وافق مجلس الوزراء المصري، اليوم الأربعاء، على مشروع قانون يقضي بإلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، وذلك بهدف تحسين مناخ الاستثمار، ودعم مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وترسيخ التوجه الخاص بكفالة فرص عادلة للأنشطة الاستثمارية والاقتصادية في المعاملات المالية المنظمة لها.
غير أن مشروع القانون استثنى من جميع أحكامه الإعفاءات الضريبية المرتبطة بالاتفاقيات الدولية المعمول بها في مصر، وكذلك المقررة للأعمال والمهام المتعلقة بمقتضيات الدفاع عن الدولة وحماية الأمن القومي، والإعفاءات المقررة لأنشطة تقديم خدمات المرافق الأساسية.
بذلك تكون جميع الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية التي يتولى الجيش تنفيذها أو الإشراف عليها معفاة من أحكام القانون، في تكريس لهيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد
وبذلك تكون جميع الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية التي يتولى الجيش تنفيذها أو الإشراف عليها معفاة من أحكام القانون، في تكريس لهيمنة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد في البلاد.
وقال مجلس الوزراء، في بيان، إن الموافقة على مشروع القانون تستهدف دعم التنافس في إطار من الحيدة والشفافية واقتصاديات السوق الحر، لما في ذلك من أثر في خلق بيئة استثمارية وتنافسية صحية تشجع المستثمرين على ضخّ مزيد من الاستثمارات، ينهض بها الاقتصاد القومي، وتتحسن مؤشراته.
وكفلت مواد القانون المساواة بين القطاع الخاص وأجهزة الدولة ومؤسساتها وهيئاتها وكياناتها وشركاتها كافة، أو الشركات التي تساهم في ملكيتها عند ممارسة أنشطة استثمارية أو اقتصادية، من خلال سريان الأصل العام المنصوص عليه في تشريعات الضرائب والرسوم على كلتا الطائفتين من دون تمييز، وإلغاء جميع الإعفاءات الضريبية أو الرسوم التي كانت مقررة في أيٍّ من القوانين أو اللوائح المنظمة لها، سواء كان الإعفاء كلياً أو جزئياً.
ونص القانون على استمرار تمتع الأعمال والمهام المتعلقة بمقتضيات حماية الأمن القومي بجميع الإعفاءات المقررة لها، حتى تنفيذ هذه التعاقدات وفقاً للقوانين التي أبرمت في ظل سريانها.
في موازاة ذلك، وافق المجلس على تعديل بعض أحكام قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، تنفيذاً للقرارات والتوصيات الصادرة عن اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار الذي عُقد أخيراً، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدعوى تشجيع الاستثمار، والعمل على إتاحة بيئة استثمارية جاذبة.
وتضمنت التعديلات المقترحة على قانون الاستثمار مجموعة من الأحكام، شملت التشديد على تمتع جميع المشروعات الاستثمارية، سواء المقامة قبل العمل بأحكام القانون أو في تاريخ لاحق عليه، بالحوافز العامة الواردة في أحكامه، وزيادة بعض الحوافز الخاصة الممنوحة للمشروعات الاستثمارية، منها مد المدة التي يتعين أن تؤسس خلالها الشركة أو المنشأة الجديدة لإقامة المشروع الاستثماري حتى 9 سنوات، لكي يتمتع بالحوافز الخاصة في القانون.
وتضمنت أيضاً معالجة آلية وضع الخريطة الاستثمارية، وما تشمله من بيانات، بالإضافة إلى التوسع في نطاق الشركات الجائز منحها الموافقة الواحدة (الرخصة الذهبية)، المنصوص عليها في المادة الـ 20 من قانون الاستثمار، بحيث يشمل جواز منح هذه الموافقة للشركات القائمة قبل تاريخ العمل بأحكام القانون.
نص القانون على استمرار تمتع الأعمال والمهام المتعلقة بمقتضيات حماية الأمن القومي بجميع الإعفاءات المقررة لها، حتى تنفيذ هذه التعاقدات وفقاً للقوانين التي أبرمت في ظل سريانها
وشملت التعديلات أيضاً التوسع في نطاق المشروعات الجائز منحها هذه الموافقة، حتى تشمل المشروعات الاستثمارية الجديدة المزمع إقامتها لمزاولة أي من الأنشطة الاستثمارية الخاضعة لأحكام قانون الاستثمار في المجالات والقطاعات المبينة بتعريف "المشروع الاستثماري"، وأية قطاعات أخرى بما يتفق وخطة التنمية الاقتصادية للدولة.
وقضت التعديلات بالتوسع في نطاق المشروعات الجائز الترخيص بإقامتها بنظام المناطق الحرة، حتى تشمل المشروعات العاملة في مجالات تصنيع البترول، وصناعات الأسمدة، والحديد والصلب، وتصنيع الغاز الطبيعي وتسييله ونقله، والصناعات كثيفة استخدام الطاقة، إلى جانب وضع معالجة تشريعية لمسألة خروج المخلفات الخطرة من المناطق الحرة إلى داخل البلاد، بقصد التخلص منها أو إعادة تدويرها، وفق أحكام قانون تنظيم إدارة المخلفات.
ونصت كذلك على منح حافز استثماري إضافي بمحددات وضوابط خاصة تستهدف جذب صناعات بعينها، وتوجيهها إلى مناطق محددة داخل مصر.
وكان صندوق النقد الدولي قد طالب مصر بتجريد الشركات المملوكة للجيش من الإعفاءات الضريبية، وغيرها من الامتيازات، بما يسمح للشركات الخاصة بالمنافسة. وتعهدت الحكومة المصرية، في خطاب نيّات، للحصول على حزمة إنقاذ مالي من الصندوق بقيمة ثلاثة مليارات دولار، بإبطاء وتيرة الاستثمار في المشروعات العامة، بما في ذلك المشروعات القومية، للحد من الضغوط على سوق الصرف الأجنبي والتضخم.
وأنفقت مصر في عهد السيسي مليارات الدولارات على مشاريع عملاقة، مثل العاصمة الجديدة والطرق السريعة والجسور والقصور الرئاسية، معلنة أنها ضرورية للتنمية، وهي التي تُموَّل أساساً من الديون، إذ زادت من نفوذ الشركات المملوكة للجيش دون أن تنتج وظائف مجدية أو إسكاناً أو مكاسب أخرى.
وفي 13 إبريل/ نيسان الماضي، قالت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجييفا، إن برنامج التمويل الذي أقره الصندوق مع مصر يرتكز على 3 محددات رئيسية، هي تحرير سعر صرف العملة المحلية (الجنيه)، ومنح الفرصة للقطاع الخاص لقيادة الاقتصاد، ومراقبة الإنفاق على المشاريع الضخمة طويلة الأجل، التي قد تقوض استقرار الاقتصاد الكلي في الظروف المشددة الحالية، ولا سيما مع السرعة التي صممت بها في ظل ظروف مختلفة.
وما زالت مصر تنتظر صرف الشريحة الثانية من قرض الصندوق بقيمة 347 مليون دولار، بسبب إرجاء المراجعة الأولى لخبراء الصندوق بشأن برنامجها للإصلاح الاقتصادي، ضمن الاتفاق الذي يتيح تمويلاً تحفيزياً إضافياً بحوالى 14 مليار دولار من شركاء مصر الدوليين والإقليميين.