ما بعد أزمة قناة السويس

29 مارس 2021
صورة بالقمر الصناعي لجنوح السفينة بقناة السويس (Getty)
+ الخط -

أثبتت أزمة توقف الملاحة في قناة السويس عدة أيام، بسبب جنوح سفينة يابانية، للعالم كله أن القناة لا تزال رقما صعبا في نقل التجارة الدولية، حيث لا تزال تنقل 12% منها رغم المنافسة، و10% من إمدادات النفط، ونحو 30% من حركة سفن الحاويات يوميا.

وأنه رغم الحديث عن مشروعات منافسة لقناة السويس سواء برية أو بحرية، إلا أن الحادث الأخير أكد مجددا أهمية القناة كأبرز ممر مائي عالمي، وأنها لا تزال الأرخص في نقل السلع والبضائع وفي مقدمتها الطاقة من نفط وغاز ووقود، وأنه عقب وقوع الحادث الحالي ارتبك الاقتصاد العالمي، خاصة أسواق النفط والسلع والوقود وسلاسل الشحن التوريد وشركات التأمين.
لكن ماذا بعد انتهاء الأزمة؟ 
لا أقصد هنا الفترة التالية للحادث مباشرة، وما يعقبها من مسارعة شركات عالمية إقامة دعاوى قضائية ضد الشركة الملكة للسفينة الجانحة أمام المحاكم تقدر قيمتها بنحو3.1 مليارات دولار لتغطية الخسائر التي تكبدها أصحاب البضائع وسفن شحن البضائع التي تأخرت بسبب أزمة الملاحة الحالية في القناة.

ولا أقصد الصعاب التي ستواجهها الموانئ البحرية الأوروبية وغيرها حيث من المتوقع حدوث اختناقات بها عقب معاودة تدفق سفن الشحن عبر القناة، ولا الصعاب التي ستواجهها سلاسل التوريد العالمية، بخاصة تجار التجزئة الأوروبيون والأميركيون، في ما يتعلق بتوفير المنتجات بسرعة وسعر مناسب إلى حين وصول البضائع المحجوزة على متن السفن المحجوزة قبالة القناة.

لكن ما أقصده هنا هو: هل سيبحث العالم عن وسيلة نقل أخرى تكون بديلا لقناة السويس، أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب، هل ستجدد أزمة الملاحة الحالية في قناة السويس الحديث عن المشروعات المنافسة للقناة المصرية؟
أمس الأحد جاءت الإجابة عن السؤال الأخير من طهران حيث دعا سفير إيران لدى موسكو، كاظم جلالي إلى تفعيل ممر "شمال – جنوب" الدولي بديلا عن قناة السويس، قائلاً إنه يختصر زمن وتكاليف الشحن الدولي بنسب كبيرة، ويجنب الملاحة الدولية أزمات تعطل القناة. ويختصر الزمن حتى 20 يوماً والتكاليف حتى 30% وهو يعد خياراً أفضل كبديل عن قناة السويس في مجال الترانزيت".

رغم الحديث عن مشروعات منافسة لقناة السويس سواء برية أو بحرية، إلا أن الحادث الأخير أكد مجددا أهمية القناة كأبرز ممر مائي عالمي

ومشروع "ممر شمال ـ جنوب" فكرة قديمة تم طرحها قبل سنوات، وهو يربط عاصمة الهند التجارية مومباي بإقليم أوراسيا مترامي الأطراف في قارتي أوروبا وآسيا وتبلغ مساحته 54 مليون كيلومتر مربع. 
ويضم المشروع شبكة متعددة الطرق، تبلغ 7.2 آلاف كيلومتر، من السفن، وسكك الحديد، والطرق البرية، وكان من المخطط أن يتم عبر الممر نقل البضائع، والمرور عبر أراضي الهند، إيران، أفغانستان، أرمينيا، أذربيجان، روسيا، آسيا الوسطى، ثم أوروبا الشرقية. 
وقد وافقت عدة دول على المشاركة في المشروع قبل نحو خمس سنوات، إلى جانب دول الخط الرئيسي، مثل: تركيا، أرمينيا، سلطنة عُمان، كازاخستان، طاجيكستان، قرغيزستان، أوكرانيا، بيلاروسيا، وبلغاريا.

موقف
التحديثات الحية

كما جددت روسيا حديثها عن مشروع طريق بحر الشمال باعتباره بديلا لقناة السويس خاصة في أنشطة نقل النفط والغاز الروسي إلى أوروبا. وقالت وزارة الطاقة الروسية، اليوم الاثنين، إنّ سفينة الحاويات العالقة التي تسد قناة السويس تسلط الضوء على مدى الأمان والاستدامة لمسار الممر البحري عبر القطب الشمالي التابع لها وخطوط أنابيب الطاقة الروسية.
لكن الحديث عن مشروعات منافسة لقناة السويس ليس بهذه السهولة، خاصة أن مشروعات بديلة تم طرحها ولم تر النور، ومثل هذه المشروعات في حاجة لاستثمارات ضخمة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، كما تحتاج إلى سنوات للتنفيذ، إضافة لمواجهتها عقبات لوجوستية مثل طرق الشمال وغيرها.

كما أن المشروعات الحالية المنافسة لقناة السويس لم تشكل خطرا بعد على القناة المصرية، سواء طريق الحرير الصيني أو مشروع القطار الصيني لأوروبا، أو توسعة قناة بنما، أو طريق رأس الرجاء الصالح، أو حتى المشروع المنافس القوي لقناة السويس الذي تتحدث عنه دولة الاحتلال منذ سنوات وتجدد الحديث عنه مع تطبيع العلاقات مع الإمارات.
قناة السويس ستظل لسنوات طويلة شريان النقل العالمي، ولن يستطع منافسوها إزاحتها عن موقعها في نقل التجارة الدولية بسهولة.

المساهمون