مقاطعة إسرائيل تنشط في مانشستر.. و109 مطاعم تحت الضغط

10 سبتمبر 2024
احتجاجاً على دعم جامعة مانشستر لإسرائيل، 13 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأثير المقاطعة على الشركات والاقتصاد الإسرائيلي**: حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية في مانشستر تشمل 109 مطاعم ومحال تجارية، مما أدى إلى تراجع مبيعات شركات عالمية مثل "جي 4 إس" و"بوما"، وتأثير سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي.

- **البدائل المتاحة ودور الوعي الشعبي**: انتشار المقاطعة أدى إلى ظهور منتجات بديلة مثل "كولا غزة"، مع زيادة الوعي الشعبي بين طلاب الجامعات وسكان المدينة، مما يعزز تأثير المقاطعة.

- **النتائج والتحديات المستقبلية**: المقاطعة أثرت على شركات كبرى مثل "ماكدونالدز"، واستجابت الحكومة البريطانية بتعليق بعض تراخيص توريد الأسلحة لإسرائيل. الخبراء يشددون على ضرورة أن تكون المقاطعة مؤسسية ومنظمة لتحقيق أهدافها.

لا تزال فئات من الناس تستخف بمقاطعة البضائع الإسرائيلية أو السلع والخدمات التي تنتجها شركات متعاونة مع الاحتلال، إلا أن أثر مقاطعة إسرائيل آخذ في التعمّق يومًا بعد آخر، مطيحًا مصالح شركات عملاقة ومخضعًا سياسات بعض الحكومات التي تربطها بتل أبيب مصالح استراتيجية وتاريخية. وفي سياق التجربة العملية الدالة على أثر المقاطعة المتسع نطاقها تدريجيًا، نشطت حركة مقاطعة إسرائيل بمنتجاتها والعلامات التجارية الدولية الداعمة للاحتلال على نطاق واسع في مدينة مانشستر البريطانية، حيث بات نحو 109 مطاعم تحت ضغط ورقابة الناشطين، وقد أُدرجت ضمن قائمة المقاطعة التي تُوزّع على قاطني المدينة وزوارها الخارجيين.

وتمتد مقاطعة إسرائيل في المدينة التي يقطنها عدد كبير من العرب والمسلمين لتشمل مطاعم ومحال تجارية ومؤسسات تعمل في القطاع الرياضي والتعليمي، خاصة بين طلاب الجامعات البريطانية، فيما يعتبر هذا الضغط الشعبي من أقوى الأسلحة التي تؤثر سلبًا في الاقتصاد الإسرائيلي والشركات الداعمة له، وفقًا لناشطين وقادة حملة المقاطعة بالمدينة التي يتزايد المسلمون فيها بشكل ملحوظ.

"العربي الجديد" جال في شارع رشولمي (Rusholme) الحيوي الذي يُعد من أفضل الوجهات للمستثمرين والزوار، حيث يوجد أفراد من جنسيات مختلفة، ويقع قرب جامعة مانشستر، ويطلق عليه اسم "شارع العرب"، ويضم العديد من الفنادق والكافيهات والمطاعم العربية كاليمنية والفلسطينية والعراقية والمصرية، وكذلك المطاعم الأفغانية والباكستانية والهندية والتركية والصينية، ويحتوي على 16 محل ذهب، إضافة إلى المتاجر المتنوعة.

ممن التقاهم "العربي الجديد"، يقول إياد الحواري، وهو رجل أعمال صاحب محل ذهب ومطعم فلافل في شارع رشولمي، إنه بدأ المقاطعة منذ حوالي ستة أشهر، لأن الدعم الأميركي لإسرائيل يأتي من الضرائب ومن مكاسب هذه المنتجات والشركات التي تدعم المحتل الصهيوني، مشيراً إلى أنه خسر في بداية الأمر حوالي 50% من الربح الإجمالي للمحل.

ويشرح أنه كان يشتري 20 صندوق مشروبات غازية بـ200 جنيه إسترليني أسبوعيًا، أي 800 جنيه شهريًا، وصافي المكسب فيها حوالي 70%، إلا أنه استمر بقرار المقاطعة، ويضيف أن المنتجات البديلة كانت موجودة ومتوفرة بسهولة من أماكن متعددة، منها داخل بريطانيا كشركة "كارما كولا" و"أيرن برو" الاسكتلندية، وخارج بريطانيا من باكستان وليبيا وغيرهما، لافتًا إلى أن الإنكليز يبدون أكثر التزامًا من العرب أنفسهم، وما جعل مقاطعة إسرائيل مؤثرة أو ما أدت إليه من دفع شركات كبرى لتسريح عدد كبير من العمالة وغلق فروع ومحلات شهيرة، يعني بالتالي نتائج سلبية على الاقتصاد البريطاني.

منتجات بديلة تعزيزًا لحركة مقاطعة إسرائيل

وتشهد السوق البريطانية ودول الاتحاد الأوروبي انتشار منتجات بديلة كثيرة منذ الحرب على غزة، وأحد أهم هذه المنتجات في وقت سابق خلال هذا الشهر منتج "كولا غزة"، وعلامة تجارية سويدية أخرى في مارس/ آذار الماضي تحت مسمى "فلسطين كولا" وبدأت هذه الماركة بالانتشار في بريطانيا وجنوب أفريقيا.

بدوره، يقول محمد زين، الطالب في جامعة مانشستر والذي يعمل في مطعم أهايو للوجبات السريعة قرب جامعته، إن مقاطعة إسرائيل قرار إنساني بالدرجة الأولى، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه مقابل قتل الأطفال الأبرياء في غزة أمام أعين العالم كله، ويجب إلحاق الأذى الاقتصادي بكل من يدعم الاحتلال الإسرائيلي، ويضيف أن هناك إقبالًا من الزبائن على المنتجات البديلة مثل "توركولا" و"كارما كولا" و"بار" و"أيرون برو" و"روبيكون"، وتبيّن أنها توفّر خيارات أكثر من حيث الطعم والجودة.

ونشطت حركة المقاطعة مع بدء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث أجبرت مقاطعة إسرائيل شركات عالمية على التراجع وسحب استثماراتها من الأراضي المحتلة، مثل شركة الأمن الخاصة "جي 4 إس" التي قررت ببيع جميع أعمالها، وشركة "فيولا" الفرنسية التي انسحبت بالكامل من السوق الإسرائيلية بعد خسارة حوالي 20 مليون دولار، وشركة الاتصالات الفرنسية "أورانج" بعد حملة ضدها في فرنسا ومصر، وشركة "بي أتش" العالمية التي فسخت عقدها مع الاحتلال الإسرائيلي، وشركة "بوما" الألمانية التي أعلنت أنها لن تجدد عقدها مع الاحتلال والذي سينتهي خلال العام الحالي.

وتُضاف إلى كل ذلك الخسارة التي لحقت بالعديد من الماركات العالمية، مثل "ماكدونالدز" و"كنتاكي" و"كارفور" و"ستاربكس" بعد تدهور مبيعاتها، وتكبدها خسائر فادحة، وإغلاق عدد كبير من الفروع، وتسريح عمالة كثيرة، وفقًا لموقع حركة مقاطعة إسرائيل (BDS).

وفي 14 أغسطس /آب الفائت، أعلنت شركة ستاربكس الأميركية، التي تتعرض لحملة واسعة من المقاطعة من قبل المنظمات الرافضة لدعم الاحتلال الإسرائيلي، أن لاكسمان ناراسيمهان سيتنحّى عن منصبه بأثر فوري، بعد عام واحد فقط من توليه إياه، في وقت تواجه الشركة تحديات مرتبطة بأدائها. وذكرت في بيان أنها عينت الرئيس التنفيذي لشركة "تشيبوتلي" براين نيكول، ليكون رئيس مجلس إدارتها ومديرها التنفيذي الجديد، اعتبارًا من 9 سبتمبر/ أيلول.

هذا ما تقوله لجنة مقاطعة إسرائيل في مانشستر

عضو لجنة المقاطعة محمود سرسك من مطعم جفرا، قال إن المقاطعة منتشرة على نطاق واسع بمدينة مانشستر لأنها لم تعد تقتصر على المطاعم والمحلات التجارية، بل امتدت إلى القطاع الرياضي، ومنها شركة بوما الداعم الرياضي الرئيس للاحتلال الصهيوني والتي ستتوقف عن دعمه مع بداية العام المقبل استجابة لقرار المقاطعة، مشيرًا إلى أهمية انتشار الوعي على نطاق واسع، خاصة بين طلاب الجامعات وشعوب بعض الدول التي تدعم حكوماتها الاحتلال الإسرائيلي، علمًا أن استمرار المقاطعة سيشكل خطرًا وجوديًا على الاحتلال الصهيوني في فلسطين، مضيفًا أن التحرك "نوع من الشعور بالمسؤولية الأخلاقية تجاه إخواننا الفلسطينيين، حتى لا نكون أداة دعم للاحتلال في قتله الأطفال الأبرياء والنساء والمدنيين بشكل عام".

وسبق ذلك في 7 أغسطس أن أعلنت شركة يام براندز، المالكة لمطاعم كنتاكي وبيتزا هت، تباطؤ نمو مبيعاتها، بسبب مقاطعة واسعة طاولت الشركات الداعمة لإسرائيل في العديد من الدول، وهو ما عبرت عنه الشركة بـ "عمليات الإغلاق والاضطرابات المرتبطة بالصراع في الشرق الأوسط". وقالت في بيان إن مبيعاتها العالمية انخفضت في الربع الثاني من العام في كل من كي أف سي وبيتزا هت، فيما نمت مبيعات متاجر تاكو بل بنسبة 5% عن العام الماضي.

استمرار مقاطعة إسرائيل حتى لو توقف العدوان

يقول رجل الأعمال الباكستاني جيلاني محبوب؛ صاحب أحد مطاعم المدينة، بوجوب اتخاذ موقف تجاه مقاطعة إسرائيل من جميع أحرار العالم، مؤكدًا أنه سيستمر بالمقاطعة حتى لو توقفت الحرب لأنها قضية إنسانية، لا سيما مع استمرار قتل الأطفال والناس الأبرياء المدنيين، وهو يؤكد أن المنتجات البديلة متوفرة بكثرة لكن الأمر متوقف على المستهلك ووعيه بالقضية واختياراته، وأن الغالبية العظمى من الزبائن من المسلمين والعرب وغيرهم يدعمون قرار المقاطعة.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وانتشر مقطع على مواقع التواصل الاجتماعي على صفحة GM friends of Palestine على منصة X لمواطن بريطاني في أحد متاجر سينسبري بمانشستر، وهي سلسلة سوبر ماركت شهيرة بالمملكة المتحدة، يعمل على توعية الزبائن لعدم شراء المنتجات الإسرائيلية، وعدم دعم الشركات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي.

وفي السياق عينه، يبيّن حبيب الرحمن خليل، العضو في جماعة أصدقاء الأقصى في مدينة مانشستر، أن فرع "إف أو إيه" (FOA) في مدينة مانشستر من الفروع التي بدأت العمل حديثًا في المدينة قبل عشرة أشهر تقريبًا، وكان عدد المطاعم وقتها أربعة مطاعم فقط تقاطع منتجات الاحتلال الإسرائيلي بينما وصل العدد الآن إلى 109 مطاعم تقاطع المنتجات الإسرائيلية بمدينة مانشستر، استجابة لقرار المقاطعة، ويضيف أنهم يقومون بدور توعوي تثقيفي مع الجمهور والشركات المحلية والمحال التجارية من خلال التواصل المباشر وإنتاج وتوزيع المنشورات في أماكن مختلفة وعمل حملات ونصب أكشاك بأماكن التجمعات، وتقديم اقتراحات وتوفير البدائل من المنتجات والشركات التي لا تدعم الاحتلال الإسرائيلي.

ويضيف خليل أن المقاطعة حق لكل مواطن، وأن ممارسات الأفراد، وإن كانت صغيرة، فتأثيرها كبير حين تتضافر الجهود، وأنهم سيواصلون التركيز على احتياجات الشعب الفلسطيني وسيقومون بتوضيح السبب الاستراتيجي للمقاطعة للجمهور والشركات دائمًا، وأنهم يعملون على التوسع في أماكن ومدن أخرى بالمملكة المتحدة، وإظهار الصورة الحقيقية لمدى الضرر الاقتصادي الذي يلحق هذه الشركات وغيرها من كل ما يدعم الاحتلال الإسرائيلي مثل شركة كوكاكولا واتش بي وغيرهما.

وجماعة أصدقاء الأقصى منظمة غير حكومية مقرها المملكة المتحدة وأُسّست عام 1997، وهي تهتم بالدفاع عن حقوق الإنسان وحماية المسجد الأقصى وتطالب بالتغيير السياسي في فلسطين، كما أنها المنظمة الأكثر متابعة لمناهضة الفصل العنصري في المملكة المتحدة، وتعتمد في عملها على المتطوعين، وتدير حملات لرفع الوعي وبناء الدعم وتنفيذ التغيير، وتتعاون مع أعضاء البرلمان والمستشارين وصناع السياسات وطلاب الجامعات ونظمت أكثر من 1000 مناسبة أهمهما معرض فلسطين ووزعت أربعة ملايين منشور لتوعية الجمهور البريطاني بالقضية الفلسطينية.

وانسحب نحو 130 موسيقيًا وفرقة موسيقية في منتجع ساحلي بمدينة برايتون في جنوب إنكلترا في مايو/ أيار الماضي من مهرجان "غرايبت إسكايب" (Great Escape)، لأن راعي الحدث كان "بنك باركليز" الداعم لإسرائيل، وكتبت "تشيري إم"، إحدى الفرق المنسحبة، على صفحتها على إنستغرام، أن الفرقة شعرت بضمير مرتاح بسبب عدم مشاركتهم في المهرجان. وكان البنك أعلن في وقت سابق عن انسحابه من مزادات سندات الحكومة الإسرائيلية استجابة لضغوط نشطاء مؤيدين لفلسطين وفق صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

واستجابة للضغط الشعبي من خلال المظاهرات الدورية أمام مصانع الأسلحة بالمملكة المتحدة، وحملات المقاطعة الواسعة، أعلن وزير الخارجية ديفيد لامي تعليق حكومة حزب العمال برئاسة كير ستارمر 30 ترخيصًا لتوريد الأسلحة لإسرائيل من أصل 350، فيما لا يزال 320 ترخيصًا آخر ساري المفعول، بما في ذلك تلك الخاصة بأجزاء طائرات "إف 35" المقاتلة.

خبير: لحركة مقاطعة إسرائيل دور مؤثر

ويقول أشرف دوابة الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد" إن المقاطعة لها دور مؤثر وهي سلاح يتم استخدامه بين الدول، وقد استخدمته إسرائيل نفسها ضد بلجيكا عام 2003 ردًا على قرار المحكمة العليا البلجيكية بإمكانية محاكمة أرييل شارون كمجرم حرب، مؤكدًا أن استمرار المقاطعة يساهم في شلل الاقتصاد الإسرائيلي، لأن الاحتلال يخسر يوميًا 170 مليون دولار، فضلًا عن انهيار سوقه المالي وانخفاض عملته وهروب الاستثمارات الأجنبية منه وضرب السياحة في مقتل وخروج أكثر من 760 ألف عامل من سوق العمل.

كما يشير إلى أن الخسائر الناتجة من هبوط مؤشرات أسهم البورصة وتغيير مجالس إدارة بعض الشركات الداعمة لإسرائيل هي من مؤشرات نجاح المقاطعة أيضًا، وعامل ضغط على الحكومة الأميركية، لأنها دولة تحركها المصالح ويحكمها رجال المال والأعمال أكثر من السياسيين أنفسهم.

ويشيد دوابة بالدور التكنولوجي الذي لعبه الشباب في مقاطعة المنتجات الإسرائيلية هذه المرة من خلال التطبيقات الإلكترونية بالهواتف المحمولة وحملات التوعية بالمنتجات الإسرائيلية والمنتجات البديلة، والذي رفع مستوى الوعي، ويضيف أن أكثر قطاع اقتصادي متأثر قطاع المواد الغذائية والتي كانت تدعمه تركيا لكنها توقفت، والآن للأسف تدعمه بعض الدول العربية، ويبين أن المقاطعة كي تحقق أهدافها المرجوة يجب أن تكون مؤسسية، ومنظمة، وذات نفس طويل.

وبدأت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل عملها في فلسطين عام 2005 بالتعاون مع 170 من مؤسسات ونقابات وأحزاب واتحادات شعبية ومؤسسات فلسطينية، وقامت بحملات متنوعة تشمل: المقاطعة الأكاديمية، والثقافية، والاقتصادية والإعلامية، وامدت حول العالم.

وأظهر استطلاع أجرته شركة يوغوف لصالح "صنداي تايمز" وشمل 2053 من البالغين في المملكة المتحدة أن 5% من البالغين في بريطانيا يقاطعون الآن علامة تجارية واحدة على الأقل اشتروا منها سابقًا بسبب الصراع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وكان الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا أكثر مشاركة، في حين كانت ماكدونالدز وستاربكس وكوكا كولا هي العلامات التجارية الأكثر شيوعًا التي تم ذكرها.

وأورد التقرير أن نساء يحملن دمى ملفوفة بأكفان ملطخة بالدماء تظاهرن خارج منافذ "برغر كنغ" و"ماكدونالدز" و"ستاربكس" خلال مسيرة لدعم الأمهات الفلسطينيات في روتردام الشهر الماضي.

المساهمون