المثل المصري الشهير يقول: "على قد لحافك مد رجليك"، ومثل آخر: "ما يحتاجه البيت يحرم على الجميع"، وإذا كانت موارد الدولة المصرية من سياحة وقناة سويس واستثمارات أجنبية وتحويلات مغتربين باتت تتراجع بشدة في ظل وباء كورونا وتهاوي أسعار البترول واللذين أثرا على كل موارد مصر الستة من النقد الأجنبي، فإن على الحكومة أن تمد رجلها على قدر تلك الإيرادات المحدودة، لا على قدر القروض التي تغترفها من الخارج وأخرها قرض بقيمة 2.77 مليار دولار من صندوق النقد الدولي حصلت عليه أمس الثلاثاء.
وبالتالي لا داعي لأسلوب "الفشخرة" والتباهي والتفاخر بالاستمرار في تنفيذ المشروعات الضخمة التي لا تمثل قيمة مضافة للاقتصاد والمواطن في الوقت الحالي، ولا داعي طبعاً لمؤتمرات شباب العالم وغيرها من المناسبات الدعائية التي تستنزف موارد البلد بلا طائل، ولا داعي للقصور الرئاسية والمقار الحكومية الجديدة خارج القاهرة والتي تستنزف مليارات الجنيهات من موازنة الدولة.
وإذا كانت إيرادات الدولة قد تأثرت بشدة وفقدت نحو 75 مليار جنيه خلال الفترة الماضية، منها 65 مليار جنيه إيرادات ضريبية، وفق ما أعلنه وزير المالية محمد معيط يوم الخميس الماضي، فإن معيط مطالب فوراً بوقف إجراءات الحصول على قرض من الصين بقيمة 3 مليارات دولار لإقامة أكبر ناطحة سحاب وفندق في أفريقيا داخل العاصمة الإدارية الجديدة التي يتم تشييدها خصيصاً للأثرياء وعلية القوم والشخصيات النافذة في الدولة.
كما أن حكومة معيط مطالبة بوقف إنفاق أموال دافعي الضرائب على مشروع النهر الأخضر الذي يشق العاصمة الإدارية الجديدة، وتبلغ تكلفة المرحلة الأولى منه 9 مليارات جنيه.
كما أن الحكومة مطالبة بتجميد قرض مشروع القطار الكهربائي أو القطار المكهرب (السلام ـ العاصمة الإدارية ـ العاشر) والبالغة تكلفة تنفيذه بدون أعمال الصيانة 1.2 مليار دولار.
فإطعام الفقراء وتوفير الغذاء الآدمي لهم أولى مليون مرة من إقامة عشرات الكباري والطرق، ومساندة ملايين الأسر المعدمة والأرامل والمطلقات واليتامى أهم مليون مرة من إقامة أكبر دار للأوبرا في منطقة الشرق الأوسط تقع على 100 فدان، وملء بطون الملايين من الجوعى أهم كثيراً من إقامة المسارح ودور العبادة.
ومساندة طبقة العمال، خاصة الموسمية منها، أهم آلاف المرات من إقامة مقر فخم للبرلمان في عاصمة الأثرياء الجديدة. ودعم القطاع الصحي أهم مئات المرات من إقامة مدينة للفنون والثقافة.
وفي زمن كورونا من الصعب تقبل فكرة استمرار سياسة مد الحكومة يديها إلى جيوب المصريين عبر زيادة الضرائب والرسوم وآخرها رسوم البنزين والسولار، أو أن توجه أموال دافعي الضرائب لتمويل شق نهر اصطناعي في العاصمة الإدارية الجديدة هدفه الأوحد ربما هو إقامة فيلات وقصور للأثرياء على جانبيه.