حتى الآن لم يتمكن الكونغرس الأميركي من تمرير تشريع جديد للإنفاق الحكومي، وهو ما يعني إغلاق الحكومة في حال فشل الحزبان، الجمهوري والديمقراطي، في التوصل إلى اتفاق قبل الأول من أكتوبر/ تشرين الأول.
وتثار مخاوف من تداعيات الإغلاق الحكومي على مسار سعر الفائدة الأميركية، حيث يحجب الإغلاق المعلومات الضرورية التي يعتمد عليها مجلس الاحتياط الفيدرالي في رفع الفائدة على الدولار، أو الإبقاء على مستوياتها الحالية.
ويستخدم البنك المركزي الأميركي، مؤشرات التضخم والتوظيف لتحديد مسار النمو الاقتصادي.
وحسب تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن الإغلاق قد يؤدي إذا استمر لأكثر من أسبوعين إلى حرمان المسؤولين من المعلومات التي سيستخدمونها لتحديد ما إذا كانوا سيرفعون أسعار الفائدة في اجتماعهم التالي، في الفترة من 31 أكتوبر/ تشرين الأول إلى نوفمبر/ تشرين الثاني، أم لا.
ويشكل الإنفاق الحكومي حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وبالتالي فإن توقف هذا الإنفاق يمكن أن يكون له عواقب اقتصادية ملموسة، خاصة إذا استمر لأسابيع عدة.
وإذا لم يوافق الكونغرس على إجراء التمويل المؤقت قبل يوم الأحد، فإن إغلاق بعض الوكالات قد يؤدي إلى تأخير الإصدار الروتيني للبيانات الاقتصادية الجديدة حول الأجور والتوظيف والتضخم والإنتاج.
وقال رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي: "سيتعين علينا فقط التعامل مع ذلك، ومن الصعب بالنسبة لي أن أقول مقدماً كيف سيؤثر ذلك في الاجتماع".
كما سيكون الإغلاق أحد التطورات العديدة التي يمكن أن تشوش التوقعات الاقتصادية في الأشهر الأخيرة من العام الجاري، وربما تدفع المسؤولين إلى تأجيل أي قرار بشأن رفع أسعار الفائدة حتى ديسمبر/ كانون الأول.
ويتوقع محللون في بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري، أن يؤدي الإغلاق إلى خسارة نحو 0.2 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في كل أسبوع للإغلاق.
وبعد الإغلاق الجزئي الذي استمر لمدة خمسة أسابيع في عام 2019، قدر مكتب الميزانية التابع للكونغرس خسارة الاقتصاد الأميركي نحو 11 مليار دولار من النشاط الاقتصادي، قائلاً إن 3 مليارات دولار منها لن يجري استردادها.
وفي ذلك العام، حصلت بعض الوكالات بالفعل على التمويل، ولم تضطر إلى التوقف مؤقتاً. ولكن محللين آخرين قالوا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، قد يتسبب الإغلاق هذا العام في خسارة أعمق من خسارة عام 2019، لأنه سينطبق على مزيد من الوكالات الفيدرالية.
ويأتي في وقت يواجه الاقتصاد بحالة من عدم اليقين مع ارتفاع أسعار الفائدة، وإضراب عمال صناعة السيارات، واستئناف مدفوعات القروض الطلابية الفيدرالية.
لماذا قد تغلق الحكومة؟
حسب القانون الأميركي، يتعين على الكونغرس تمرير تشريع جديد لتمويل الحكومة كل سنة مالية، ولكن حتى الآن ليس لدى الديمقراطيين والجمهوريين اتفاق بشأن حزمة إنفاق للعام بأكمله.
لذلك اقترح رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي (جمهوري من كاليفورنيا)، تمديداً قصير المدى حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، لإتاحة مزيد من الوقت للمفاوضات، لكن مجموعة صغيرة من الجمهوريين في مجلس النواب منعت ذلك.
وحسب تقرير "وول ستريت جورنال"، فقد عارضت المجموعة مشروع القانون المؤقت، لأنها تطالب إدارة الرئيس جو بايدن بتخفيضات كبيرة في الإنفاق، وفرض قيود على المساعدات لأوكرانيا.
وبدون اتفاق على التمويل من الكونغرس، سيضطر رئيس مكتب الإدارة والميزانية بالبيت الأبيض أن يرسل توجيهاً عبر الحكومة الفيدرالية لتفعيل الإغلاق.
في الصدد، قال البيت الأبيض، إن أفراد الجيش ومسؤولي إنفاذ القانون الذين يرتدون الزي الرسمي سيبقون في وظائفهم في بعض الوكالات، مثل وزارة الأمن الداخلي، في حين سيُطلب من معظم العاملين في وزارة التجارة، على سبيل المثال، العودة إلى منازلهم، وفقاً لخطط الإغلاق التي نشرتها الوكالات في الولايات المتحدة.
ويمكن أن تتغير هذه الخطط، ويتمتع البيت الأبيض بسلطة تقديرية واسعة لدعوة الأشخاص إلى العمل أو إعادتهم إلى منازلهم.
وخلال فترة الإغلاق لن يحصل أي من الأشخاص الموظفين لدى الحكومة الأميركية البالغ عددهم 4.5 ملايين شخص المسجلين في كشوف المرتبات الفيدرالية على رواتبهم.
وبموجب قانون صدر في عام 2019، سيحصلون على رواتب متأخرة عن أي شيكات رواتب لم تصرف بمجرد افتتاح الحكومة مرة أخرى.
ماذا يعني إغلاق الحكومة بعض الخدمات؟
في البداية، قد لا يلاحظ العديد من الأميركيين، أن الحكومة مغلقة، لأنه ببساطة ستستمر العديد من الخدمات الحكومية الأساسية أثناء فترات الإغلاق، كما سيتم سداد مدفوعات ديون الخزينة، وتسليم شيكات الضمان الاجتماعي، وكذلك البريد.
لكن قد تتوقف العمليات الحكومية الروتينية الأخرى مؤقتاً، مثل فحص بعض المواد الغذائية، أو الموافقة على القروض للشركات الصغيرة.
وأثناء الإغلاق الحكومي في عام 2019، توقف العديد من الموظفين في إدارة أمن النقل عن الحضور للعمل، بعد أن توقف صرف رواتبهم، وأدى ذلك إلى فترات انتظار أطول في المطارات في جميع أنحاء البلاد.
في هذا الصدد، حذر رئيس اتحاد المراقبين الجويين، ريتش سانتا، من أنه حتى الإغلاق القصير يمكن أن يعوق بشكل كبير الجهود المبذولة لتدريب المراقبين الجدد، وزيادة مستويات التوظيف.
لكن من المتوقع أن يظل معظم الموظفين في هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية، التي تسمح للأشخاص بدخول الولايات المتحدة، في العمل، وفقاً لخطة الإغلاق التي أصدرتها الوكالة في عام 2022.
قروض الطلاب
يمكن أن تتزامن بداية الإغلاق الحكومي مع إعادة تسديد مدفوعات قروض الطلاب الفيدرالية في الولايات المتحدة التي تبدأ في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول. ولكن سيظل على المقترضين سداد المدفوعات لمقدمي خدمات القروض الخاصة بهم.