مقايضة العملات طوق إنقاذ إماراتي لإثيوبيا

15 اغسطس 2024
عملة الدرهم الإماراتي (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اتفاقية مقايضة العملات وتأثيرها**: ساعدت اتفاقية مقايضة العملات بين إثيوبيا والإمارات المستثمرين الإثيوبيين في تحويل الأموال لشراء معدات زراعية من دبي بعد تعويم العملة الوطنية وخفض قيمتها بنسبة 30%.

- **نمو التبادل التجاري**: شهد التبادل التجاري بين البلدين نمواً بنسبة 15% ليصل إلى 1.8 مليار دولار، مما يسهم في تسهيل التجارة وتقليل تكاليف التحويلات النقدية، ويشجع المستثمرين الإماراتيين على الاستثمار في إثيوبيا.

- **آفاق وتحديات التعاون**: تفتح الاتفاقية آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي، لكن تواجه تحديات مثل التقلبات النقدية والاختلافات في الأنظمة الاقتصادية، مما يتطلب التزام البلدين بتنفيذ شروطها ودعم المشاريع المشتركة.

 

تنفس المستثمرون في إثيوبيا الصعداء، بعد توقيع حكومتهم اتفاقية مقايضة العملات مع حكومة دولة الإمارات، في 17 يوليو/تموز الماضي، إذ لطالما عانوا من صعوبات في تحويل الأموال لشراء معدات زراعية من دبي، ما جعل من الاتفاقية فصلاً مهماً من تراكم التعاون الاقتصادي بين أبوظبي وأديس أبابا.
وجاءت الاتفاقية بمثابة طوق إنقاذ لكثير من المستثمرين الإثيوبيين، خاصة بعد إقدام حكومة بلادهم، في 29 يوليو الماضي، على تعويم عملتها الوطنية (البير)، وخفض قيمتها بنسبة 30%، وتخفيف القيود على نظام الصرف الأجنبي، وذلك بعد معاناة من موجة غلاء وارتفاع كبير في معدلات البطالة والفقر وانخفاض الإنتاج، ونقص حاد في العملات الأجنبية، ما تسبب في تخلف أديس أبابا عن سداد ديونها الخارجية نهاية العام الماضي، وخفض التصنيف الائتماني للدولة.
ووفقاً لبيانات البنك الدولي، الصادرة في مايو/أيار الماضي، فإن حجم التبادل التجاري بين إثيوبيا والإمارات قد شهد نمواً بنسبة 15% خلال العام الماضي (2023)، ليصل إلى 1.8 مليار دولار.
ومن شأن اتفاقية المقايضة أن تسهم في تسهيل التجارة من خلال تقليل تكاليف التحويلات النقدية وتوفير بديل للدولار في المعاملات، ما سيشجع المستثمرين الإماراتيين على الذهاب إلى إثيوبيا، بحسب إفادة خبيرين لـ "العربي الجديد"، أشارا إلى سعي أبوظبي لتعزيز نفوذها في منطقة القرن الأفريقي، وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها في إثيوبيا، خاصة في مجالات البناء والزراعة والتكنولوجيا.

وفي المقابل، تهدف إثيوبيا إلى تحسين وصولها إلى التكنولوجيا والخبرات الإماراتية، ودعم جهود تنويع اقتصادها، بحسب إفادة الخبيرين.
ووفقاً لتقرير صادر عن غرفة تجارة وصناعة دبي، في يونيو/حزيران الماضي، فإن الاستثمارات الإماراتية في إثيوبيا ارتفعت بنسبة 20% خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

آفاق وتحديات

يؤكد الخبير الاقتصادي الإماراتي، علي سعيد العامري، لـ "العربي الجديد"، أن اتفاقية مقايضة العملات بين أبوظبي وأديس أبابا تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث تحمل في طياتها العديد من الفوائد المتوقعة، ومنها الإسهام في تسهيل التجارة من خلال تقليل تكاليف التحويلات النقدية وتوفير بديل للدولار في المعاملات.

فدولة الإمارات تتطلع، من خلال هذه الاتفاقية، إلى فتح أسواق جديدة لمنتجاتها في إثيوبيا، خاصة في مجالات البناء والزراعة والتكنولوجيا، كما يرى العامري، مشيراً إلى أن الاتفاقية ستشجع المستثمرين الإماراتيين على الاستثمار في إثيوبيا عبر تخفيف أخطار التقلبات النقدية، ما يعزز نفوذ الإمارات في منطقة القرن الأفريقي.

أما إثيوبيا، فتسعى من خلال هذه الاتفاقية إلى تسهيل تبادل السلع والخدمات مع الإمارات وجذب الاستثمارات الإماراتية، بحسب العامري، مضيفاً أن إثيوبيا تهدف إلى تحسين وصولها إلى التكنولوجيا والخبرات الإماراتية في مجالات متعددة، بالإضافة إلى دعم جهود تنويع اقتصادها وتقليل اعتمادها على القطاع الزراعي.
ومن المتوقع أن تؤثر هذه الاتفاقية إيجابياً على التجارة الثنائية واقتصاد المنطقة ككل، بحسب ما يراه العامري، مؤكداً أن الاتفاقية ستساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والمنطقة الأفريقية، مما يدعم نمو الاقتصاد الإقليمي.
ومع ذلك، يحذر العامري من تجاهل التحديات المحتملة التي قد تواجه هذه الاتفاقية، مثل التقلبات النقدية والاختلافات في الأنظمة الاقتصادية بين البلدين، ويشدد على أن نجاح الاتفاقية سيعتمد على التزام كلا البلدين بتنفيذ شروطها ودعم المشاريع الاقتصادية المشتركة.
 

تبادل اقتصادي

يشير الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، لـ "العربي الجديد"، إلى أن العلاقات الاقتصادية بين أبوظبي وأديس أبابا تشهد تطوراً ملحوظاً مع توقيع اتفاقية مقايضة العملات بين المصرفين المركزيين للبلدين، والتي تصل قيمتها إلى ثلاثة مليارات درهم إماراتي، أي ما يعادل حوالي 46 مليار بير إثيوبي.
وتأتي هذه الخطوة نتيجة للتراكم في التبادل الاقتصادي بين البلدين، والذي وصل إلى أكثر من 1.5 مليار دولار، حسب درويش، الذي يؤكد أن هناك أرضية قوية للتعاون الثنائي، حيث تعمل العمالة الإثيوبية في الإمارات وتقوم بتحويل الأموال إلى بلدها الأم.

وعلى صعيد آخر، يلفت درويش إلى الطبيعة الزراعية لإثيوبيا، ما يجعلها مصدراً مهماً للمنتجات الزراعية والمواد الأولية التي تستهلكها الإمارات، لافتاً إلى أن هذا التبادل يشمل السلع غير النفطية، ما يعزز التنوع في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
ويرى درويش أن اتفاقية مقايضة العملات ستعمل على تسهيل وتعزيز عملية التبادل التجاري، حيث ستساعد في تيسير المعاملات المصرفية وعمليات تحويل الأموال، ما يصبّ في مصلحة البلدين، سواء في مجال تبادل السلع والمواد الاستهلاكية الأساسية، أو في تسهيل تحويلات العمالة الإثيوبية العاملة في الإمارات.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن هذه الاتفاقية تضع أرضية اقتصادية جيدة، ومن المتوقع أن تعزز الروابط التجارية بين البلدين، مشيراً إلى أن القرب الجغرافي بين الإمارات وإثيوبيا يساهم في تعظيم الفوائد الاقتصادية المتبادلة من هذا التعاون.
ويخلص درويش إلى نجاح الاتفاقيات الثنائية المماثلة التي أبرمتها دول الخليج مع بلدان أخرى في الآونة الأخيرة، وثبوت فعاليتها في تعزيز التبادل الاقتصادي وتحسين الميزان التجاري بين الدول المعنية، يبشر بآفاق واعدة للتعاون الإماراتي الإثيوبي.