مسؤول إيراني يكشف لـ"العربي الجديد" تفاصيل الإفراج عن أرصدة مجمدة في العراق

13 يونيو 2023
الأرصدة الإيرانية المجمدة في العراق تراوح بين 10 و11 مليار دولار (فرانس برس)
+ الخط -

كشف أمين عام غرفة التجارة المشتركة الإيرانية العراقية، حميد حسيني، اليوم الثلاثاء، لـ"العربي الجديد" عن تفاصيل الإفراج عن أموال إيرانية مجمدة في العراق أخيرا وشروطه، فضلا عن مفاوضات جارية للإفراج عن أموال أخرى وحجم التبادل التجاري الإيراني العراقي.

قال حسيني إن علاقات اقتصادية وتجارية وطيدة تربط إيران بالعراق، مشيرا إلى أن إيران تصدر سنويا بشكل رسمي سلعا إلى العراق بقيمة 10 مليارات دولار، مع القول إن قيمة السلع المهربة أيضا تبلغ نحو ملياري دولار.

وأضاف أن الكثير من العراقيين يقصدون إيران سنويا للسياحة الدينية والعلاجية، لافتا إلى أن قيمة الصادرات الإيرانية من الغاز إلى العراق سنويا تبلغ نحو 4 مليارات دولار وقيمة صادرات الكهرباء تبلغ بين 500 و700 مليون دولار.

وتابع حسيني أن إيران تواجه مشاكل في الحصول على عوائد صادرات الغاز والكهرباء لكونها تجري وفق صفقات رسمية بين الحكومتين، وذلك بسبب العقوبات الأميركية على التحويلات المالية والنقدية إلى إيران، لافتا إلى أن القطاع الخاص الإيراني يحصل على مستحقات صادراته بطرق مختلفة وصفقاته مع العراقيين "ليست حكومية"، ولذلك لا يواجه المشكلة نفسها التي تواجهها الحكومة الإيرانية.

حجم الأرصدة الإيرانية المجمدة في العراق

وعن حجم الأرصدة الإيرانية المجمدة في العراق، قال الأمين العام لغرفة التجارة المشتركة لـ"العربي الجديد" إن الرقم يتغير بشكل مستمر لاستمرار يومي للصادرات الإيرانية إلى العراق.

وأشار حسيني إلى وجود أرقام متضاربة بشأن الأرصدة الإيرانية المجمدة في العراق، التي تودع في حساب لدى مصرف "تي بي أي" العراقي، قائلا إن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين تحدث خلال مارس/آذار الماضي في لقاء في الولايات المتحدة عن أن الرقم هو 18 مليار دولار.

وفي السياق، أضاف أن البعض قال إن الوزير العراقي ذكر رقما أكبر مما هو الواقع، بغية المساومة لأجل أخذ موافقة واشنطن للإفراج عن أكبر قدر ممكن من الأموال المجمدة.

ونجح وزير خارجية العراق، خلال الزيارة في مارس للولايات المتحدة في تحصيل موافقتها للإفراج عن 500 مليون دولار لإيران، حسب أمين عام غرفة التجارة المشتركة الإيرانية العراقية، الذي قال إن محافظ البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين أيضا قد ذكر لاحقا بعد تصريحات حسين أن المبلغ المجمد يقدر نحو 10 مليارات دولار، ثم تحدث السفير الإيراني في العراق، محمد صادق آل كاظم عن 11 مليار دولار.

وحسب تقديرات حسيني في حديثه لـ"العربي الجديد"، فإن الرقم حاليا بين 14 و15 مليار دولار بالنظر إلى التغير المستمر للرقم بسبب استمرار الصادرات، كاشفا عن أن "جزءا كبيرا من الرقم قد تم تحويله إلى الدينار العراقي".

ووفق حسيني، فإن الإفراج عن جزء من الأموال الإيرانية أخيرا جاء في وقت تحسن الدينار العراقي، لكن لو حصل ذلك قبل فترة في ظل تراجع الدينار لعاد بالضرر على إيران.

هكذا أفرج العراق عن 3 مليارات دولار لإيران

كشف الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية، في حديثه مع "العربي الجديد" أنه بعد زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق إلى إيران أواخر الشهر الماضي، راج حديث عن الإفراج القريب خلال أيام بعد الزيارة عن أرصدة إيرانية مجمدة في الخارج، وهو ما حصل بالفعل، حيث أفرج العراق قبل نحو أسبوعين عن مليارين و700 مليون دولار من أموال إيران، لكن الخبر انتشر قبل ثلاثة أيام.

وأضاف أن الإفراج عن هذه الأموال جاء كجزء من اتفاق لإطلاق سراح سجناء أوروبيين في طهران، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على تحرير جزء من الأرصدة الإيرانية في الخارج، وفي الخطوة الأولى شمل ذلك الإفراج عن 2.7 مليار دولار في العراق.

يشار إلى أنه بعد أيام قليلة من زيارة سلطان عمان إلى طهران، أفرجت الأخيرة عن مواطن دنماركي وإيرانيين نمساويين كانوا سجناء في إيران، في الثاني من الشهر الجاري.

وكذلك، قبل أيام معدودة من وصول السلطان العماني إلى طهران، أجرت بلجيكا عملية تبادل سجناء مع إيران بوساطة عمانية، في 26 مايو/ أيار الماضي، حيث أطلقت بموجبها سراح الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، الذي كان يمضي عقوبة بالسجن منذ 2021، وأفرجت إيران بالمقابل عن عامل الإغاثة البلجيكي، أوليفييه فانديكاستيل، الذي كانت تحتجزه منذ فبراير/ شباط 2022.

شروط الإفراج عن الأرصدة الإيرانية في العراق

أكد الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية، في حديثه مع "العربي الجديد" أن الولايات المتحدة لا تسمح بالإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة نقدا لتصل إلى الداخل الإيراني كنقود، لكنها تسمح فقط بأن يتم من خلاله شراء سلع غير محظورة في عملية معقدة.

وأضاف أنه حسب الاتفاق الأخير تم تحويل جزء من الأرصدة المفرج عنها إلى السعودية كتكاليف للحجاج الإيرانيين، ثم تم تسديد 1.6 مليار دولار مستحقات تركمانستان لدى إيران لصادرات الغاز إلى الأخيرة. وقال إن الديون التركمانستانية تعود إلى ما قبل 4 أو 5 سنوات، وكانت تركمانستان تطالب بها من دون أن تتمكن إيران من تسديدها.

وبقي من المبلغ المفرج عنه في العراق أخيرا، نحو 200 مليون دولار، حسب حسيني الذي قال إنه سمح لإيران بأن تشتري من خلاله السلع غير المحظورة التي ليست مندرجة ضمن قائمة العقوبات الأميركية.

لكن حسيني في الوقت ذاته أكد أن بلاده تواجه صعوبات كبيرة ومعقدة لشراء سلع غير محظورة أيضا من خلال تلك الأموال على رغم الاتفاقيات التي قد تحصل، مشيرا إلى أن مصرف جي بي مورغان الأميركي يمتلك جزءا من أسهم البنك العراقي "تي بي أي" الذي تودع فيه الأرصدة الإيرانية، وأحيانا تتعرض الشركات التي نتعاقد معها لشراء سلع غير محظورة لتهديدات ومضايقات بأنها قد تتعرض لعقوبات أميركية إذا باعت تلك السلع لإيران وعليه ترفض تلك الشركات التعاون مع البنك العراقي.

الضغط على العراق للإفراج عن أرصدة إيرانية

أوضح أمين عام غرفة التجارة الإيرانية العراقية أنه "نضطر أحيانا إلى الضغط على الجانب العراقي من خلال قطع الكهرباء أو الغاز أو خفض تصديرهما، ثم يضغط العراقيون بدورهم على الأميركيين وهم يضطرون في نهاية المطاف للإفراج عن جزء من أرصدتنا وتسهيل العملية".

وشرح أنه "عندما لا يحرك الجانب العراقي ساكنا لدفع المستحقات نقوم أحيانا بقطع الكهرباء 24 ساعة أو 48 ساعة، أو نخفض تصدير الغاز"، مشيرا إلى أن معدل الصادرات الإيرانية من الغاز في العام الماضي بلغ 25 مليون متر مكعب من الغاز، مع القول إن هذه الصادرات في الشتاء أحيانا تتراجع إلى 5 ملايين متر مكعب، لكن في الصيف ترتفع إلى 40 مليون متر مكعب يوميا.

وأضاف أنه عندما لا يتحرك العراق لتسديد المستحقات تقوم إيران بخفض تصدير الغاز إلى 7 أو 8 أو 10 ملايين متر مكعب يوميا، مؤكدا أن ذلك "يمنح العراقيين ورقة ضغط ومساومة" في المباحثات مع الأميركيين للحصول على إذن لتسديد المستحقات الإيرانية. وفي السياق، كشف عن أنه أحيانا ربما يتم فقط الإعلان عن خفض تصدير الغاز أن الكهرباء من دون أن يحدث ذلك عمليا وذلك بغية منح العراقيين تلك الورقة الضاغطة.

وتابع أن سياسة الإدارة الأميركية لا ترغب بدخول الحكومة العراقية في أزمة ولذلك هي تضطر إلى التجاوب مع ضغوط العراق لتسديد المستحقات الإيرانية.

إفراجات مرتقبة عن مزيد من الأرصدة الإيرانية

أمل أمين عام غرفة التجارة الإيرانية العراقية، حميد حسيني في مقابلته مع "العربي الجديد" أن يفرج عن المزيد من الأرصدة الإيرانية المجمدة في الخارج خلال المفاوضات التي تجريها إيران راهنا مع الولايات المتحدة الأميركية.

ولفت إلى وجود مفاوضات في نيويورك وأخرى في عمان بشأن الملف النووي وعملية تبادل السجناء، معربا عن أمله في أن تؤدي تلك المفاوضات إلى الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة في الخارج.

وأعرب حسيني عن قناعته بأنه على ما يبدو يقترب الطرفان الإيراني والأميركي من اتفاق خطوة بخطوة، مضيفا أنه "على الرغم من نفيهما بحث اتفاق مؤقت، فالاحتمال الأكثر ترجيحا هو التوصل إلى اتفاق مؤقت يعتمد خفض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20% مقابل رفع الحظر عن بيع إيران مليون برميل من النفط يوميا والإفراج عن أرصدة مجمدة في الخارج".

وتجري إيران حاليا مفاوضات مع الولايات المتحدة عبر سلطنة عمان ودولة قطر للإفراج عن سبعة مليارات دولار، أرصدة إيرانية مجمدة في كوريا الجنوبية في إطار صفقة تبادل السجناء التي تؤكد السلطات الإيرانية أنها باتت جاهزة قبل أكثر من عام، وتوصل الطرفان إلى اتفاق بشأنها، متهمة الجانب الأميركي بأنه تنصل من هذا الاتفاق. لكن ثمة توقعات أخيرا باقتراب انفراجة في إبرام هذه الصفقة.

وفي السياق، قال وزير الاقتصاد الإيراني إحسان خاندوزي الذي يشغل أيضا صفة المتحدث الاقتصادي باسم الحكومة الإيرانية، اليوم الثلاثاء، إن الخارجية والبنك المركزي الإيرانيين يعملان حاليا على الإفراج عن الأرصدة المجمدة في كوريا الجنوبية، مضيفا أن المباحثات "تشهد تقدما جيدا ونأمل أن نرى نتائجها العملية في الاقتصاد خلال الأسابيع المقبلة".

المساهمون