مخاوف من تآكل أموال المودعين في السودان

06 أكتوبر 2021
البنك المركزي يدرس بيع حصصه في نحو 11 بنكاً (أشرف شاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -

جدل كبير يدور في السودان حول طريقة تعامل الحكومة مع الحسابات المصرفية، بعد أن حاصرت لجنة إزالة التمكين عشرات الحسابات التي يتم فيها تداول مبالغ مالية ضخمة تصل إلى مليارات الجنيهات، حسب مسؤولي اللجنة. (الدولار = 550 جنيها سودانيا في السوق السوداء)
وفي الوقت الذي يبرر فيه البعض عمل اللجنة بأنه يأتي وفقاً للقانون بغرض محاربة الفساد وكشف المتلاعبين بقوت الشعب، أكد آخرون أن ذلك يمثل ضربة للنظام البنكي بتجميد أموال المشتبهين بشكل عشوائي، ما قد يهدّد هروب الأموال من البنوك لتتخذ من الدولارات والذهب ملاذاً آمناً.

وبررت لجنة إزالة التمكين خطوتها بأنها "ضبطت 90 حساباً مصرفياً صدئاً، وأن إجمالي الإيداعات في هذه الحسابات بلغ 64 ملياراً و305 ملايين جنيه خلال فترة وجيزة".
وقالت إن هذه الحسابات تعود لأشخاص وربات منازل ورجال أعمال، منها 66 حساباً فُتحت في الفترة مُنذ نهاية 2018 حتى 2020. وقال عضو لجنة إزالة التمكين وجدي صالح إن هذه الحسابات تعمل في تجارة العملة، حيث جرى القبض على بعضهم، فيما اتخذت إجراءات للقبض على آخرين خارج البلاد.
ودافع عضو لجنة إزالة التمكين عن كشف الحسابات في البنوك، مؤكداً أن اللجنة لا تتابع إلا الحسابات المشبوهة.

المدير الأسبق لبنك النيلين عثمان التوم يرى في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الأموال المودعة لدى البنوك لا تتأثر بهذه الاجراءات بل هي مضمونة بواسطة صندوق ضمان الودائع المصرفية وهو جهاز متكامل له قانونه ولوائحه ومهمته: "ضمان أموال المودعين في حالة تعرضها لأي مخاطر".
الاقتصادي السوداني الفاتح عثمان يقول لـ"العربي الجديد" إن أموال المودعين محمية بنسبة 100% من قبل البنك المركزي الذي يلزم البنوك بإيداع نسبة محددة من مجموع إيداعاتها بطرف البنك المركزي.
ويتابع: لكن حماية أموال المودعين يقصد بها الحماية من الضياع في حالة إفلاس البنك ولا يقصد بها الحماية من تقصي السلطات الأمنية عن حالات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. ويؤكد أنه لا توجد مخاوف حقيقية من هروب الأموال السودانية بسبب مراقبة لجنة التفكيك للحسابات، ولكن الأموال تهرب فعلاً بسبب جمود الاقتصاد وارتفاع تكلفة المعيشة مقارنة بمصر، ولذلك تهرب أموال الأثرياء والمودعين إلى القاهرة خوفاً من إهدارها بسبب التضخم الكبير في ظل أزمات اقتصادية خانقة.
رجل الأعمال قاسم الصديق، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن البنوك السودانية تواجه إشكال انخفاض قيمة العملة المحلية، مما يؤدي إلى تآكل رؤوس الأموال. ويتابع أن من مهددات أموال المودعين عدم توفر ضمانات أو رهونات تكفي قيمة القروض التي تحصل عليها البنوك التجارية.
وأوضح أن نسبة الفائدة التي يتقاضاها أصحاب الودائع بين 10 و12% سنويا لا تكفي عادة للحفاظ على قيمة الودائع المهددة بالتضخم المتعاظم.

وتوجهت بنوك السودان لإعادة تنظيم كبير في 2021 لمعالجة الأضرار الناجمة عن عقود من العزلة الدولية وتدخل الدولة في عملها، وهو ما يقول مصرفيون إنه يستلزم ضخ رؤوس أموال وعمليات اندماج، بل وإغلاقات في بعض الحالات.
ويعمل في السودان 37 بنكاً، العديد منها لا يملك ما يكفي من رأس المال، أو لا يعتمد المعايير المحاسبية الملائمة، ويعاني من تداعيات سنين ظلت العملة المحلية فيها مقدرة تقديراً غير واقعي لقيمتها الحقيقية. وقد أمهل البنك المركزي البنوك التجارية حتى نهاية العام لزيادة رؤوس الأموال عن طريق طلب التمويل من المساهمين أو الاندماج مع بنوك أقوى.
وقال البنك المركزي في وقت سابق إنه سيبيع حصصه في نحو 11 بنكاً ويسمح لها بالأنشطة المصرفية غير الإسلامية للمرة الأولى خلال أكثر من 30 عاماً.
وظل القطاع المصرفي السوداني يعاني من عمليات فساد خلال الفترة السابقة تمت فيها محاكمات عدة مع إيقاف بعض مديري البنوك. ويعزو الخبير المصرفي حسن عبد اللطيف اتساع رقعة الفساد في القطاع خلال السنوات الماضية إلى سياسة التمكين التي أفرغت القطاع من محتواه وأزيح بموجبها العديد من المديرين والموظفين الأكفاء.

المساهمون