قرر مجلس الوزراء المصري عودة الموظفين للعمل من داخل مقراتهم الحكومية، الأحد المقبل، ووقف تشغليهم من منازلهم، بعد شهر من تطبيق العمل عن بعد لترشيد استهلاك الكهرباء، بعد 4 أسابيع فقط من تطبيق التجربة، التي بدأت في 6 أغسطس/ آب الماضي.
أكد الخبراء أن فشل الحكومة في ترشيد الاستهلاك بالإدارات الحكومية، وعدم وجود وسائل تمكن الموظفين من العمل عن بعد والتواصل مع أجهزتهم الرسمية، التي تحظر ربط شبكات الكمبيوتر الخاصة بالدولة مع أجهزة الكمبيوتر الشخصية بالموظفين، وراء التعجيل بإنهاء العمل بالقرار الحكومي، في وقت أعلن فيه مجلس الوزراء امتداد أزمة انقطاع التيار الكهربائي حتى منتصف سبتمبر/ أيلول الجاري.
تبرر الحكومة استمرار حالة الطوارئ بقطاع الكهرباء، في بيان رسمي أعلنه الثلاثاء نادر سعد المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، بأن الانقطاعات مرهونة بمدى تراجع موجة الحر، التي تؤثر على أداء محطات التوليد وترفع معدلات استهلاك الوقود وتزيد الطلب على الطاقة بالمنازل والمصانع لتشغيل مكيفات الهواء.
ويشير البيان إلى أن الحرارة المرتفعة التي بلغت 40 درجة مئوية بأنحاء البلاد، وتجاوزت 45 درجة في بعض المحافظات، أدت إلى استهلاك قياسي للكهرباء، بلغ نحو 34 ألفا و650 ميغاوات خلال ساعات الذروة التي تبدأ عادة مع نهاية النهار وحتى منتصف الليل، وهو ما وضع ضغطا هائلا على شبكة الغاز الطبيعي التي تغذي محطات توليد الطاقة. وكشفت تقارير مرصد الكهرباء عن استمرار انقطاع التيار الكهربائي بجميع المحافظات.
ورصدت "العربي الجديد" ارتفاعا في عدد مرات وزمن انقطاع التيار في المناطق السكنية والتجارية، مع عدم التزام شركات التوزيع بأي ضوابط لقطع التيار، الذي يجري دون إخطار المشتركين، في مخالفة لتعليمات رئيس الوزراء الذي تعهد بجدولة عمليات الانقطاع، مطلع أغسطس/ آب الماضي.
وتدفع ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي المتكررة إلى خسائر فادحة بالقطاعات الصناعية والإنتاجية، التي لجأت إلى رفع أسعار السلع الغذائية خلال الشهر الماضي، لمواجهة خسائر التشغيل، مع انتشار موجات غضب على وسائل التواصل الاجتماعي من تسبب الانقطاعات والعودة المفاجئة للتيار في حدوث حرائق ناتجة عن احتراق الأجهزة الكهربائية بالمنازل.
يؤكد مصدر "العربي الجديد" أن السحب الكبير وغير المسبوق من الغاز المنتج محليا لمحطات التوليد، يعود إلى تراجع إنتاج آبار الغاز بنسبة 11 في المائة، في يوليو/ تموز وأغسطس الماضيين، عن المعدلات السائدة في الفترة نفسها من عام 2022.
ويشدد المصدر، الذي يشغل منصبا رفيعا في وزارة الكهرباء، على التزام وزارة البترول بحصص توريد الغاز الطبيعي الموجه لمصانع الأسمدة والبتروكيماويات، وشبكة الغاز المنزلي ومحطات الوقود، ما يحول دون زيادة الغاز لمحطات التوليد.
ويشير المصدر إلى أن اتفاق الحكومة على زيادة الغاز المستورد من الأراضي المحتلة، ما زال تدفقه رهينة في يد الطرف الإسرائيلي الذي أعاد التفكير في تصديره لمصر، بربطه مع شبكة تركيا أو إقامة محطة عائمة خاصة به لتسييل الغاز، بدلا من زيادة الحصص المقررة لشبكة الغاز المحلية.
ويؤكد المصدر تعليق وزارة البترول صادرات الغاز المنتج محليا منذ إبريل/ نيسان الماضي، لضمان إمداد الطاقة للسوق المحلي، والاعتماد على إنتاج الغاز المسال الموجه للأسواق الدولية على الغاز المستورد من الأراضي المحتلة، وفقا لاتفاقية طويلة الأمد تصل إلى 15 عاما.
وفي جولة لــ"العربي الجديد" في أروقة وزارات حكومية، شملت مؤسسات قضائية وشرطية، على مدار الأسبوع الماضي، رصدت عدم التزام تلك الجهات بإطفاء المكيفات داخل الأجهزة الحكومية، رغم تعرضها لفترة انقطاعات التيار أسوة بباقي المناطق المحيطة بها، التي تخضع قسريا لقطع التيار.
ويبرر الموظفون الأمر بحاجتهم إلى تبريد الهواء اللازم لتشغيل أجهزة الكمبيوتر، التي اعتمدت عليها المؤسسات العامة، مع تطبيقها التحول الرقمي بالأعمال الإدارية والتنفيذية بالدولة.
وسمحت الإدارات المحلية بالمحافظات بإنارة الإعلانات العامة على الطرق والجسور والميادين الكبرى التي تديرها مؤسسات إعلامية تابعة للجيش والقطاع الخاص بزعم ارتباطها بتعاقدات مالية مسبقة، ولجوء بعض الشركات إلى توفير الطاقة للوحات الإعلانية من مصادر توليد خاصة بها تعمل بمولدات الديزل أو الطاقة الشمسية.
يؤكد خبراء أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي لن يكون لها سقف، رغم الوفر الهائل في قدرات محطات التوليد التي تمثل ضعف معدلات الاستهلاك، وذلك لحين توفير الدولار اللازم لشراء الوقود اللازم للتشغيل بصورة منتظمة أو إصلاح آبار الغاز بحقل "ظهر" وإضافة قدرات توليد جديدة من محطات الرياح والشمس، وبدء توليد الطاقة من محطة الضبعة النووية التي ستضيف 4.8 آلاف جيغاوات بحلول عام 2028.