معامل صابون الغار الحلبي مهددة بالإغلاق والانقراض

22 يناير 2023
مخاوف من اندثار صناعة الصابون (Getty)
+ الخط -

يدعو الصناعي السوري، عامر الراجي، إلى إنقاذ أهم صناعات مدينة حلب السورية، وهي معامل تصنيع صابون الغار اليدوية التي تواجه أزمات أثّرت بحجم الإنتاج ونوعيته، بعد غلاء مستلزمات الصناعة، وفي مقدمتها المشتقات النفطية وصعوبة نقل مواد الإنتاج، إضافة إلى الغش الذي دخل على هذه الصناعة الحلبية العريقة، سواء بإدخال الصبغيات لإعطاء الصابون اللون الأخضر، أو إدخال مواد كيماوية (الصابون الحلبي خالٍ من الكيماويات).

ويقول الراجي، العامل السابق في معمل صابون، لـ"العربي الجديد"، إن عدد معامل إنتاج الصابون اليوم لا تتجاوز 8 معامل (الخبر المهم عودة معمل الزنابيلي)، فيما كان هناك نحو 200 معمل وورشة لتصنيع صابون الغار في حلب قبل عام 2011، مشيراً إلى حصول شبه شلل للصناعة خلال الثورة، قبل أن تعود بعض المعامل عام 2016، لكن التضييق والغلاء وركود الأسواق اليوم، عادت لتهدد صناعة الصابون الحلبي.

ويكشف رئيس لجنة صناعة صابون الغار في غرفة صناعة حلب، هشام جبيلي، عن أن أغلب مشكلات حرفيي صابون الغار الحلبي لا تزال دون معالجة، رغم رفع غرفة صناعة حلب كتباً عديدة إلى الجهات المعنية تتضمن مطالبهم بتشغيل كل "المصابن" من جديد ورفد السوق المحلية والخارجية بمنتج صابون الغار الحلبي.

ويضيف جبيلي "أن حرفيي صابون الغار يعانون من عدم توافر مادة المازوت اللازم لتشغيل المصابن، التي توقف عدد كبير منها عن العمل بسبب هذا الوضع"، مشيراً إلى ضرورة إعطاء هذه الحرفة الموسمية أولوية في توزيع المازوت، لكون عمليات التصنيع مرهونة بوقت معين.

ويشير رئيس لجنة صناعيي صابون الغار إلى أن أصحاب معامل الصابون تقدموا منذ شهر تشرين الثاني الفائت بطلبات لتسلّم مادة المازوت، لكن أغلب الحرفيين لم يحصلوا عليه، ما يعني ضياع موسم تصنيع صابون الغار.

وبحسب المراجع التاريخية، يعود تاريخ صناعة صابون الغار في حلب إلى ما قبل 2000 عام قبل الميلاد، ولم تتغير طريقة صناعته كثيراً، إذ لا تزال تحافظ على طريقة الإنتاج التقليدية شبه اليدوية، مع بعض التطور مع مرور الزمن وإدخال الآلات على هذه الصناعة التي يقول عامر الراجي إن منشآت الزنابيلي "رائدة تطوير الصناعة" وعادت اليوم بعد توقف لسنوات.

وأخذ الصابون الحلبي (الغار) شهرته العالمية، نظراً لجودته وفوائده للبشرة وخلوّه من المواد الكيماوية، بحسب المتخصص بصناعة الصابون، عماد الطحان الذي قال لـ"العربي الجديد" إن هذه الصناعة تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، ولم تزل مستمرة في مدينة حلب دون انقطاع "عدا توقف خلال الحرب قبل سنوات".

وعن مكونات صناعة صابون الغار وشهرته، يكشف الطحان أن هناك نسباً محددة من زيت الزيتون وزيت الغار، وكلما زادت نسبة الغار، زادت الجودة (نسبة الغار من 2 حتى 40% حسب الجودة) وتراوح نسبة زيت الزيتون (عكر أي الوجبة الثانية من عصر الزيتون) بين 60 و90%، كذلك يوضَع بعض المكونات، مثل الغليسيرين، لتفكيك زيت الزيتون ومادة الصوديوم التي تستخلص من نبتة خاصة (الشنان) الموجودة في ريف حلب الجنوبي (ربما غير موجودة في مكان ثانٍ بالعالم).

وفيما يكشف الطحان عن أن الصين تقلّد زيت الغاز الحلبي، إلا أن الأسواق الأوروبية تطلب الصابون السوري الأصلي، ويباع في الصيدليات كمعالج للبشرة.

وأثرت الحرب المستمرة منذ عام 2011 بصناعة الصابون الحلبي، فتراجع عدد المعامل وكمية الإنتاج. فبعدما كانت سورية تصدّر نحو 600 طن من صابون الغار، بسعر نحو 16 دولاراً للكيلو، تراجع الإنتاج اليوم، بحسب الطحان، إلى نحو 200 طن، بسبب الركود وغلاء المواد الأولية والتضييق على المعامل، كذلك عديد من الأسر المتخصصة والعريقة، نقلت منشآتها إلى أكثر من دولة مجاورة أوروبية "مثل عائلتي بلشة وصابوني، اللتين أقامتا معملاً لصابون الغار في كندا".

وتنتشر صناعة صابون الغار بولاية غازي عنتاب التركية التي تنتشر فيها زراعة الزيتون والشبيهة مناخاً بحلب، إذ تحتاج الصناعة إلى مناخ جاف، كما يقول لـ"العربي الجديد" مدير منشأة "دكتور أوغلو" مصطفى دكتور أوغلو.

وفيما لا ينكر التركي، دكتور أوغلو، عراقة حلب بصناعة صابون الغار، إلا أنه يؤكد أن منشأته تصدّر الصابون الغار إلى أوروبا وتغذي الأسواق التركية بحاجتها من الصابون، مقدراً الإنتاج الموسمي لمنشأته بنحو 360 "قازان"، زنة الواحد 3 أطنان.

المساهمون