مؤشرات إيجابية على تحسن أداء الاقتصاد الأميركي

13 اغسطس 2021
محل سوبر ماركت في نيويورك (Getty)
+ الخط -

بعد شد وجذب لطرفي الاقتصاد الأميركي، ما بين عودة شهية السفر والخروج للأميركيين بعد إتمام حصول أكثر من نصف المواطنين على جرعتي المصل من ناحية، وتزايد المخاوف من متحور دلتا الذي استأثر بأغلب حالات الإصابة خلال الفترة الأخيرة من ناحية أخرى، استقر معدل التضخم للشهر الثاني على التوالي عند مستوى 5.4% كتوقعات أغلب المحللين، إلا أن كثيرين اعتبروها واحدة من ومضات الضوء التي بدأت تظهر في نفق الاقتصاد.

وأعلنت وزارة العمل الأميركية، الأربعاء، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين، أحد أهم مؤشرات التضخم لدى بنك الاحتياط الفيدرالي، خلال شهر يوليو / تموز الماضي مقارنة بيوليو 2020 ومعدل شهر يونيو 2021 الذي مثل أعلى قفزة في الأسعار منذ أغسطس / آب 2008، وقت احتدام الأزمة المالية العالمية التي ارتبطت بقروض الرهن العقاري ومشتقاتها. وقالت الوزارة إن المؤشر ارتفع بنسبة 0.5% مقارنة بالشهر السابق.
لكن في المقابل تراجع مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الطعام والوقود شديدة التقلب، ليسجل 4.3% خلال يوليو/ تموز مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، بعد أن سجل 4.5% خلال يونيو/ حزيران.

تراجع مؤشر التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الطعام والوقود شديدة التقلب، ليسجل 4.3% خلال يوليو/ تموز

وتسببت البيانات الصادرة في تراجع المخاوف من ازدياد مطرد في معدل التضخم، يخرج به عن سيطرة البنك الفيدرالي، ويزيد من صعوبة استعادة الاقتصاد الأميركي لقوته التي كانت قبل ظهور الفيروس.
واعتبرت سيما شاه، كبيرة الاستراتيجيين لدى شركة إدارة الأصول "برينسبال غلوبال إنفستورز"، البيانات الأخيرة كفيلة بتهدئة مخاوف المستثمرين من كون البنك الفيدرالي متباطئا في التعامل مع التضخم.
وقالت شاه في مذكرة لعملائها "توضح تفاصيل البيانات الصادرة زيادة معدلات إعادة فتح الشركات والمحال، كما زيادة الأسعار بسبب تعثر سلاسل الإمداد، وتشير مبدئياً إلى أن التضخم ربما يكون قد بلغ ذروته، وهو ما يدعم فكرة أن يكون مؤقتاً".

  وبعد إعلان وزارة العمل بياناتها، ارتفعت أسعار الأسهم الأميركية، بقيادة أسهم الشركات التي يُتوقع لها أن تشارك في مشروعات البنية التحتية، والمقدرة بنحو تريليون دولار.

وبعد أن استبعدت أرقام التضخم فكرة إسراع البنك الفيدرالي برفع معدلات الفائدة، واصل مؤشرا الأسهم، داو جونز الصناعي و"إس آند بي 500" تسجيل مستوياتهما القياسية، وإن بارتفاعات تقل عن 1% خلال تعاملات اليوم، بينما ارتفع مؤشر "إس آند بي" لأسهم الشركات الصناعية بنسبة 1.3%، ولأسهم مواد التصنيع بنسبة 1.4%. وحتى الآن، سجلت مؤشرات الأسهم الرئيسية الثلاثة أكثر من 130 إغلاقا قياسيا منذ بداية العام.
ولم تأت أضواء الأمل للاقتصاد الأميركي من بيانات التضخم وحدها، حيث تزامن صدورها مع نشر وكالة بلومبيرغ تقريراً اعتبرت فيه أن أحلك أيام الوباء قد وَلَّت، وأكدت أن بعض أكبر الشركات الأميركية استعادت ثقتها في الاقتصاد، ومن ثم اتجهت إلى زيادة معدلات إنفاقها الاستثماري الذي كان قد توقف تماماً خلال الشهور التي شهدت الإغلاق الكبير لمحاولة الحد من انتشار الفيروس.

شركات كبرى استعادت ثقتها في الاقتصاد، واتجهت إلى زيادة معدلات إنفاقها الاستثماري الذي كان قد توقف تماماً خلال الشهور التي شهدت الإغلاق الكبير للحد من انتشار الفيروس

وقالت الوكالة إن "الشركات غير المالية التي أعلنت نتائج أعمالها الشهر الماضي خفضت مجتمعة حجم السيولة المتراكمة لديها ما تصل قيمته إلى 30 مليار دولار"، بعد أن اتضحت الرؤية بصورة كبيرة فيما يخص عودة الأمور إلى طبيعتها.
وفي لقاء مع تليفزيون بلومبيرغ، أكد جيف وينداو، كبير المحللين بشركة إدوارد جونز للسمسرة والاستشارات المالية، أن الشركات احتفظت بالسيولة العام الماضي لتحسين قوائمها المالية خلال الأزمة، مؤكداً أن الأمور تسير حالياً في اتجاه التحسن، وخاصةً فيما يخص الاقتصاد الصناعي.
وأضاف وينداو "شاهدنا تحسناً في عدد رحلات الطيران، وهو ما سيتم ترجمته في زيادة الطلب على الخدمات المقدمة لتلك الرحلات، كما في عمليات الصيانة للطائرات والمعدات مقارنةً بما كان عليه الحال خلال العام الماضي".

وتزامنت تلك التطورات مع إعلان وزارة الخزانة الأربعاء انخفاض عجز الموازنة في الشهور العشرة الأولى من السنة المالية التي بدأت أول أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي ليسجل 2.5 تريليون دولار، مقابل 2.8 تريليون دولار تم تسجيلها خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وأرجعت الوزارة انخفاض العجز إلى تزايد حصيلة الضرائب لديها بعد عودة الشركات إلى العمل وتحقيق الأرباح. وتُقَدِّر الشركات الأميركية أرباحها ومن ثم ضرائبها، وتدفعها كل 3 شهور، على أن تتم التسوية النهائية نهاية العام.

المساهمون