الشرقية للدخان، المصرف المتحد، المصرية للاتصالات، فودافون مصر، مصر للألومنيوم، المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي وغيرها.
هذه ليست فقط أسماء لشركات مصرية كبرى تحقق إيرادات تقدر بمليارات الجنيهات سنوياً يذهب الجزء الأكبر منها لخزانة الدولة وتمويل استثمارات عامة من شبكات مياه وصرف صحي وطرق وإنتاج كهرباء، والمساهمة في تمويل الدعم وسداد كلفة الأجور والمرتبات للعاملين في الدولة، بل هي أيضاً أسماء لأصول مصرية باتت في مرمى الأموال الخليجية، إذ يتنافس على شرائها عدد من الصناديق الاستثمارية الخليجية، تحديداً المملوكة لحكومات السعودية وقطر والإمارات.
وكلنا نذكر الصفقات الكبرى التي تمت خلال الأسابيع الماضية والتي بيع بموجبها عدد من درر الشركات والبنوك المصرية للصناديق الخليجية، وفي مقدمتها البنك التجاري الدولي، أكبر بنك خاص في مصر والأعلى ربحية والأكثر تنظيماً والأكفأ من حيث الأنشطة المصرفية المقدمة للعملاء، أفراداً وشركات.
المحصلة أنّ الصندوقين السعودي والإماراتي اشتريا أصولاً مصرية تجاوزت قيمتها 3.1 مليارات دولار خلال الفترة الماضية
ومنذ هروب نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر خلال الربع الأول من العام الجاري، وهبوط الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري وتفاقم أزمة العملة وهناك سباق بين الصناديق الخليجية على شراء شركات مصرية بأسعار رخيصة أو على الأقل مميزة مقارنة بإيراداتها وتدفقاتها النقدية وحجم أصولها.
والمحصلة حتى الآن تشير إلى أنّ الصندوقين السياديين السعودي والإماراتي اشتريا أصولاً مصرية تجاوزت قيمتها 3.3 مليارات دولار خلال الفترة الماضية.
فقد اشترى صندوق أبوظبي السيادي حصصاً مملوكة للدولة في خمس شركات مدرجة في البورصة بقيمة إجمالية بلغت 1.8 مليار دولار في شهر إبريل/ نيسان الماضي.
واستحوذ الصندوق الإماراتي على 20% من أسهم شركة موبكو، و21.5% في أبو قير للأسمدة، و32% في الإسكندرية لتداول الحاويات، كما اشترى حصصاً رئيسية في مؤسستين عملاقتين، هما البنك التجاري الدولي CIB- مصر (17.5%) وشركة فوري للمدفوعات الإليكترونية (11.8%).
ودخل الصندوق السيادي السعودي السباق، إذ استحوذ على حصص رئيسية في أسهم أربع شركات مصرية كبرى مقابل 1.3 مليار دولار.
السيادي السعودي يتفاوض لشراء المصرف المتحد، وأصول أخرى، منها ثلاث صفقات استحواذ كبيرة منها مصر للألومنيوم
لا يكتفي الصندوقان الخليجيان بهذه الصفقات الضخمة، فالصندوق السيادي السعودي يتفاوض أيضاً لشراء المصرف المتحد، وهو بنك تابع للبنك المركزي المصري، كما يتفاوض لشراء أصول أخرى، منها ثلاث صفقات استحواذ كبيرة، في مقدمتها شراء نحو 25% من أسهم شركة مصر للألومنيوم، وشراء حصة كبيرة من أسهم الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي.
الاستثمارات السعودية المتدفقة على أصول مصر تأتي ضمن 10 مليارات دولار تعهد الصندوق التابع لحكومة المملكة بضخها في مصر كجزء من الدعم للاقتصاد المحلي، وتوفير السيولة الدولارية التي تمكن الدولة من سداد أعباء الديون الخارجية وشراء الأغذية والوقود ودعم الاحتياطي الأجنبي.
لا تتوقف خطوات الصندوق السعودي على شراء تلك الأصول المصرية، بل يسعى لشراء شركات تعمل في قطاعات البنية التحتية والعقارات والرعاية الصحية والخدمات المالية والأغذية والزراعة والتصنيع والأدوية.
أما جهاز قطر للاستثمار، الصندوق السيادي القطري، فإنّه بدأ خطوات جدية للاستحواذ على صفقات كبرى في مصر، منها مثلاً شراء 25% من أسهم شركة إيسترن كومباني- الشرقية للدخان، وهناك مفاوضات جارية بهذا الشأن كما كشفت مصادر مصرية.
وفي حال إتمام هذه الصفقة فإنها ستعد واحدة من أضخم الصفقات التي تتم داخل السوق المصرية في السنوات الأخيرة، إذ إنّ الشرقية للدخان هي أكبر منتج للسجائر في منطقة الشرق الأوسط، وتجاوزت إيراداتها 34.4 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام المالي الماضي، 2021-2022، وهو ما يعني أنّ إيراداتها في عام واحد قد تتجاوز 70 مليار جنيه.
في حال إتمام صفقة الشرقية للدخان فإنها ستعد واحدة من أضخم الصفقات التي تتم داخل السوق المصرية في السنوات الأخيرة
لا يتوقف الأمر عند تلك الصفقة، فقد أبدى جهاز قطر للاستثمار رغبته في الاستثمار في قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر والعقارات والتكنولوجيا المالية في مصر.
وقبلها أعلنت قطر عن ضخ استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار في مصر، وفقاً لاتفاق بين الحكومتين في مارس/ آذار الماضي، وهذا المبلغ سيتوزع ما بين استثمارات مباشرة وتأسيس مشروعات جديدة والاستحواذ على أصول قائمة.
وهناك صفقات أخرى تتنافس عليها الصناديق الخليجية الثلاثة، السعودي والقطري والإماراتي، وهي الاستحواذ على جزء من حصة شركة المصرية للاتصالات المملوكة للدولة في شركة فودافون مصر، فجهاز قطر للاستثمار يسعى مثلا إلى شراء 25% من أسهم شركة فودافون مصر.
التوقعات تشير إلى أنّ الحكومة المصرية ماضية في سياسة التوسع في بيع أصول تتجاوز قيمتها 40 مليار دولار على مدى 4 سنوات بحجة جذب استثمارات أجنبية، لكنّ الحقيقة هي للحصول على سيولة دولارية تمكنها من سداد ديون وأعباء مستحقة على الدولة تتجاوز 35 مليار دولار خلال العام المالي الجاري.
ومع التدافع نحو بيع تلك الأصول الضخمة فإن هناك ثلاث أسئلة يجب طرحها، الأول: ماذا سيتبقى من أصول للدولة المصرية في حال بيع كلّ هذه الشركات والبنوك الكبرى والتي تتجاوز قيمتها نحو 800 مليار جنيه مصري أي ما يعادل 40 مليار دولار؟
السؤال الثاني هو: من الذي أوصلنا إلى مرحلة نضطر فيها إلى بيع أصول قيمة بأسعار متدنية وربما برخص التراب مقابل تدفقاتها النقدية الضخمة التي تساهم في سد جزء من احتياجات الموازنة العامة؟
السؤال الثالث: هل يتم قياس بند بيع تلك الأصول الضخمة على إيرادات الدولة والموازنة العامة، وبالتالي تأثيراتها على الخدمات العامة والموازنة والدعم المقدم للمواطن؟