة.
وفي حين أن "محنة" دافعي الضرائب من الأثرياء لم تظهر بشكل بارز قبل الانتخابات المحلية اليوم الاثنين، فقد يحبط تحقيق الحكومة نتيجة سيئة المزيد من محاولات العبث بالنظام المالي، قبل الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في عام 2025. وقد أدت فضائح تضارب المصالح، التي تورط فيها العديد من الوزراء الحاليين والسابقين، إلى تراجع الدعم للحزب الحاكم.
ووفقا لشركة "برايس ووتر هاوس كوبرز"، تختلف ضرائب الثروة في سويسرا بحسب الكانتونات أو المناطق السويسرية الـ26، وتقول الشركة إن نتيجة ذلك هي "تراوح معدل ضريبة الثروة الشخصية الصافية بين 0.02% و1.03%".
واحتلت سويسرا المرتبة الأولى بين أفضل الدول في تقرير مجلة "يو إس نيوز أند وورلد" في تصنيف الدول، وفقاً لمناسبتها للتقاعد.
وأجري التصنيف بناءً على دراسة استقصائية عالمية، وشارك فيه أكثر من ستة آلاف شخص، وكان أغلبهم في منتصف الأربعينات. ودارت الأسئلة حول موضوعات تتعلق بالقدرة على تحمل التكاليف والضرائب وحقوق الملكية.