مشروع الكويت "مركزاً مالياً إسلامياً": ميزات تنافسية وتحديات

08 اغسطس 2023
القطاع المصرفي الكويتي يتمتع بسمعة جيدة (Getty)
+ الخط -

تناقش اللجنة المالية في مجلس الأمة الكويتي إمكانية تحويل البلاد إلى "مركز مالي إسلامي"، في إطار البحث عن صيغة تمثل ميزة تنافسية لاقتصاد البلاد، خاصة أن قطاع المصارف الكويتي مشهور بالتخصص في الصيرفة الإسلامية واستقطاب خبراء النجاح في أعمالها.

وتتمحور توصية اللجنة حول تطوير نموذج يقدم خدمات ومنتجات مالية واقتصادية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتستجيب لاحتياجات وتطلعات العملاء، وتسهم في تنمية وتطوير الاقتصاد الإسلامي على كل من المستويات: المحلي والإقليمي والدولي، حسبما أوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وهذا المفهوم ليس جديدًا على الكويت، التي تعد من الدول الرائدة في مجال الخدمات المالية الإسلامية، حيث تضم عدة بنوك وشركات وصناديق وهيئات تعمل في هذا المجال، وتحظى بثقة واحترام العملاء والشركاء من داخل وخارج البلاد.
وأمام البلد الخليجي إمكانات وفرص كبيرة لأخذ زمام السبق في هذا المجال، نظرًا لتاريخه وخبرته في مجال الخدمات المالية الإسلامية، حيث كانت الكويت من أولى الدول التي شهدت نشأة وانطلاقة هذه الصناعة في سبعينيات القرن الماضي، وأسست أول بنك إسلامي في العالم (بنك الكويت للتمويل) عام 1977.

وأصدر مجلس الأمة القانون المؤسس لهذا المجال، قانون رقم 30 لسنة 2003، بشأن تنظيم نشاط المؤسسات المالية التابعة لأحكام الشريعة الإسلامية، والذي أنشأ مجلسا أعلى لشؤون المؤسسات المالية الإسلامية، وقانون رقم 7 لسنة 2010، الذي نظم إصدار الحكومة لسندات إسلامية (صكوك).

منافسة دبي
وفي هذا الإطار، يؤكد الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن نموذج المركز المالي الإسلامي سيواجه منافسة من واقع قائم بالفعل في إمارة دبي، ما يطرح تساؤلا حول "الإضافة" التي يمكن أن يقدمها النموذج الكويتي.

ويوضح رمضان أن العوامل التي منعت الكويت من التصدر كمركز مالي عالمي وأعطت السبق لإمارة دبي هي ذاتها العوامل التي تعوق تصدرها في مجال الصيرفة الإسلامية، ومنها البيروقراطية والهواجس الأمنية التي تؤثر على الانفتاح الاقتصادي، ومنع تبني القوانين والأنظمة التي تفسح المجال أمام التحرير والانفتاح الاقتصاديين، وهو ما ينبغي على مجلس الأمة معالجته.

ويؤكد رمضان أن استمرار الوضع الحالي للكويت يمنع تحقيق التميز في أي مستوى من القطاعات المالية، ولذا فهو يرى أن فكرة المركز المالي الإسلامي تعبر عن تصريحات وأمنيات أكثر منها معطيات واقعية، إلا في حال تطوير منظومة القطاع المالي برمتها.

ميزة إقليمية
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى وجود "شق اجتماعي" وراء المشروع المقترح في مجلس الأمة الكويتي، موضحا أن البعد المالي مهم في التنمية البشرية والاقتصادية، ولذا فإن نجاح الكويت في ضمان استدامة نظام مالي إسلامي يعني أنها ستكون سباقة بهذا الشق، ما يعطيها ميزة تنافسية إقليمية.

ويوضح عجاقة بأن جوهر "الميزة التنافسية" هو قدرة الدولة على تخلي قطاعاتها الاقتصادية عن المساعدات الحكومية وقدرتها على الاستدامة الذاتية، وهو ما يمكن أن يحقق نموا اقتصاديا إضافيا للكويت حال تحققه.

ومن شأن ذلك، أن يصب في صالح تطوير التنمية البشرية بالكويت، وزيادة التنافسية والجاذبية والثقة في قطاع الخدمات المالية الإسلامية، وتحسين جودة وتنوع وابتكار منتجاته وخدماته، وزيادة حصته في السوق المحلية والإقليمية والدولية، حسبما يرى عجاقة.
وينوه الخبير الاقتصادي إلى أن مشروع مجلس الأمة من شأنه زيادة التعاون والشراكة مع الدول والمؤسسات والشركات التي تعمل في مجال الخدمات المالية الإسلامية، وتبادل الخبرات والمعارف والأفكار والأفضليات في هذا المجال.
كما أن المشروع ينطوي على زيادة بالتنوع في مصادر الدخل للاقتصاد الكويتي، وزيادة مساهمة قطاع الخدمات المالية في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة قدرة الاقتصاد على مواجهة التحديات والأزمات، حسب عجاقة، مشيرا إلى أن تحقيق كل ذلك يتوقف على مدى قدرة الحكومة على تحقيق الاستدامة بقطاع المالية الإسلامية.

يُشار إلى أن بيت التمويل الكويتي "بيتك"، الذي تأُسس عام 1973، حصد، في يونيو/حزيران الماضي، جائزتي "أفضل بنك إسلامي في الكويت" و"أفضل بنك إسلامي في معايير الاستدامة في العالم" لعام 2023 من مجلة يورموني العالمية الرائدة في عالم المال والأعمال، ضمن الجوائز التي تمنحها للتفوق سنوياً.

ومن البنوك الإسلامية البارزة في الكويت أيضا: "البنك الكويتي الدولي الإسلامي" الذي تأُسس عام 1973، و"البنك الأهلي المتحد"، الذي تأُسس عام 1971، و"بنك وربة"، الذي أُسس عام 2009.

المساهمون