يبدأ وزراء مالية دول "مجموعة العشرين" اليوم الجمعة، في مدينة البندقية، اجتماعات يتصدر إصلاح النظام الضريبي للشركات متعددة الجنسيات جدول أعمالها بهدف وضع حد للملاذات والإغراق الضريبيين عبر فرض رسوم لا تقل عن 15% على الأرباح.
وبرئاسة إيطاليا، يلتقي وزراء المال في أغنى 19 دولة في العالم والاتحاد الأوروبي حضوريا للمرة الأولى منذ اجتماع فبراير/شباط 2020 في الرياض في بدايات جائحة كوفيد-19.
واختارت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، ورئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، ووزير المالية الروسي، أنتون سيلوانوف، الحضور شخصيا، بينما قررت الصين والهند المشاركة عن بعد في الاجتماعات.
وقد فرضت إجراءات أمنية مشددة في الحي الذي سيعقد فيه الاجتماع، وأقيمت حواجز للتدقيق بالهويات، فيما تقوم مروحيات بطلعات منتظمة فوق البندقية.
وأيدت كل دول مجموعة العشرين الإطار العام لهذا الإصلاح الضريبي الذي بحث في الأول من يوليو/تموز برعاية "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، لكن ينبغي التوصل إلى "توافق سياسي" من أجل اعتماده.
وجاء في مسودة بيان تناقش في البندقية، واطلعت عليها وكالة "فرانس برس"، أن وزراء المالية في مجموعة العشرين "سيقرون" هذا الاتفاق "التاريخي على هندسة ضريبية دولية أكثر استقرار وعدلا".
ويناقش هذا الإصلاح منذ سنوات ويقوم على أساسين: يقضي الأول بفرض نسبة ضريبية عالمية دنيا، والثاني باعتماد نظام يهدف إلى توزيع الضريبة بشكل أكثر عدالة على الشركات متعددة الجنسيات استنادا إلى أرباحها المسجلة في كل بلد بغض النظر عن مكان إقامتها الضريبي.
ويشمل الجانب الثاني خصوصا شركات الإنترنت العملاقة المعروفة بـ"غافا" (غوغل وأمازون وفيسبوك وآبل) التي تميل إلى اعتماد سياسة التجنب الضريبي، مقيمة مقارها في أماكن تعتمد أدنى مستوى من الضرائب.
دول مترددة
ويُتوقع أن يوجه وزراء المال نداء إلى الدول المترددة والمتحفظة على الانضمام إلى الاتفاق، إذ إن 131 من أصل 139 دولة عضوا في المجموعة المعروفة باسم "الإطار الشامل" في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي التي تضم الدول المتقدمة والناشئة، وقعت حتى الآن على الإعلان.
وأحجمت حتى الآن إيرلندا والمجر وإستونيا ونيجيريا وكينيا وسريلانكا وباربادوس وكذلك سانت فينسينت وغرينادين، وكلها دول تفرض نسب ضرائب متدنية بغية اجتذاب الشركات الكبيرة.
وتؤيد دول عدة، من بينها الولايات المتحدة وألمانيا، فرض نسبة ضريبة تزيد على 15%، لكن لا أوهام لديها. وقال مسؤول حكومي ألماني: "يجب أن نكون واقعيين. فبعض الدول الأخرى لديها مشكلة مع النسبة الحالية" التي ستبقى مبدئيا على حالها".
لكن هل يعني ذلك انتهاء الملاذات الضريبية؟ يُشكك بعض الخبراء في ذلك مثل، جوليان ونوتشي، أستاذ الإستراتيجيا في معهد بوليتكنيكو في ميلانو. فقد أوضح لوكالة "فرانس برس" أن "النسب المحددة من قبل الدول المختلفة قد تتفاوت قليلا، وسيبقى التجنب الضريبي في صلب إستراتيجيات عمالقة التكنولوجيا والشركات متعددة الجنسيات الأخرى".
دعم بـ100 مليار دولار
ويُتوقع أن تدعم مجموعة العشرين مبادرة صندوق النقد الدولي لزيادة المساعدات إلى أضعف دول العالم على شكل حقوق سحب خاصة تبلغ قيمتها 650 مليار دولار.
وكان قادة مجموع السبع أعلنوا خلال قمتهم في يونيو/حزيران أنهم يريدون حشد 100 مليار دولار لمساعدة الدول المعوزة، ولا سيما في أفريقيا على تحقيق الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة.
وأعطى مجلس إدارة "صندوق النقد الدولي" IMF الخميس، موافقته على زيادة الاحتياطات وقدرات الإقراض في المؤسسة بمبلغ 650 مليار دولار، على ما أعلنت الجمعة مديرته العامة كريستالينا غورفييفا.
وقالت إن حقوق السحب الخاصة هذه "هي الأكبر في تاريخ" الصندوق، موضحة أن في حال أقر مجلس حكام الصندوق الاقتراح سيبدأ التنفيذ "بحلول نهاية أغسطس/آب".
وجاء في مسودة الإعلان الختامي أن مجموعة العشرين تدعو إلى "مساهمات من كل الدول القادرة على ذلك لتحقيق هدف طموح خدمة للدول الضعيفة" من دون أن تحدد مبلغا معينا.
وقررت مجموعة العشرين في أبريل/نيسان 2020 تعليق تسديد الفائدة على ديون أفقر دول العالم، ومددته خلال اجتماعها الأخير في أبريل/نيسان 2021 إلى نهاية السنة الراهنة.
لكن تأثير هذه المبادرة كان محدودا نسبيا لأن الدائنين الخاصين لم يشاركوا فيها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020 اعتمدت مجموعة العشرين "إطارا مشتركا"، لتخفيف عبء الدين طلبت إثره كل من تشاد وإثيوبيا وزامبيا إعادة هيكلة دينها.
(فرانس برس)