اقتصاديون: الصناديق والحسابات الخاصة في مصر "باب خلفي للفساد"

05 يوليو 2021
شكوك حول الغاية من إنشاء صناديق وحسابات خاصة جديدة (Getty)
+ الخط -

وافق مجلس الشيوخ المصري، اليوم الاثنين، على 50 مادة من مشروع قانون المالية الموحد، المقدم من الحكومة، تمهيداً لإقرار بقية مواد القانون البالغة 79، غداً الثلاثاء، وإحالته إلى مجلس النواب لأخذ الموافقة النهائية عليه، والهادف إلى دمج قانوني الموازنة العامة للدولة والمحاسبة الحكومية في تشريع موحد، في إطار استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030).

وادعت الحكومة المصرية في المذكرة الإيضاحية للقانون، أنه يستهدف ضبط النظام المالي، وحسن إدارته، من خلال دمج القانونين الحاكمين للأداء المالي في مصر، في ظل ما يعتري العالم من تغيرات التحول إلى الأنظمة الرقمية والمميكنة، إلى جانب المحافظة على المخصصات المالية بإعادة استخدامها في السنوات التالية، إذا حالت الظروف من دون صرفها خلال سنة الاعتماد، وفقاً لضوابط حاكمة.

وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس الشيوخ، هاني سري الدين، إن أهداف القانون تتمثل في إصلاح السياسة المالية والاقتصادية بشكل عام، عن طريق القضاء على التعددية التشريعية القائمة في شأن المحاسبات الحكومية، وإعداد وتنفيذ موازنة الخطة العامة للدولة، والتحول من موازنة البنود إلى موازنة البرامج، والربط بين خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وكل ما يتعلق ببنود الإنفاق.

وشدد على أهمية الأخذ بنظام المعايير المحاسبية الجديدة، واعتماد آليات الإدارة الحديثة، بغرض رفع كفاءة الأجهزة المعنية بإعداد وتنفيذ الموازنة، مستطرداً بأن القانون يهدف كذلك إلى خفض العجز في الموزانة العامة، والمساعدة في طرح خطط موازية لضمان التخطيط المالي الجيد، ووضع رؤية مستقبلية للأداء المالي في الجهات الإدارية، وضبط الأداء المالي من خلال استخدام الأساليب العلمية والتقنيات الفنية.

ووافق المجلس على مواد القانون الخاصة بإصدار الموازنة العامة للدولة بقانون، وجواز تضمن قانون ربط الموازنة تعديلاً في قانون قائم بالقدر اللازم لتحقيق التوزان بين إجمالي الموارد والاستخدامات، إضافة إلى إصدار موازنات الهيئات العامة الاقتصادية، والهيئة القومية للإنتاج الحربي بقانون خاص.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

كما وافق على إعداد وتنفيذ الموازنة العامة على أساس موازنة البرامج والأداء، في ضوء أهداف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتبويبها ارتباطاً بالتصنيف الاقتصادي والوظيفي والإداري، مع ترك تقسيمات كل تصنيف من هذه التصنيفات إلى اللائحة التنفيذية للقانون، والأخذ في الاعتبار المعايير الدولية المطبقة في هذا الشأن.

كما انتهى المجلس إلى جواز إنشاء صناديق وحسابات خاصة جديدة بناءً على قانون، وتخصيص موارد معينة لبرامج واستخدامات محددة لهذه الصناديق والحسابات، وإعدادها على مستوى الجهة التي تتضمنها الموازنة العامة للدولة، وحدة واحدة، والنقل بين اعتماداتها فيما بينها بموافقة السلطة المختصة.

ونص القانون على أن يعد للصندوق أو الحساب الخاص موازنة خاصة به، طبقاً للقواعد والأحكام المنصوص عليها في القانون، ويكون تمويل برامجه واستخداماته عن طريق موارده، بشرط مراعاة تضمن الحساب الختامي للجهة ما يتم صرفه وتحصيله من الصندوق خلال السنة المالية.

وتحوم الشكوك حول الغاية من الصناديق والحسابات الخاصة في مصر ومن أنها تشكل "باباً خلفياً للفساد"، بوصفها ستاراً لإهدار المال العام من جانب الوزراء، والمحافظين، ورؤساء الجهات الحكومية المختلفة، إذ إن موارد هذه الصناديق والحسابات تأتي عادة من الرسوم المفروضة على المواطنين، وتوزع في شكل مكافآت وحوافز على المسؤولين في الدولة، وحاشيتهم المقربة.

وتغيب الشروط المحاسبية لمراقبة الأموال في هذه الصناديق والحسابات الخاصة، لا سيما التابعة للجهات السيادية في وزارات مثل العدل والداخلية، في وقت قدر فيه تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات (حكومي)، وصول تكلفة الفساد داخل الجهاز الإداري للدولة في عام 2015 إلى 600 مليار جنيه. وهو التقرير الذي أطاح برئيس الجهاز السابق، المستشار هشام جنينة، من منصبه، واعتقاله لاحقاً، على خلفية مشاركته في حملة ترشح رئيس أركان الجيش السابق، الفريق سامي عنان، للانتخابات الرئاسية عام 2018.

وتعتمد الصناديق الخاصة في مواردها بشكل رئيسي على الرسوم المالية المحصلة من المواطنين، على غرار رسوم الطرق للمركبات، والنظافة، ودخول الأماكن السياحية، ومواقف السيارات، والطوابع والدمغات الحكومية، وغرامات التأخير، وتذاكر المستشفيات، بالإضافة إلى رسوم مثل استخراج رخصة القيادة وتجديدها من إدارات المرور، وحصيلة التصرف في الأراضي المعدة للبناء، وإيجارات وأقساط المساكن المملوكة للمحافظات.

ولا تخضع أموال الصناديق الخاصة لأي رقابة من السلطتين التنفيذية والتشريعية، فضلاً عن امتلاكها حسابات فرعية ببنوك تجارية بالعملات الأجنبية. وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن قيمتها تبلغ نحو 1.272 تريليون جنيه لإجمالي 7 آلاف صندوق، وهو ما تنفيه الحكومة في مصر، مدعية أن إيراداتها لم تتجاوز 63.4 مليار جنيه بنهاية عام 2019.

المساهمون