مؤسسة حقوقية مصرية: "تسليع العدالة" لإرضاء صندوق النقد الدولي

21 ديسمبر 2023
"دعم العدالة": انتهاك حق المواطنين المصريين في الوصول للعدالة والإنصاف (فرانس برس)
+ الخط -

أصدرت مؤسسة دعم العدالة بالمركز العربي لاستقلال القضاء، التي يرأسها المحامي الحقوقي ناصر أمين، مذكرة بدراسة قانونية بعنوان "تسليع العدالة.. انتهاك الحق في الوصول للعدالة"، كشفت خلالها اتخاذ الحكومة المصرية قرارات مخالفة للقانون والدستور بغرض إرضاء صندوق النقد الدولي.

وتناولت المذكرة، التي حصلت "العربي الجديد" عليها، مفهوم الرسوم القضائية والمرجعية الحقوقية للحق في التقاضي والوصول للعدالة. كما تناولت القواعد الدستورية والقانونية للرسوم القضائية، واستعرضت أمثلة من الزيادات غير المشروعة للرسوم القضائية منذ عام 2018، والتي فرضت بقرارات إدارية من رؤساء المحاكم ورؤساء النيابات بتعليمات من الحكومة، بالمخالفة للدستور والقانون، والتي تنتهك حق المواطنين في الوصول للعدالة والإنصاف.

وتضمنت المذكرة رصدا هاما لملف "ممارسات الحكومة في زيادات الرسوم"، جاء فيه أن "رغبة الحكومة كانت واضحة في زيادة الرسوم القضائية، كإحدى وسائل جمع الأموال للخزانة العامة، بعد تبنيها الكامل لبرنامج صندوق النقد الدولي، فلا خدمة دون ثمن حتى لو كان الحق في العدالة نفسه، ذلك الحق المفترض أن يكون مجانيا أو برسوم رمزية"، مبرزة أن "الحكومة حاولت أكثر من مرة سلوك الطريق الطبيعي لزيادة الرسوم، عن طريق تعديل قانون الرسوم بحيث تكون الزيادة دستورية، والمحاولة الأولى كانت عام 2015، بإعداد مشروع قانون مضمونه، وضع طابع دمغة قيمته عشرة جنيهات على كل ورقة قضائية، وواجه هذا المشروع اعتراضات واسعة خاصة من المحامين".

وذكرت المذكرة أن "المحاولة الثانية كانت عام 2018، بإعداد مشروع قانون شامل لتعديل قانون الرسوم القضائية، وقدم المشروع بالفعل إلى البرلمان بعد موافقة مجلس الوزراء عليه، لكن المشروع لم يصدر نتيجة مواجهة نفس الاعتراضات، خاصة أن المشروع جاء في ظل تفاقم الازمة الاقتصادية، وكانت الزيادات المطروحة تشكل عقبة كبيرة أمام حق التقاضي".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأوضحت المؤسسة أن الحكومة لجأت إلى تحقيق هدفها بزيادة الرسوم بطرق خارج القانون، وذلك عن طريق صدور قرارات إدارية من رؤساء المحاكم، ورؤساء النيابات، وفرض تلك الرسوم على المتقاضين بالمخالفة للدستور، وشملت الزيادات فرض رسوم على الكثير من الإجراءات القانونية التي كانت مجانية، وتختلف تلك الرسوم من محكمة لأخرى بحيث يصعب رصدها جميعا.

ورصدت المذكرة أمثلة لأهم تلك الرسوم المفروضة إداريا بالمحاكم وهي رسم التصوير بقيمة 5 جنيهات لكل ورقة، وأصلها طبقا للقانون بقيمة من 30 إلى 50 قرشا بحد أقصي 100 جنيه، وفرض رسوم على مراجعة حوافظ المستندات من 10 إلى 20 جنيها للورقة الواحدة بحسب درجة التقاضي، ورسم بحث في جداول القضايا بقيمة 5 جنيهات، ويزيد الرسم بمعدل 5 جنيهات عن كل سنة من سنوات البحث، ودفع أتعاب المحاماة مقدما بقيمة 75 جنيها عن كل دعوى، وكانت تدفع من خاسر الدعوى طبقا للقانون، وتقدر بالحكم الصادر، ورسم الصور ذات العلامة المائية (المميكنة) وقيمته 5 جنيهات، و2 جنيه رسم تنمية، ويزيد الرسم بحسب سنوات البحث، كما يختلف الرسم من محكمة لأخرى بحسب قرارات رؤساء المحاكم، ورسم بقيمة 7% على دعاوى التعويض التي يحكم برفضها، و"نموذج لرسم الحصول على صورة حكم، يلاحظ إضافة رسم ميكنة 212 جنيها، رغم عدم استخدام الخدمة".

وأوضحت المذكرة أن "أغلب تلك الرسوم كانت مجانية، مثل مراجعة حوافظ المستندات، والبحث في الجداول، وكانت أسهل، وأسرع كثيرا مما هو عليه الوضع حاليا، فقد توافقت زيادة الرسوم مع إجراءات تستغرق الكثير من الوقت الذي لا يحسب في التكلفة، على سبيل المثال، الكشف عن قضية في جدول القضايا كان يستغرق دقائق أما الآن فيستغرق أياما".

وانتهت المذكرة إلى أن زيادة الرسوم القضائية بمصر هي "انتهاك صارخ لحق التقاضي المقر بالمواثيق الدولية، والدستور المصري 2014، ومخالفة صريحة للقانون، وتعد زيادة الرسوم بقرارات إدارية لرؤساء المحاكم والنيابات، غير شرعية، ومخالفة جسيمة للدستور، والقانون، وتمثل انتهاكا لحق الوصول للعدالة، وتمثل تلك السياسة غير المشروعة، انتهاكا لحق الفقراء في التقاضي، بوضع عقبات تحول بينهم وبين الوصول للعدالة والإنصاف القضائي، ويجب على وزارة العدل التحرك الفوري لوقف تلك الإجراءات التي تهدد الاستقرار الاجتماعي".

وأوصت المذكرة أولا بإلغاء كافة الرسوم المفروضة بقرارات إدارية من رؤساء المحاكم والنيابات فورا، وثانيا بوقف صلاحيات رؤساء المحاكم والنيابات، في فرض رسوم على الأعمال القانونية بالمحاكم، وثالثا أن على وزارة العدل الالتزام الكامل بالدستور، والقانون في تطبيق الرسوم القضائية، ورابعا بضرورة تدخل نقابة المحامين لدى وزارة العدل، واستخدام كل الوسائل المشروعة لوقف الزيادة غير المشروعة في الرسوم القضائية.

المساهمون