قالت وكالة التصنيف الدولية "ستاندرد آند بوورز"، إن المصارف الخليجية تواجه خلال الـ 18 شهراً المقبلة أزمات تراجع الربحية، وتدهور نوعية الأصول، وربما ضغوطاً متزايدة لخفض كلف التشغيل عبر تنفيذ صفقات اندماج. وتضم منطقة الخليج نحو 160 مصرفاً تقدم خدماتها لنحو 58 مليون نسمة.
وبنت وكالة التصنيف الأميركية توقعاتها الصادرة يوم الأربعاء، لأداء البنوك الخليجية على أساس أن العالم سيتمكن من إيجاد لقاح ناجع وفعال للسيطرة على جائحة كورونا بمنتصف العام المقبل، واستقرار أسعار النفط حول 50 دولاراً للبرميل خلال العام 2021.
كما توقعت "ستاندرد آند بورز" أن تنمو الاقتصادات الخليجية بنسبة 2.4% خلال العام المقبل مقارنة بما تعانيه من انكماش في العام الجاري والذي قدرت له أن يبلغ 5.6% بنهاية العام الجاري.
لكن الوكالة الأميركية أشارت إلى أنه في حال عدم وجود لقاح ناجع، فإن وضع المصارف الخليجية سيزداد سوءاً. وركزت وكالة التصنيف في توقعاتها على المصارف المصنفة بدول الخليج مع التركيز على مصارف السعودية والبحرين والإمارات.
وتوقعت وكالة موديز الأميركية للتصنيف الائتماني خسائر المصارف الخليجية إلى 13 مليار دولار خلال العام الجاري.
كما توقعت "ستاندرد آند بوورز" أن تتواصل كلف مخاطر الأصول الرديئة في الارتفاع بسبب هشاشة أداء العديد من قطاعات الاقتصاد وغياب الدعم الحكومي. كما قالت إن سعر الفائدة الأميركية المنخفضة والتي تعتمدها المصارف المركزية الخليجية تساهم في تراجع ربحية المصارف بسبب ضعف هوامش ربحية القروض. وترتبط العملات الخليجية بسعر ثابت مقابل الدولار.
وبناء على هذه المعطيات توقعت الوكالة أن تواصل ربحية المصارف الخليجية التراجع خلال العام الجاري والعام المقبل. كما أشارت إلى أن المصارف والاقتصاد الخليجي عموماً تعاني من المخاطر الجيوسياسية. وتقع منطقة الخليج وسط محيط مضطرب تشتعل فيه النزاعات في العديد من الدول المحيطة به، كما أن هنالك مخاطر من تزايد التوتر الإيراني الأميركي.
وقالت إن النشاط الإقراضي لدى بنوك الخليج تراجع بنسبة 6.6% في النصف الأول من العام الجاري، مشيرة إلى أن البنوك عملت على تفادي تقديم قروض جديدة خوفاً من مخاطر عدم السداد من قبل الشركات التي تعاني ظروفاً مالية ضاغطة.
وقالت إن القروض التي قدمت خلال النصف الأول من العام الحالي اقتصرت على أموال التحفيز التي ضختها البنوك المركزية وتلبية التعهدات الخاصة بخطوط الائتمان القائمة مع بعض الشركات.
وفي أكبر دليل على تقلص نشاط القروض في القطاع المصرفي بالإمارات، سحب مصرف الإمارات المركزي، سيولة فائضة من السوق المحلي بلغت 10.9 مليارات درهم خلال شهر أغسطس/آب الماضي، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية يوم الأربعاء.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن المركزي الإماراتي "يعكس الحجم الكبير للسيولة التي جرى سحبها من السوق خلال شهر أغسطس/آب الماضي مدى الفائض النقدي لدى الجهاز المصرفي بالإمارات.
لكن حسب تحليل مصرفيين، فإن توفر هذا الحجم من السيولة لدى المصارف التجارية يعكس تراجع النشاط التمويلي للقطاع المصرفي بدولة الإمارات، إذ لم تعد المصارف الإماراتية تمنح قروضا تمويلية جديدة لشراء العقارات أو الشركات المتوسطة والصغيرة، كما شددت المصارف كذلك من شروطها الخاصة بالسحب على المكشوف في بطاقات الائتمان وحسابات العملاء.
ووفق وكالة التصنيف الأميركية، فإن تدهور نوعية الأصول المصرفية يعود إلى سندات وديون قطاعات الإنشاءات والفنادق والعقارات التي ضربتها الجائحة بقوة خلال الشهور الماضية. ولا ترى الوكالة أن الحكومات الخليجية ستقدم تحفيزات جديدة للمصارف أو الشركات سواء عبر ضخ أموال مباشرة في رأسمالها أو شراء السندات الخطرة مثلما يفعل مصرف الاحتياط الفدرالي الأميركي.
وبحسب "ستاندرد آند بوورز" فإن البنوك الإسلامية ستكون أكثر عرضة للخسائر خلال العام الجاري مقارنة مع البنوك التقليدية. وذلك بسبب نوعية نشاطها الذي يتركز في قطاع العقارات وعمليات المرابحة. وقالت إن البنوك المصنفة في الخليج استخدمت نحو 16.7% أو نحو 6 مليارات دولار من إجمالي أموالها المرصودة لتغطية القروض الخطرة والديون المشكوك في تحصيلها والتي قدرتها بنحو 36 مليار دولار.