احتدمت حرب التصريحات بين الحكومة الجزائرية ومربي الماشية، عقب تلويح وزارتي الفلاحة والتجارة باستيراد الماشية من دول الجوار وأوروبا، تحسباً لضبط الأسواق خلال شهر رمضان الذي يحل مطلع إبريل/ نيسان المقبل.
فقد أثار التوجه الحكومي حفيظة مربي الماشية، الذين هددوا بحجب الإمدادات عن السوق ما يؤدي إلى رفع الأسعار، معتبرين أنّ الاستيراد من موريتانيا والنيجر وفرنسا وإسبانيا، يضر بالمربين الجزائريين، فيما دخلت المنظمة الجزائرية لحماية المستھلك على خط الأزمة بالدفاع عن التوجه الحكومي، مؤكدة أنه يخدم مصلحة المستهلك بالدرجة الأولى.
وتأتي المشاحنات الحالية، في وقت لا تزال أزمة الأعلاف مشتعلة بين مربي الماشية ودواوين الأعلاف والحبوب (حكومية) بسبب الكميات المدعمة التي يرى مربو الماشية أنها ضئيلة وأن أسعارها مرتفعة.
يقول رئيس الفدرالية الجزائرية لمربي الماشية، جيلالي عزاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ المواشي التي يضخها المربون في السوق كافية، مشيراً إلى عدم حاجة الجزائر لاستيراد الماشية.
لا تزال أزمة الأعلاف مشتعلة بين مربي الماشية ودواوين الأعلاف والحبوب بسبب الكميات المدعمة التي يرى مربو الماشية أنها ضئيلة وأسعارها مرتفعة
ويضيف عزاوي: "ما تملكه الجزائر من ثروة حيوانية، يسد احتياجات المواطنين من اللحوم الحمراء اليومية وفي المناسبات، وكلّ ما تحتاجه هذه الشعبة هو تنظيم الأسواق، بدل اللجوء إلى الاستيراد من دول جارة قد تهدد 28 مليون رأس من الماشية المحلية بالأمراض".
ويتابع أنّ "الجزائر تملك أحسن سلالات الماشية عبر العالم، ويرفض المواطن أن يستهلك لحماً مستورداً من دول أفريقية أو حتى أوروبية، وبالتالي قد نضيع أموالاً بالعملة الصعبة لجلب لحوم ينفر منها المستهلك، وهو نفس ما كنا نعيشه عند استيراد اللحوم المجمدة التي لا تلقى إقبالاً في السوق".
ويقول عزاوي "الموالون (مربو الماشية) لن يكتفوا بالكلام والتفرج فقط، بل سيتخذون خطوات من شأنها أن تهز الأسواق للأسف، إن لم تتراجع الحكومة عن قرارها، كنا ننتظر أن تجد الحكومة حلاً لمشكلة الأعلاف التي قفز سعرها بنسبة 20% بسبب المضاربين، نراها تزيد من معاناة مربي الماشية بقرارات غير مبررة". وبلغ الإنتاج الجزائري من اللحوم الحمراء خلال عام 2020 نحو 3.1 ملايين طن، وفق البيانات الرسمية.
ودفعت تهديدات مربي الماشية، الحكومة الجزائرية، إلى اقتراح ورقة طريق جديدة، حسب مصادر تحدثت مع "العربي الجديد" إذ يتعهد بموجبها مربو الماشية برفد الأسواق بكميات محددة من اللحوم طيلة أيام شهر رمضان، على أن يحدد سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الخراف مسبقاً مع مراعاة مصلحة كلّ الأطراف، مع منح بعض الامتيازات الضريبية، ودعم أكثر للأعلاف تحسباً لعيد الأضحى.
دفعت التهديدات الحكومة الجزائرية، إلى اقتراح ورقة طريق جديدة، يتعهد بموجبها مربو الماشية برفد الأسواق بكميات محددة من اللحوم طيلة رمضان
وحسب عمار سعداوي، عضو المجلس الوطني للاتحاد العام للمزارعين، فإنّ "حالة الفوضى التي تعيشها أسواق اللحوم في الجزائر، لا تحتاج لاستيراد الماشية ولا للحوم المجمدة، كما لا تحتاج لوضع سعر محدد للحوم، قد يقضي على الإنتاج، بل الحلّ هو في وضع سياسة وطنية شاملة تُسيّر شعبة الماشية".
وفي الجانب الآخر من الصراع بين الحكومة ومربي الماشية، دافع رئیس المنظمة الجزائرية لحماية المستھلك، مصطفى زبدي، عن توجه الحكومة نحو الاستیراد.
وأوضح زبدي في حديث مع "العربي الجديد" أنّ هذا التوجه "يخدم مصلحة المواطن بالدرجة الأولى، مشيراً إلى أنّ رفض بعض الأطراف الاستيراد يأتي "بغرض مواصلة ھیمنة بارونات اللحوم على السوق الوطنیة وتحكمهم بالأسعار".