قال مدير اتحاد المزارعين في الأردن، محمود العوران، في مقابلة مع "العربي الجديد" إن القطاع الزراعي يواجه تحديات أدت إلى هجرة كثير من المزارعين أراضيهم. وأضاف أننا نواصل مساعينا لإيقاف عمليات تصدير الخضار والفواكه إلى الاحتلال.
وفيما يلي نص الحوار:
• لنبدأ من تصاعد الاحتجاجات في الأردن على تصدير السلع الزراعية لإسرائيل، ما موقفكم كاتحاد؟
اتحاد المزارعين والهيئات التمثيلية للقطاع الزراعي سبق وأن أعلنت موقفها من هذا الأمر المرفوض على الإطلاق، لكن هنالك عمليات تصدير تتم من خلال وسطاء من الأراضي الفلسطينية، وللأسف اتضح أن تلك السلع تذهب للاحتلال الإسرائيلي. لا يوجد تطبيع بين المزارع الأردني والصهيوني، وهذا قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فما بالك بعد المجازر التي نراها في الضفة وقطاع غزة.
وفي الوقت نفسه نقول إن هناك بعض الوسطاء الأردنيين وبالتعاون مع بعض وسطاء من فلسطين يقومون بالتصدير إلى الكيان. وندعو المتعاملين مع الاحتلال إلى التوقف عن هذه الممارسات من باب نصرة الأشقاء الفلسطينيين.
• كيف تقيّم واقع القطاع الزراعي الأردني حالياً؟
يعيش القطاع الزراعي الأردني أزمة حقيقية منذ أكثر من عقد من الزمن نتيجة للأحداث الجيوسياسية، ومنها الأحداث المؤسفة بدول الجوار، وما ينتج عنها من إغلاقات وإشكالات في المنافذ الحدودية، ما أدى إلى اختناقات تسويقية مع غزارة في الإنتاج. وتوج ذلك بالأزمة الروسية الأوكرانية، وما شهده القطاع الزراعي بشقيه الإنتاج النباتي والحيواني من ارتفاع بتكاليف مستلزمات الإنتاج.
ولم تكن الأزمات السياسية في العالم هي الشيء الوحيد الذي أثر على القطاع الزراعي، فكانت ولا تزال التغيرات المناخية ترسم ظلالها على القطاع؛ من تذبذب الهطولات المطرية ومرور الأردن بمرحلة أقرب إلى الجفاف خلال العقد الماضي، ثم الهطولات المطرية التي تكون أعلى من المعدلات أحيانا، ولكن يصاحب هذا الهطول قصر عمر فترة الربيع أو فيضانات أو رياح شديدة وارتفاع في درجات الحرارة وتكون أعلى من المعدل بحوالي من 10 إلى 15 درجة مئوية ولفترة زمنية طويلة كما حدث بصيف العام الماضي.
كما يعاني القطاع الزراعي من نقص التمويل وضعف التسويق وتدني الأسعار في بعض أشهر السنة إلى ما دون الكلف بكثير، ما يعرض المزارعين باستمرار للخسائر ومنهم من يترك الزراعة لعدم قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية.
• وماذا عن قطاع الثروة الحيوانية؟
الثروة الحيوانية من القطاعات التي تأثرت بالتغيرات المناخية نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف وعدم وجود المراعي وبعض العراقيل في عملية التصدير ووجود اللحوم المستوردة بكافة أنواعها سواء الطازجة أو المجمدة أو المبردة ناهيك بالمشاكل الصحية التي تتعرض لها المواشي نتيجة غياب الأعشاب والشجيرات الرعوية.
أما قطاع الدواجن فأصبح فيه صغار المزارعين مهددين بالحبس ومطلوبين للتنفيذ القضائي ومن تبقوا هجروا القطاع، ما سيؤدي مستقبلا إلى احتكار القطاع لفئة قليلة تتحكم بقوت المواطن.
• هل تراجعت المساحات المزروعة في الأردن خلال السنوات الأخيرة؟
نعم، وذلك بسبب الصعوبات التي تواجه القطاع الزراعي في الأردن وتفاقم المشكلات، حيث انعكس ذلك على مجمل النشاط الإنتاجي نظرا لتراجع المساحات المزروعة بالمحاصيل الحقلية (القمح والشعير والحمص وغيرها) بشكل مستمر، ناهيك بتراجع المساحات المزروعة بالمحاصيل الحقلية الخضرية وتحديدا في منطقة وادي الأردن.
وفي ما يخص تربية المواشي نجد أن هناك تراجعا واضحا إضافة إلى قيام الوافدين بالتغول على هذا القطاع سواء تربية مواشٍ أو لغايات التسمين.
• وما مدى انعكاس ذلك على مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي؟
بالنسبة لمساهمة الزراعة في الناتج الإجمالي يجب أن ننظر للقطاع كمولد ومترابط مع الكثير من القطاعات الأخرى بخاصة الصناعة والتجارة والخدمات والنقل وغيرها. كما يساهم بدرجة كبيرة في توفير فرص العمل وتلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات الزراعية المختلفة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من عدة منتجات إضافة إلى زيادة الصادرات الوطنية.
وبالتالي، فإن أهمية القطاع الزراعي في الاقتصاد الأردني لا تتوقف عند نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي والتي تقدر بحوالي 5.5% بل تشمل الدور الذي يلعبه في تعزيز الأمن الغذائي وانتظام سلاسل توريد الخضار والفواكه واللحوم وبيض المائدة والمنتجات الأخرى للسوق المحلي، ما يخفض كلف الاستيراد ويضمن توفر السلع محليا. ويضمن ذلك أيضا القدرة على التعامل مع الظروف المحيطة والمستجدات على الساحة العالمية، كما حدث إبان جائحة كورونا وتداعياتها والظروف الجيوسياسية العالمية. وأخيرا عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
وهنا تبرز الحاجة إلى زيادة الدعم الحكومي المقدم للقطاع الزراعي لتمكينه من مواجهة التحديات وتحفيز المزارعين على مواصلة العمل فيه ومن ذلك توفير التمويل بكلف فائدة منخفضة وتأمين مستلزمات الإنتاج والمساعدة بعمليات التسويق وفتح أسواق تصديرية جديدة والإعفاء من الفوائد المترتبة على القروض السابقة وما إلى ذلك.
والحاصلات البستانية الأردنية تجوب أسواق أوروبا ودول الجوار ودول الخليج، وعلى الرغم من ذلك نجد صعوبة في التسويق.
• يشكو المزارعون من بيروقراطية بعض الجهات الحكومية والعراقيل التي تضعها أمام الزراعة... فما رأيكم؟
بالفعل هنالك إجراءات بيروقراطية لا تزال تمارس من قبل العديد من الجهات الحكومية وعدم تعاطيها كما يجب مع متطلبات المرحلة والضرورة التي تفرضها ومن ذلك العمل تعزيز الأمن الغذائي وانتظام سلاسل التوريد ومعالجة الاختلالات التي قد تواجهها في أي وقت.
وهنا نتحدث مثلا عن بعض العراقيل من قبل أمانة عمّان الكبرى ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة العمل ووزارة المياه وتحولها لأدوات جباية على الأغلب دون النظر إلى أهمية القطاع الزراعي وأهمية العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من مختلف السلع وبنسبة مستهدفة بحوالي 80% خلال الفترة المقبلة، وهذا الهدف ليس ببعيد المنال إذا كانت هناك إرادة حقيقية وتعاون لتحفيز الزراعة.