مصر تتوسع في منح الاستثمارات لشركات الجيش بدلاً من القطاع الخاص

05 يونيو 2023
الحكومة أعلنت مراراً التزامها بتقليص دور الجيش في الاقتصاد (وسائل التواصل)
+ الخط -

توسعت الحكومة المصرية، أخيراً، في منح الاستثمارات الجديدة لشركات مملوكة للجيش، بالشراكة مع صندوق مصر السيادي، بدلاً من القطاع الخاص، على الرغم من حديث الحكومة المتكرر عن أهمية هذا القطاع والتزامها بإفساح المجال لتعزيز دوره في النشاط الاقتصادي.

وقال مصدر بارز في لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب لـ"العربي الجديد"، إن "منح شركات الجيش بعض الاستثمارات يكون في قطاعات بعينها، وبنظام الإسناد بالأمر المباشر لأهميتها الاستراتيجية، وذلك استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي دعا القطاع الخاص أكثر من مرة للشراكة مع أجهزة الجيش في تنفيذ المشاريع التنموية الجديدة".

وأضاف أن الحكومة في بلاده "ملتزمة بتقليص دور الجيش في الاقتصاد بصورة تدريجية، في إطار بنود اتفاقها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرضه البالغ ثلاثة مليارات دولار، إلا أن هناك قطاعات استراتيجية لا يمكن إبعاد المؤسسة العسكرية عنها، ومنها المشاريع القومية الهادفة إلى زيادة فرص العمل وتحقيق التنمية"، على حد تعبير المصدر.

وأرجأ صندوق النقد صرف الشريحة الثانية من قرضه الموجه لمصر بقيمة 347 مليون دولار إثر تأجيل موعد المراجعة الدورية لخبراء الصندوق حول برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي قطعت الحكومة المصرية تعهدات فيه بـ"مرونة أكبر لسعر الصرف، والإسراع في برنامج بيع أصول الدولة، وتخفيف وجود الدولة، والأجهزة السيادية التابعة لها، في الأنشطة الاقتصادية".

ورغم ذلك، أصدر السيسي قراراً جمهورياً في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي بـ"تخصيص الأراضي الصحراوية الواقعة بعمق كيلومترين كاملين على جانبي 31 طريقاً رئيسياً لصالح الجيش"، وهو ما يحول الأخير فعلياً إلى أكبر مالك للأراضي القابلة للتنمية والترفيق والتطوير والاستثمار في البلاد، ويمنحه ميزة تنافسية على حساب الحكومة وهيئاتها المدنية والمستثمرين.

كما شهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ورئيسة مجلس إدارة الصندوق السيادي وزيرة التخطيط هالة السعيد، هذا الأسبوع، مراسم توقيع عقد إنشاء 6 مخازن استراتيجية لتخزين الأدوية والمستلزمات الطبية، بين هيئة التسليح للقوات المسلحة (الجيش) نيابة عن شركة المخازن الاستراتيجية، وتحالف "أوراسكوم وايتز" تحت إشراف مكتب الاستشارات الهندسية بالكلية الفنية العسكرية.

وشركة المخازن الاستراتيجية أنشئت بالشراكة بين هيئة الشراء الموحد والصندوق السيادي وجهاز مشروعات أراضي الجيش، استجابة لتوجيهات السيسي بشأن تنفيذ مخازن استراتيجية لتخزين الأدوية والمستلزمات الطبية، موزعة جغرافياً في 6 محافظات هي القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية والدقهلية والمنيا وقنا.

ويحظى صندوق مصر السيادي، الذي تأسس في عام 2018، بصلاحيات واسعة في ما يخص نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلة أو المستغلة المملوكة للدولة إليه، بالإضافة إلى إعفاء المعاملات البينية للصندوق، والكيانات المملوكة له، من جميع الضرائب والرسوم، على غرار شركات الجيش.

وصدق السيسي على قانون إنشاء هيئة الشراء الموحد في عام 2019، وسط اعتراضات واسعة من نقابة الصيادلة على مواد القانون، الذي نقل سلطات واختصاصات ومهام وزارة الصحة، المتعلقة بقطاع الدواء والإشراف الصيدلي، إلى الهيئة التي عين لواء في الجيش رئيساً لها.

ومنح القانون الهيئة -دون غيرها- الحق في تولي عمليات الشراء التي كانت تبرمها الدولة لشراء المستحضرات والمستلزمات والأجهزة الطبية، وتوفيرها لجميع الجهات والهيئات والشركات الحكومية، بما في ذلك وزارة الصحة وهيئاتها ومستشفياتها، والجامعات الحكومية ومستشفياتها، وأي مستشفيات تابعة للوزارات أو الجهات والمؤسسات التعليمية والمعاهد البحثية.

وقبل أيام قليلة، وقع رئيس الهيئة العربية للتصنيع اللواء أركان حرب مختار عبد اللطيف، ووزيرة التخطيط، عقداً تتولى بموجبه الهيئة تأثيث وفرش المقر الجديد لمجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية بـ"تعزيز التعاون البناء بين مؤسسات الدولة، باعتباره الطريق الأمثل لتحقيق التنمية الشاملة"، بحسب بيان رسمي صادر عن مجلس الوزراء.

وتتولى الهيئة أيضاً تأثيث وفرش الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية، وهي جهة رسمية ذات طابع خاص يتولى إدارتها عسكريون سابقون وحاليون، بما يتعارض مع بنود "وثيقة سياسة ملكية الدولة" التي تقضي بـ"توفير فرص متنوعة للقطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، بما يساعد في رفع نسبة مساهمته الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي".

وأظهر مسح، الإثنين، أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكمش للشهر الثلاثين على التوالي، في مايو/ أيار، متأثراً باستمرار ارتفاع التضخم، وضعف الطلب.

وتمر مصر بواحدة من أكبر أزمات العملة في تاريخها، ما دفعها إلى طرح أصول مهمة للدولة للبيع أمام مستثمري الخليج، على خلفية توسع النظام في الاقتراض من الخارج لإقامة مشاريع كبرى لا تعود بالنفع على الاقتصاد أو المواطن، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، وما صاحب ذلك من ضغط شديد على العملة الصعبة، أدى إلى فقد الجنيه نحو نصف قيمته مقابل الدولار، منذ مارس/ آذار من العام الماضي.

وتوقع بنك "كريدي سويس"، الأكبر في سويسرا، ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 45 جنيهاً مصرياً خلال مدة زمنية قصيرة هي ثلاثة أشهر، أي بتراجع حاد نسبته 30 في المائة عن السعر الحالي المتداول في السوق.

(الدولار = 30.95 جنيهاً)
 

المساهمون