ما ينتظر اقتصاد إسرائيل من أزمات عقب خفض التصنيف

14 اغسطس 2024
نتنياهو ووزير ماليته خلال اجتماع لحكومة الاحتلال، 7 يناير 2024
+ الخط -

أخيراً، بعد شهور طويلة من التردد والتسويف، وضعت مؤسسات التصنيف العالمية حكومة بنيامين نتنياهو بين خيارين كلاهما مر بقرار خفض التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال، مع نظرة مستقبلية سلبية لاقتصاد دولة الاحتلال.

الخيار الأول هو، اتخاذ الحكومة خطوات مؤلمة بحق المواطن الإسرائيلي والاقتصاد ومناخ الاستثمار، ومنها زيادة الضرائب، بما فيها ضريبة القيمة المضافة، ورفع الأسعار، بما فيها السجائر والسلع الغذائية، وخفض الدعم للغاز وغيره، وخفض الإنفاق الحكومي والأموال المخصصة للأحزاب الدينية، وإغلاق وزارات وهيئات حكومية زائدة وغيرها من الإجراءات التقشفية التي تطبَّق في حال مواجهة دولة أزمة مالية

اما الاختيار الثاني فهو حدوث خفض جديد في تصنيف دولة الاحتلال، وهو ما يعقد من مهمة الحصول على قروض خارجية، ويضعف ثقة المستثمرين، ويرفع كلفة الاقتراض والدين العام، ويعمق عجز الموازنة العامة التي بلغت مستوى قياسياً حيث تجاوزت 155.2 مليار شيكل (47.1 مليار دولار)، وفق أحدث تقارير المحاسبة العامة لوزارة المالية الإسرائيلية، ويضغط على العملة والبورصة وأسواق المال.

التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران وحلفائها قد تعني إنفاقاً عسكرياً إضافياً كبيراً، وتدمير البنية التحتية وإلحاق الضرر بالنشاط الاقتصادي والاستثماري داخل دولة الاحتلال

حكومة نتنياهو أصيبت بالصدمة من قرار وكالة فيتش العالمية هذا الأسبوع خفض تصنيف إسرائيل الائتماني من إيه + (A+) إلى إيه (A)، مع نظرة مستقبلية سلبية، وذلك على خلفية تنامي المخاطر الجيوسياسية التي تواجه إسرائيل، وهو ما يعني إمكانية خفضه مرة أخرى.

ولذا تحاول تلك الحكومة بكل طاقتها الضغط على أبرز مؤسستي تصنيف في العالم، وهما ستاندرد أند بورز وموديز، لعدم إجراء خفض جديد في تصنيف إسرائيل، وعدم تكرار سيناريو مؤسسة فيتش، وإلا تأزم الموقف الاقتصادي والمالي.

وباتت تلك الحكومة المتطرفة مجبرة حينئذ على اتخاذ خطوات تقشفية، وتطبيق إجراءات مؤلمة لتفادي المزيد من التخفيض، وهو ما يثير غضب الرأي العام أكثر، ويرفع كلفة المعيشة والضرائب والرسوم الحكومية مع صعوبة الاقتراض الخارجي والمحلي وزيادة كلفته.

إسرائيل تعيش حالة عجز مالي مزمن في ميزانيتها العامة بلغ 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الشهور الـ12 المنتهية في يوليو/تموز الماضي، لأسباب معروفة، منها ضخامة الإنفاق العسكري والحكومي، وتردي العديد من مؤشرات الاقتصاد منذ انطلاق الحرب على غزة، وتفاقم عجز الإيرادات من الضرائب وغيرها، وهروب الأموال والمستثمرين، وإلحاق نحو 360 ألف مدني بجيش الاحتلال، وتراجع الشيكل مقابل الدولار، وإغلاق عشرات الآلاف من الشركات الإسرائيلية، وتراجع صادرات الأسلحة، وإفلاس شركات ومنشآت حيوية، منها موانئ، كما حدث في إيلات.

ومن المتوقع أن يواصل الاقتصاد الإسرائيلي نزفه في الفترة المقبلة، مع توقعات بأداء أكثر قتامة وغموضاً جراء توسع دائرة الحرب الحالية إلى جبهات إيران ولبنان واليمن وربما العراق وسورية، وهو ما سيدفع تلك الحكومة نحو محاولة تدبير مزيد من الأموال لتمويل الإنفاق العسكري عبر زيادة الضرائب والتوسع في الاقتراض الداخلي والخارجي.

لكن هذه المهمة ليست بالسهلة في ظل التطورات الأخيرة التي شهدها تصنيف إسرائيل الائتماني وارتفاع منسوب التهديدات الأمنية الحقيقية وربما الوجودية التي تهدد مستقبلها، والهزة المالية والاقتصادية التي تتعرض لها جراء كلفة استمرار الحرب الحالية، والمخاطر الجيوسياسية المتنامية مع طول أمد الحرب واحتمال توسعة رقعتها والدخول في صدام جدي مع إيران عقب اغتيال إسماعيل هنية زعيم حركة حماس وفؤاد شكر القيادي في حزب الله.

بالطبع، فإن التوترات المتزايدة بين إسرائيل وإيران وحلفائها في المنطقة قد تعني إنفاقاً عسكرياً إضافياً كبيراً، وتدمير البنية التحتية وإلحاق الضرر بالنشاط الاقتصادي والاستثماري داخل دولة الاحتلال، كما جاء في تقرير وكالة فيتش الأخير، وهو ما يضغط أكثر على الجميع، الاقتصاد والميزانية والمواطن، وتلك الحكومة العنصرية.

المساهمون