مصرف تركيا المركزي يثبت سعر الفائدة بعد سلسلة تخفيضات مثيرة للجدل

20 يناير 2022
مساعٍ للسيطرة على التضخم وهبوط الليرة التركية (Getty)
+ الخط -

ثبّت مصرف تركيا المركزي، اليوم الخميس، سعر الفائدة عند 14% بعد اجتماع لجنة السياسات النقدية برئاسة المحافظ شهاب قاوجي أوغلو، مستجيباً للتحذيرات من آثار تخفيض سعر الفائدة على نسبة التضخم وهبوط سعر الليرة.

وارتفع التضخم من نحو 21% العام الماضي إلى 36.08% على أساس سنوي اليوم، فيما ارتفع سعر الليرة التركية بنحو 0.8% خلال افتتاح اليوم، لتسجل 13.4398 ليرة أمام الدولار، و15.2434 ليرة لليورو الواحد.

وتوقعت مصادر عدة إبقاء المصرف على سعر الفائدة التي خفضها بنحو 100 نقطة أساس في 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث بينت نتائج استطلاع أجرته وكالة "رويترز" أن تظل أسعار الفائدة ثابتة. كذلك، توقعت 19 مؤسسة مشاركة في استطلاع "بلومبيرغ" لأسعار الفائدة أن يبقي البنك المركزي التركي معدل الفائدة ثابتًا عند 14 في المائة في اجتماعه في يناير/ كانون الثاني الحالي.

في حين اعتقدت إحدى المؤسسات المشاركة في الاستطلاع أن البنك المركزي سيخفض سعر الفائدة إلى 13.50 في المائة مع خفض 50 نقطة أساس، ولم تتوقع أي مؤسسة زيادة أسعار الفائدة في يناير/ كانون الثاني.

وتتوقع المؤسسة التي شاركت في أدنى توقع لنهاية العام أن ينخفض معدل الفائدة إلى 9 في المائة بحلول نهاية عام 2022، بينما تتوقع المؤسسة التي تشارك أعلى توقع أن يصل معدل الفائدة إلى 22 في المائة.

وبدأ مصرف تركيا المركزي تحريك سعر الفائدة كأداة نقدية لضبط المعروض النقدي بالسوق منذ عام 2020، إذ خفض السعر في شهر مايو/ أيار من عام 2020 من 11.25% وصولا إلى 8.25%، ليبقى على هذا السعر حتى شهر سبتمبر/ أيلول، ليرتفع من جديد إلى نسبة 10.25%، ويستمر محافظ المركزي السابق، ناجي أقبال، برفع سعر الفائدة حتى 17% في الأشهر الأخيرة من 2020، ومن ثم إلى 19% في مارس/ آذار، ما دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لعزله وتعيين شهاب قافجي أوغلو، الذي قاد مشوار تخفيض الفائدة.

وتم تخفيض سعر الفائدة 100 نقطة في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، لتتابع لجنة السياسات المالية بالمصرف المركزي خفض النسبة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بواقع 200 نقطة إلى 16%، تلاه في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني خفض بنحو 100 نقطة أساس ليصبح سعر الفائدة 15%، وأتى آخر تخفيض في 16 سبتمبر/ أيلول الماضي بمائة نقطة أساس إلى 14%.

لم تسفر تدخلات مصرف تركيا المركزي عن أي آثار تذكر، رغم بيع الدولار بالسوق في خمس جلسات خلال شهري نوفمبر وديسمبر من عام 2021 بكتلة دولارية قدرها خبراء بنحو 18 مليار دولار

كما لجأ مصرف تركيا المركزي إلى التدخل المباشر بالسوق، بعدما خسرت الليرة أكثر من نصف قيمتها العام الماضي، والذي دخلته بنحو 7.4 ليرات مقابل الدولار، وأقفلته على أكثر من 14 ليرة.
وبحسب مراقبين، لم تسفر تدخلات مصرف تركيا المركزي عن أي آثار تذكر، رغم بيع الدولار بالسوق في خمس جلسات خلال شهري نوفمبر وديسمبر من عام 2021 بكتلة دولارية قدرها خبراء بنحو 18 مليار دولار، ما أثر على الاحتياطي الأجنبي بالمصرف التركي المركزي، وتراجعه بحسب آخر تصريح لوزير المالية، نور الدين النبطي، من 128 إلى 110 مليارات دولار.

وبدأت الليرة التركية بالتحسن، بعدما هوت في 19 الشهر الماضي إلى 18 ليرة مقابل الدولار، حين أعلن الرئيس التركي أردوغان، في 20 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن حزمة إجراءات نقدية ومالية، منها حماية الإيداعات بالليرة التركية وتعويض أي خسائر تلحق المودعين، الأمر الذي ساهم، بحسب مراقبين، بسحب جزء كبير من فائض السيولة التركية من السوق.

وبلغ حجم الإيداعات المحمية 163 مليار ليرة تركية، بحسب تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد ترؤسه اجتماعا للحكومة في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.

ويرى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير، فراس شعبو، أن تثبيت سعر الفائدة "فيه حكمة"، لأن الأسواق بدأت بالاستقرار بعدما استعادت الليرة الكثير من الثقة، و"وضع الأسواق ونسب التضخم وغلاء الأسعار لا تحتمل تخفيض سعر الفائدة هذه الفترة، لأن التقلبات ستعود للأسعار وتعود الليرة إلى دوامة التراجع والتذبذب، بعدما تحسنت مستفيدة من القرارات وحماية الوديعة بالعملة التركية".

ويضيف شعبو، لـ"العربي الجديد"، أن "الأفق القريب يدلل على انتعاش الاقتصاد التركي، بعد زيادة الصادرات إلى أعلى قيمة في تاريخ تركيا، وبدء تحسن العلاقات التركية مع دول المنطقة"، متوقعاً تحسن سعر الصرف خلال الفترة المقبلة والزيارة المتوقعة للرئيس أردوغان للمملكة السعودية الشهر المقبل، فضلاً عن تدفق الاستثمارات من منطقة الخليج إلى تركيا.

وفي حين لا يرى شعبو أثراً كبيراً لاتفاقية مبادلة "سواب"، التي وقعها محافظا المصرفين المركزيين التركي والإماراتي أول من أمس، بحجم قيمة اسمية للاتفاقية يبلغ 64 مليار ليرة تركية و18 مليار درهم إماراتي، "إلا أنها تزيد الثقة بالعملة التركية والتوقعات بتدفقات استثمارية، وبالتالي تغيّر الواقع الاقتصادي التركي، الذي عانى من ضغوط واستهداف خلال الفترة السابقة"، بحسب تعبير شعبو.

المساهمون