مصارف لبنان تمدد تعليق إضرابها... والهيئات الاقتصادية في مواجهة الدولار الجمركي الجديد

03 مارس 2023
سيمتد تعليق إضراب المصارف حتى تاريخ 10 مارس/ آذار الجاري (فرانس برس)
+ الخط -

قرّرت جمعية المصارف في لبنان تمديد تعليق إضرابها حتى تاريخ 10 مارس/ آذار الجاري، بعدما تلقفت بإيجابية حذرة، وفق تعبيرها، القرارين الصادرين عن النيابة العامة التمييزية في 28 فبراير/ شباط الماضي، آملة استكمالهما بالتدابير العملية لمعالجة الخلل في عمل المرفق العام القضائي بصورة نهائية.

وأعادت الجمعية، في بيان لها، مساء اليوم الجمعة، التذكير بمطالب المصارف السابقة، وكانت:

  • أولاً: توحيد المعايير واعتماد المساواة في تطبيق القانون على الجميع، خاصة عبر اعتماد قاعدة واحدة لدفع المصارف وديعة المودعين من جهة، وإيفاء المدينين ديونهم تجاه المصارف من جهة ثانية، حفاظاً على حقوق المودعين.
  • ثانياً: تصحيح القرارات غير القانونية وغير المبررة المتخذة بحق بعض المصارف ورؤساء وأعضاء مجالس إدارتها، كالحجز على الأملاك الخاصة ومنع السفر لمدة غير محددة خلافاً للصلاحية المكانية والنوعية للقضاة.

  • ثالثاً: التحقق من صفة المودع المدعي على المصرف.

  • رابعاً: الالتزام بسرية التحقيق المفروضة بالقانون.

وطالبت الجمعية، كذلك، الدولة بتنفيذ القانون الذي تعاملت المصارف على أساسه مع مصرف لبنان، ولا سيما المادة 113 من قانون النقد والتسليف ووضع خطة عملية لتنفيذ التزاماتها القانونية لتغطية الخسائر المسجلة في ميزانية مصرف لبنان، والتي يمكن استخلاصها للمرة الأولى بوضوح من ميزانية مصرف لبنان الموقوفة بتاريخ 28/2/2023.

وأكدت ضرورة إقرار الدولة بالديون المترتبة بذمتها لصالح مصرف لبنان، وتضمين الخطة المشار إليها أعلاه التدابير العملية للمباشرة بمعالجتها، إلى جانب مطالبة الدولة بتصويب خطة التعافي وما نتج عنها من مشروعي إعادة التوازن للقطاع المالي، وإعادة هيكلة المصارف، بهدف تمكين مصرف لبنان، من وضع خطة وجدول زمني لإعادة أموال المصارف المودعة لديه، والتي تؤكد عليها ميزانيته المنشورة مؤخراً، مما يشكل حجر الزاوية لمعالجة ودائع الزبائن في المصارف.

وقالت جمعية المصارف في بيانها إنها بانتظار ما تقدّم، تكرر مطالبتها الدولة اللبنانية بإقرار قانون معجل مكرر يلغي بشكل كامل، وبمفعول رجعي صريح، السرية المصرفية عن جميع الحسابات المصرفية، فتضع بذلك حدّاً للاتهامات المختلقة بحقها.

وكررت المصارف أنها تحت القانون والمساءلة وفقاً لأحكام القانون اللبناني بكافة نصوصه، كما كررت في بيانها احترامها للقضاء المحايد والعادل.

وتبعاً لما ذكرت، قررت الجمعية تعليق إضرابها حتى 10 مارس مساءً لتسهيل عمل المؤسسات والأفراد، وإعادة تقييم ما قد يستجدّ من تطورات بشأن تنفيذ مطالبها، على أن يُفوض مجلس الإدارة بتمديد فترة التعليق في ضوئها.

وفي 28 فبراير/ شباط الماضي وجّه النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات كتاباً إلى النيابة العام الاستئنافية في جبل لبنان، طلب فيه وقف الإجراءات التحقيقية والاستقصائية موقتاً إلى حين البت في القضايا المثارة في حق النيابة العامة الاستئنافية.

كذلك أصدر القاضي عويدات تعميماً إلى جميع النيابات العامة في كل المحافظات اللبنانية، بما فيها النيابة العامة المالية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، طلب بموجبه الامتناع عن طلب أي معلومة مصرفية لا تتعلق بالدعاوى العائدة لجرائم الفساد ومكافحة تبييض الأموال.

ودعا النيابات العامة إلى الامتناع عن طلب معلومات من المصارف لها صفة العمومية وغير متعلقة بوقائع مادية محددة، مشدداً على عدم طلب أي معلومات تعرّض أي شخص على نحو تعسّفي أو غير قانوني للتدخّل بخصوصياته أو يكون من شأنها المس بشرفه وسمعته، مع التشديد على أهمية المحافظة على سرية الطلبات والمعلومات التي تمّ التحصل عليها من المصرف المعنيّ، والمحافظة على البيانات الشخصية، بالإضافة إلى تحديد هوية الأشخاص المعنيين بالطلب، بشكل لا يثير أي التباس حول تشابه أسماء لدى المصرف المعني.

واستأنفت المصارف، الإثنين الماضي، نشاطها بعد إقفال جزئي تخطى الأسبوعين، وذلك إثر الكتابين الصادرين عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي، ربطاً بما اعتبر كف يد النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون عن ملف المصارف، والتي كانت ادعت على عددٍ من المصارف ورؤساء مجالس إدارتها بجرم تبييض الأموال، مع الإشارة إلى أنها سبق أن ادعت على ميقاتي عام 2019 ونجله ماهر وشقيقه طه، وبنك عودة، بجرم الإثراء غير المشروع، عبر الحصول على قروض سكنية مدعومة من مصرف لبنان، كما في جعبتها القضائية ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وشقيقه رجا، ومستشارة الأول، وصديقته الأوكرانية، بجرائم مالية، منها الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال.

على صعيد متصل بالأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية في لبنان، فلا يزال سعر الصرف في السوق السوداء مستقرّاً في نطاق 79 ألفاً - 82 ألف ليرة، بفعل تعميم حاكم مصرف لبنان الأخير، ورفعه سعر منصته "صيرفة" إلى 70 ألف ليرة. وكان الدولار قبلها قد تجاوز عتبة 92 ألفا، بيد أنّ التدخل، الذي انعكس بتراجع أسعار المحروقات والمواد الغذائية والسلع المدولرة، أدى في المقابل إلى رفع كبير لأسعار خدمات أساسية للمواطنين، تتقدّمها الاتصالات والكهرباء.

الهيئات الاقتصادية تطالب بتعليق العمل بقرار رفع الدولار الجمركي إلى 45 ألف ليرة

وعلى صعيد متصل بالقرارات التي توصَف بـ"الترقيعية" المتخذة لمواجهة الأزمة، دعت الهيئات الاقتصادية، اليوم الجمعة، بعد اجتماع طارئ لها، السلطات المعنية في لبنان، إلى تعليق العمل بقرار رفع الدولار الجمركي من 15 ألفاً إلى 45 ألف ليرة، معتبرة أنه بمثابة "إطلاق رصاصة الرحمة" على القطاع الاقتصادي الشرعي الذي ينازع من أجل البقاء، وإطلاق العنان للاقتصاد الأسود وللتهريب والتزوير.

وطلبت الهيئات الاقتصادية، في بيان لها، تعليق العمل بالقرار وإعطاء فرصة لدراسته من جديد بشكل معمّق وعلمي، كي لا تأتي مفاعيله مدمرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، خصوصاً أنه لم يجف حبر القرار الأول برفع الدولار الجمركي من 1500 ليرة إلى 15 ألف ليرة.

وحذرت الهيئات من أنّ زيادة إيرادات الدولة بشكل اعتباطي لزيادة مداخيل العاملين في القطاع العام، عبر زيادة الرسوم الجمركية، لن تؤدي إلى النتائج المرجوة منها، وإنما ستزيد من حدة الأزمة الاقتصادية، وارتفاع معدلات التضخم، الذي سينتج عن طبع مزيدٍ من الليرات، وكذلك غلاء الأسعار الذي يصيب بشظاياه أصحاب الدخل المحدود والعاطلين عن العمل وكل اللبنانيين.

ويوم الثلاثاء الماضي، وافق ميقاتي على كتاب وزارة المالية برفع سعر صرف الدولار الجمركي من 15 ألف ليرة إلى 45 ألفاً، بخطوة من "ذرائعها" تأمين التمويل اللازم للعطاءات والزيادات التي أقرت وستقر لاحقاً، وتأمين واردات إضافية بما يساهم في إعادة احياء العمل في القطاع العام على كافة الأصعدة.

المساهمون