مؤتمر لتنظيم الطوابير لا عودة اللاجئين

12 نوفمبر 2020
خلال فاعليات انعقاد المؤتمر (Getty)
+ الخط -

 ألزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رئيس النظام السوري بشار الأسد، بعقد مؤتمر اللاجئين، في مسعى لأن تحيّد روسيا قضية اللاجئين عن القرار الدولي وتستأثر بها أو ترعاها، كما فعلت سابقاً بملف المفاوضات واللجنة الدستورية، فتزيد الحرج الدولي لاستعجال الحل وفق "الواقعية" وتفرّغ القرار الأممي 2254 من مضامينه.
وتحصّل روسيا، في الوقت ذاته، بعض الديون التي لم تزل تغدقها على الأسد، وتوقف خسائر غوصها بالوحل السوري، إذ لطالما اعتبرت عودة المهجرين السوريين بداية حتمية لأي حل ومنطلق ضروري للبدء بإعادة الإعمار.
وجاء الإلزام الروسي، في تحديد توقيت المؤتمر الذي آثرت موسكو عقده بمن حضر، رغم غياب الدول المستضيفة للاجئين، تركيا والاتحاد الأوروبي. ويبرز التناقض في ادعاء بشار الأسد استعداد سورية لاستقبال المهجرين الذين تجاوزوا 6 ملايين سوري، رغم عجزه عن تأمين الخبز وحوامل الطاقة لسوريي الداخل.
وأن يعلن الأسد عن حرصه، من منطلق وطني وإنساني، على عودة أبناء الوطن وسط واقع اقتصادي مزرٍ، أوصل البلاد إلى آخر الترتيب العالمي على صعيد الفقر والبطالة والجريمة، فذلك أيضاً سيثير السخرية، حتى من باكستان وفنزويلا المشاركتين في المؤتمر.
بيد أن الوضع الدولي، من إدارة أميركية جديدة واستمرار عضّ الأصابع والمقايضات، بين أنقرة وموسكو وطهران، وبدء تسليط الضوء على الوضع السوري، قبل استحقاق الرئاسة العام المقبل، جميعها أسباب، تضاف إلى طول فترة التدخل الروسي منذ 2015، واستمرار الخسائر، دفعت بوتين إلى تحديد موعد المؤتمر، علّه يأذن بمؤتمر إعادة الإعمار ويكون بداية عصر المكاسب، الجغرافية والاقتصادية.

وفضح ممثلا شركاء الأسد، في موسكو وطهران، ألكسندر لافرنتييف وعلي أصغر خاجي، خلال كلمتيهما بالمؤتمر، أهداف بلديهما من عقد الأخير، ففيما ألمح الروسي إلى جهود بلده لاستعادة البنى التحتية واستعدادها لتقديم مليار دولار، صرّح الإيراني بضرورة إنشاء صندوق دولي لإعادة الإعمار، ما يمحو الشعارات التي رُفعت على جدران قصر المؤتمرات في دمشق، حول الإنسانية والوطنية ووحدة الأراضي السورية.
فإن كان شريكا الأسد بتدمير سورية وتبديد حلم السوريين بالحرية والعدالة، حريصين على عودة السوريين إلى بلادهم، (رغم عدم استضافتهم أي لاجئ سوري خلال الحرب الممتدة لتسع سنوات)، فحريّ بهما وبالشريك المتبجح بالوطنية، أن يفكروا في عودة النازحين من مخيمات الحدود، فهم سوريون أيضاً، وعددهم لا يقلّ عن عدد المهجرين، فضلاً عن فقدانهم كل فرص العيش الكريم وتوقع مزيد من المآسي خلال فصل المطر وتمزق الخيم والغوص في وحل الحرمان.
ولم يخف نظام الأسد هدف التسوّل على وجع السوريين، رغم تبجح رئيس النظام بالوطنية والإنسانية، لا بل رمى أسباب التهجير على الإرهاب، من دون أن يتحمل، ولو جزءاً، من مسؤولية تدمير سورية، أو يستذكر ما قاله مرة على مدرج جامعة دمشق، إن الثورة استمرت سلمية لستة أشهر، أو حتى يفكر في الإفراج عن المعتقلين، رغم أنهم أقرب إلى حضن الوطن، أو يوعز بإزالة الضرائب التي فرضها على من تسوّل له نفسه العودة.
وجاء فضح أهداف الأسد عبر محافظ ريف دمشق، علاء إبراهيم، الذي أعلن بشكل أوضح من الروس والإيرانيين، أنه سيجري استقبال اللاجئين العائدين إلى سورية في مخيمات، لأن عودة اللاجئين تحتاج إلى رأس مال كبير لتأهيل المناطق.

نهاية القول، أنه بات معلوماً لأي متابع، أن خسائر حرب نظام الأسد وحلفائه في موسكو وطهران بلغت بحسب تقارير دولية، منها تقرير اليونسكو، 442 مليار دولار، ونالت من الناتج المحلي والصادرات ومعيشة السوريين، حتى بلغوا أرذل قوائم الفقر والعوز في العالم. لذا، يؤثر الأسد وشركاؤه الحرب ورهن ثروات السوريين ومقدراتهم، على عقد مؤتمر اقتسام كعكة خراب سورية، وإن اضطروا إلى عرض مسرحية عودة اللاجئين، بنص وإخراج وحضور سيّئ.
ومن سوء طالع بشار الأسد، أمس، نشر صورة لجنوده وهم يتنافسون مع المواطنين على الخبز، بالتزامن تماماً مع افتتاح مؤتمر اللاجئين ودعوته السوريين للعودة إلى حضن الوطن والتنعم برغد العيش والكرامة، ما دفع السوريين الذين أجمعوا على أن لا عودة إلا بزوال نظام الأسد، إلى التندر، بعد أن وُسمت سورية في عهد الأسد، ببلد الطوابير لتحصيل أبسط شروط العيش، واقترحوا تغيير اسم المؤتمر، من عودة المهجرين إلى تنظيم الطوابير.

المساهمون